ونقل كاتب المقال، عبد الله العودة، عن شهود عيان قولهم إن الحامد تُرك لساعات في أرضية السجن قبل نقله إلى وحدة العناية المركزة في مستشفى الشميسي بالرياض.
وقال العودة إن الحامد الذي توفي يوم الأربعاء الماضي يُعد من أبرز الإصلاحيين السعوديين بلا منازع، مشيراً إلى أنه كان ناشطاً مخضرماً وأحد المهندسين البارزين للحركة السعودية التي طالبت بتشكيل دستور والانتقال نحو الديمقراطية.
وأضاف أن الحامد ناضل من أجل إجراء إصلاحات سياسية وحقوقية في المملكة، مشيراً إلى أنه وقَّع، إلى جانب مفكرين وناشطين سعوديين كبار، على عريضة في 2003 طالب فيها بالحقوق الأساسية للسعوديين وإجراء إصلاحات سياسية.
وأوضح أنه في إحدى محادثته مع الصحافي جمال خاشقجي، وصف الأخير الحامد بأنه "مانديلا السعودية"، لافتاً إلى أن خاشقجي أعرب عن أسفه لأن قضية الحامد لم تحظ بالاهتمام العالمي الذي تستحقه.
وشدد الكاتب على أن إرث الحامد الديمقراطي سيبقى في المملكة، مثلما حطمت كلمات نيلسون مانديلا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وحسب الصحيفة، فإن الحامد اجتمع ومعه آخرون في 2003 بولي العهد آنذاك عبد الله بن عبد العزيز، الذي ادعى أنه يشاركهم آراءهم وقال للحامد حينها: "رؤيتك هي رؤيتي، ومشروعك مشروعي"، مشيرةً إلى أن السنوات مرت، ومات الملك عبد الله دون أن يفي بوعوده.
وكتب الحامد، في 2003، وثيقة وقَّع على تأييدها 115 أكاديمياً وسياسياً مهتماً بالشؤون الإصلاحية، عنوانها "الإصلاح الدستوري أولاً"، طالب فيه بملكية دستورية إسلامية، وقُدّمت هذه العريضة لولي العهد السعودي آنذاك عبد الله بن عبد العزيز.
واعتبرت السعودية أفكار الحامد على أنها تهديد وجودي للنظام الملكي السعودي. وفي محاولة لإسكات الحامد وزملائه الذين طالبوا بالديمقراطية، حظرت السعودية "جمعية الحقوق المدنية والسياسية"، التي كان قد أسسها الحامد مع مجموعة من زملائه، واعتقلت أعضاءها المؤسسين وجمّدت أصولهم.
وأصدرت المحكمة حكماً بالسجن على الحامد مدة 7 سنوات، قضى منها سنة ونصف في السجن، قبل أن يتولى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم ويصدر عفواً عن المتهمين، ومن بينهم الحامد، الذي امتنع عن مقابلة الملك والسلام عليه كما فعل بقية المتهمين الذين أُعفي عنهم.
واعتُقل الحامد مرة أخرى في عام 2008، نتيجة نشاطه في المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، لكن الحدث الفارق في حياته هو تأسيسه "جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية"، والتي عرفت اختصاراً باسم "حسم" عام 2009، ودعت هذه الجمعية العاهل السعودي إلى تشكيل برلمان حرّ وإجراء انتخابات نزيهة، واكتسبت زخماً كبيراً مع أحداث "الربيع العربي" أواخر عام 2010، لتسارع السلطات السعودية إلى اعتقال مؤسسيها.
وحكمت السلطات السعودية في عام 2013 على الحامد بالسجن مدة خمس سنوات، كما قامت بإعادة تفعيل عقوبة السجن التي صدرت بحقه في عام 2004، ليصبح مجموع أحكام سجنه 11 عاماً، في محاكمة أدانتها المنظمات الحقوقية العالمية لعدم شفافيتها، وحصلت على انتباه المجتمع السعودي، وردّد فيها الحامد، وهو يسمع نطق القاضي بالحكم عليه، "النهر يحفر مجراه".
وتعرض الحامد للمضايقات الصحية والنفسية في سجن الحائر بالرياض، حيث مُنع من العمل على كتبه، كما لم تقدم له السلطات الرعاية الصحية الكافية رغم كبر سنه (70 عاماً)، وهو ما أدى إلى وفاته بعد دخوله في غيبوبة لمدة أسبوعين، وفق ما يقول حقوقيون سعوديون.
وبوفاة الحامد يسدل الستار عن أهم المفكرين الحقوقيين الإسلاميين الداعين للمجتمع المدني في الخليج العربي، حيث ترك الحامد نتاجاً ضخماً من الكتب التي أكدت التوفيق بين الإسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، وكتب عشرات الردود على العلماء الرسميين في البلاد، ومن أهم كتبه "حقوق الإنسان بين الإسلام وغبش الفقهاء والحكام" و"ثلاثية المجتمع المدني" و"الكلمة أقوى من الرصاصة" و"المشكلة والحل".