ونفى عون خلال لقاء عقده اليوم الاثنين مع الهيئة الإدارية لـ"جمعية الإعلاميين الاقتصاديين" في قصر بعبدا أن يكون هدف انعقاد طاولة الحوار العودة إلى حكومة وفاق وطني، مشيراً إلى أنّ "النظام التوافقي يفتقد الديمقراطية في ظلّ غياب ما يُسمّى الأقلية والأكثرية".
ويأتي ذلك في معرض ربط طاولة الحوار بالتمهيد لعودة رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة من بوابة أنه يؤمن الغطاء لـ"حزب الله" بوجه الحصار الدولي، وتحديداً الأميركي مع دخول "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" حيز التنفيذ. وفي الوقت نفسه، هو قادر على إقناع المجتمع الدولي بمساعدة لبنان مالياً واقتصادياً للخروج من أزمته الخطيرة.
وفي سياق المشاورات التي يجريها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، لتأمين حضور جميع القوى السياسية والأطراف المدعوة إلى لقاء بعبدا، استقبل اليوم رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي ينتظر أن يتخذ مع رؤساء الحكومات السابقين موقفهم الرسمي من المشاركة أو التغيب عن الحوار الوطني في الساعات المقبلة.
وقال ميقاتي من عين التينة في بيروت (مقرّ رئاسة مجلس النواب) إنّ "اللقاء في بعبدا سينعقد، لكن كنت أتمنى لو قام الرئيس ميشال عون بمشاورات ثنائية مع مختلف الأقطاب قبل القيام بالحوار".
وأشار إلى أنّ "حوار بعبدا يأتي من دون جدول أعمال وخريطة طريق، وهو حتى الساعة تكرار للبحث في الثوابت الوطنية التي هي أصلاً ثابتة وليست بحاجة إلى تثبيت، ونحن نحترم المقامات، ولكن لا يمكننا أن نخدّر الناس بهذه الاجتماعات".
ويحرص الرئيس ميشال عون ومعه الرئيس نبيه بري على أن يكون الحضور مختلطاً بالألوان السياسية لتعويم اللقاء وإعطائه جرعة دعم محلية بوجه المفاوضات الدولية التي يخوضها، لا أن يقتصر الاجتماع على لون سياسي واحد كما حصل في السادس من مايو/ أيار باستثناء الخرق الذي أحدثه رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع.
من هنا يأتي الإصرار والعمل المستمرّ منذ أكثر من أسبوع على محاولة إقناع الرئيس سعد الحريري بحضور لقاء بعبدا الخميس، لكنّ الأخير يتريّث حتى الساعة في إعلان قراره كما فعل بري ومعه "حزب الله" في حثّ رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي قاطع حوار بعبدا الاقتصادي الأخير للمشاركة شخصياً، وهو ما ألمحَ إليه في لقاءاته الأخيرة في إطار الجولات السياسية التي تسبق الحوار، وتحديداً بعد لقائه بري والحريري.
وأكد فرنجية أن "المصلحة الوطنية تقتضي التفاهم والتضامن من أجل تخطي هذه المرحلة الصعبة". وقال: "الاتفاق في بعبدا يجب أن يكون حقيقياً، وليس شكلياً، وإذا شاركت في لقاء بعبدا أو أحجمت عن المشاركة، ففي الحالتين أرفع رأس الناس الذين أمثلهم".
هذا ما سيبحثه الحوار
وفي وقت حسم فيه رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي يعدّ من خارج محور الثامن من آذار موقفه بالمشاركة في لقاء يوم الخميس، فإنه لن يصدر معظم رؤساء الكتل والأحزاب "المعارضة" موقفهم حتى اللحظة الأخيرة.
في غضون ذلك، هناك مخاوف لدى فريق رئاسة الجمهورية من تغيّب القوى السياسية الوازنة عن الحوار ومقاطعتها الجلسة، وهو ما يضرب مقام الرئاسة الأولى التي وجهت دعوات خطية قبل أسبوع إلى رئيس مجلس النواب ورؤساء الأحزاب والكتل الممثلة في البرلمان، وخصوصاً أنها ستكون الانتكاسة الثانية على صعيد الحوار خلال فترة قصيرة، فسَرَت أحاديث عن إمكان تأجيل الحوار أو إلغائه.
هذا الأمر نفاه مصدر في قصر بعبدا لـ"العربي الجديد"، وأكد أنّ عجلة الاتصالات رُفعت إلى أقصى درجة من أجل إنجاح حوار الخميس الوطني.
ويقول المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحوار "سيبحث أولاً وبشكل رئيسي الوضع الاقتصادي والحلول الممكنة للخروج من الأزمة الراهنة التي تشتدّ يوماً بعد يوم، وسبل الحصول على مساعدات دولية، سواء من صندوق النقد الدولي أو الجهات المانحة".
وأضاف أنه "سيجري التطرق إلى ضرورة التعاون بين جميع الأفرقاء السياسيين من أجل إنقاذ لبنان ووضع المناكفات السياسية جانباً، لأن الوضع لا يحتمل التلهي في الصراعات والنزاعات الثنائية أو الثلاثية التي لا تصبّ في مصلحة الوطن والمواطن".
وقال الرئيس ميشال عون اليوم بشأن إمكانية تحقيق الإصلاح وتأمين حياة كريمة للبنانيين لكسب ثقة المجتمع الدولي، إنه "منذ توليه سدة الرئاسة نبّه إلى العديد من الأسباب التي أدت إلى وصولنا إلى الحالة التي نعيشها اليوم، وإذا كانت هناك أسباب اقتصادية خارجية عاصية علينا كدولة لحلّها، فإننا نرى أن الأسباب الداخلية نستطيع حلّها. فالنظام الحالي غير ملائم، ولا سيما في ظل إمكانية تعطيل تنفيذ أي قرارات متخذة، إضافة إلى غياب المحاسبة".
وشدد الرئيس عون على أنه يتحمّل كامل مسؤولياته كرئيس للجمهورية بهدف إيجاد الحلول اللازمة، "إلّا أن المجتمع لا يساعد على ذلك، فهو ينتقد، وفي المقابل لا يقدم المساعدة المطلوبة"، على حدّ قوله.