لم تمحُ سنوات الاحتلال الإسرائيلي الطويلة لفلسطين، ملامح النكبة عن مخيمات اللاجئين التي يقطنها ملايين الفلسطينيين الذين طُردوا من مُدنهم وقراهم الأصلية، إذ بقيت مُحتفظة بالألم الممزوج بحلم العودة. ولا تزال الأزقة والشوارع والبيوت الصغيرة المتلاصقة والمُغطاة بألوان "الزينكو" (الصفيح) شاهدة على النكبة، التي طردت خلالها العصابات الصهيونية الفلسطينيين عام 1948، وأقامت على أنقاض بيوتهم دولة الاحتلال.
تختلف ملامح الحياة في مخيمات اللجوء داخل قطاع غزة عن باقي المُدن، حيث تتميز بكثافة السكان والبيوت المتجاورة، في ظلّ ظروف معيشية غير مُستقرة، إذ كان قصد السكان تلك المخيمات كمحطة مؤقتة، إلى حين عودتهم لأراضيهم المحتلة.
ويتجاوز عدد سكان مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، ويقع إلى الغرب من مدينة غزة على شاطئ البحر، حاجز الـ100 ألف نسمة، ويعود أصل معظم سكانه إلى قرى بربر، حمامة، هربيا، الجورة، الفالوجة، والسوافير. والمخيم هو ثاني أكبر مخيمات اللاجئين في القطاع.
ويحتفظ الستيني محمد كباجة من مخيم الشاطئ بحلم العودة إلى الجورة، وهي بلدته الأصلية التي هُجرت منها عائلته عام 1948، ويشدد على ضرورة رفض "صفقة القرن" (الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية)، وأي مؤامرة تهدف إلى إنهاء قضية عودة اللاجئين إلى أراضيهم المُحتلة. ويرفض كباجة في حديث مع "العربي الجديد"، كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، التي ظهرت علناً من دون مواربة خلال الفترة الأخيرة، موضحاً أنّ العودة إلى فلسطين لن تتحقق إلا بالرفض الفلسطيني والعربي للاحتلال، وأي شكل من أشكال التعامل معه.
وتتشابه المخيمات الفلسطينية في قطاع غزة من حيث الشكل الخارجي، الذي تبدو عليه البساطة ويعكس تواصل المعاناة، وذلك بفعل الظروف المعيشية المتواضعة، والبيوت المهترئة والمُعرضة للانهيار بفعل تقادم الزمن.
المخيم الأكبر في قطاع غزة هو مخيم جباليا، ويقع إلى الشمال الشرقي من القطاع، وعلى مسافة كيلومتر عن الطريق الرئيسي. تحده من الجهة الغربية مدينتا النزلة وجباليا، فيما تحده الأراضي الزراعية والبساتين من جهة الشرق، وتحده من الشمال قرية بيت لاهيا. ويعود أصل نسبة كبيرة من سُكانه إلى بلدات سمسم، اللد، نعليا، أسدود، المجدل، ويافا.
أما مخيم النصيرات الذي يقع وسط قطاع غزة، فيضم أكبر تجمّع للاجئين الفلسطينيين، ويعتبر من المخيمات الكبرى من حيث المساحة وعدد السكان، ويحل ثالثاً بعد مخيمي جباليا والشاطئ. فيما أقيم مخيم البريج بعد عام من النكبة الفلسطينية على مساحة تقدر بنحو نصف كيلومتر مربع.
ويرفض سكان مخيمات اللجوء في قطاع غزة مختلف مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها "صفقة القرن"، التي يعتبرها اللاجئون مؤامرة لإضاعة حقهم في العودة إلى أراضيهم ومدنهم التي هُجروا منها قسراً.
مخيم خان يونس، الذي أنشئ في العام الذي تلا النكبة الفلسطينية، ويقع إلى الشمال من مدينة رفح، يضمّ قرابة 70 ألف لاجئ فلسطيني، فيما يضمّ مخيم الشابورة في رفح بالقرب من الحدود المصرية، ما يزيد على أربعين ألف نسمة، على مساحة لا تتجاوز 15 كيلومتراً مربعاً.
ويُعتبر مخيم المغازي من أصغر مخيمات القطاع، ويتميز بضيق شوارعه وأزقته وكثافته السكانية، مقارنة بمساحته التي لا تزيد على 0.6 كيلومتر مربع. ويقترب منه مخيم دير البلح كأصغر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، إذ تقلصت مساحته إلى 132 دونماً.
وعلى الرغم من مرور سبعة عقود على أحداث النكبة الفلسطينية، إلا أنّ ذاكرة سكان المخيمات ما زالت مزدحمة بذكريات الأرض، التي يحلمون بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عليها والعودة إليها، متمسكين برفضهم لأي اتفاقية تسوية لا تتضمن إنهاء معاناتهم وعودتهم إلى مُدنهم وقراهم وأراضيهم المُحتلة