وصلت قوة عراقية خاصة تتبع جهاز مكافحة الإرهاب، إلى معبر القائم، الحدودي مع سورية، وذلك بعد ساعات من تصريحات لرئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أقر فيها بتسلط جماعات مسلحة ومليشيات على منافذ البلاد الخارجية، بما يمنع الاستفادة من كامل عائداتها المالية.
وقال قائممقام مدينة القائم، أحمد المحلاوي، إن القوة التي وصلت ستتولى مهمة الأمن في المنفذ الحدودي العراقي مع سورية، مبينا في تصريح لوسائل إعلام محلية أن القوة التي "وصلت إلى المنفذ ستتولى مهمة مراقبة عمل المنفذ بأمر من القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي".
وأفاد المسؤول ذاته أن القوة ستمنع أية تدخلات يمكن أن تعرقل عمل المنفذ الحدودي، مؤكدا أن الساعات المقبلة ستشهد وصول قوة كبيرة أخرى مماثلة إلى مدينة القائم، لبسط الأمن بالمدينة الحدودية.
وتوعد رئيس الوزراء العراقي، اليوم الخميس، بإطلاق حملة قريبة للسيطرة على المنافذ الحدودية، مبينا خلال حديث للصحافيين أن "هناك حملة ستنطلق ضد عصابات وأصحاب نفوذ تسيطر على المنافذ الحدودية لرد الاعتبار والقضاء على الفساد داخلها".
وشدد على أن "الحكومة لن تسمح لأي طرف بتهديد العراق وأمنه، ونرفض المغامرات الخارجية في البلاد"، مشيراً إلى أنه "سيتم إجراء تغييرات في مواقع الدولة، وهناك أطراف ستتضرر". وتوقع الكاظمي أن يؤدي ذلك إلى أن تتعرض حكومته إلى "حملات تسقيط"، قبل أن يضيف قائلا إن "وقت إنجاز التحديات الاقتصادية قد بدأ الآن، وأولوياتنا هي التوزيع العادل للثروات، وعدم تعويض بعض العراقيين على حساب الفقراء".
في السياق قال مسؤول عراقي في بغداد، رفض الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إن منفذ القائم من بين ستة منافذ دولية برية للعراق مع الجوار واقعة تحت سطوة جماعات ومليشيات مسلحة، بعضها مسنودة من جهات سياسية مختلفة، وتتورط بعمليات تلاعب في الرسوم الجمركية وإدخال بضائع مخالفة للمواصفات.
وأوضح أن الخسائر السنوية جراء هيمنة جهات مسلحة على المنافذ البرية مع دول الجوار الست، والبحرية في البصرة على مياه الخليج العربي، تكبد البلاد خسائر كبيرة وتحرمها من مورد مالي مهم، كاشفا أن الأيام المقبلة ستتولى قوات أمن خاصة الوصول إلى البصرة، لمراجعة وتدقيق أوضاع الموانئ البحرية، بالتزامن مع إجراءات مماثلة في منافذ حدودية مع إيران.
والسبت الماضي تسبب إعلان اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن سرقة 190 مليار دينار شهريا من منفذ واحد من المنافذ البرية للعراق بموجة جدل واسعة في البلاد.
وقال مقرر اللجنة، النائب حنين قدو، إن أحد المنافذ الحدودية تصل وارداته إلى 199 مليار دينار شهريا لم تتسلم الحكومة منها سوى 9 مليارات دينار، و190 مليار دينار تقسم بين المحافظين وشيوخ العشائر وبعض الجهات الحزبية، مضيفا أن "الإيرادات التي تسجل بشكل رسمي للمنافذ الحدودية غير حقيقية ويتم سرقتها دون أي محاسبة". ودعا الكاظمي إلى إرسال جهاز مكافحة الإرهاب لجميع المنافذ الحدودية "للسيطرة على سرقة الأموال، والاستفادة منها في تمويل الموازنة الاتحادية".
من جانبه قال عضو البرلمان، كاظم الصيادي، إن هناك عوائل معروفة تسيطر على المنافذ الحدودية، والحكومة تعلم بذلك، مضيفا في تصريحات صحافية أن السياسة المالية في الدولة فاشلة، والاقتراض الخارجي هو انهيار لمنظومة المجتمع السلمي المستقبلي. وأضاف أن "هناك أكثر من 64 منفذا حدوديا بين الرسمي وغير الرسمي، وتأتي منها مليارات الدنانير وتمر عبرها المواد الفاسدة المسرطنة، والحكومة تعلم بها"، مشيرا إلى أن "أغلب تلك المنافذ تسيطر عليها عوائل معروفة".
ويؤكد مراقبون أن بدء الحكومة بمعالجة الأوضاع في منفذ القائم الحدودي مع سورية قد يكون هدفه رسائل تحذير للجهات المسلحة التي تتسلط على منافذ برية أكثر أهمية، حيث يبلغ معدل التبادل التجاري من خلالها عشرات ملايين الدولارات يومياً.
وقال الخبير بالشأن العراقي، أحمد الحمداني لـ"العربي الجديد"، إن منفذ القائم عمليا هو أقل منفذ بري عراقي من حيث الحركة التجارية فيه وتكاد تكون بسيطة جدا، لكن بدء الحكومة به قد يكون رسالة تحذير للجهات التي تتواجد في منافذ أخرى مثل منافذ بدرة ومندلي والشيب والشلامجة وغيرها مع إيران.
ورجح أن تضيف حكومة الكاظمي بمفاوضاتها مع الوفد الرسمي الكردي من إقليم كردستان العراق ملف المنفذ الحدودي مع تركيا، وضبط عائداته أيضا.