أُعلن في السودان، مساء اليوم الأحد، عن مقتل ثلاثة متظاهرين خلال الاحتجاجات الرافضة للانقلاب العسكري في إطار "مليونية 2 يناير/كانون الثاني".
وأعلنت "لجنة أطباء السودان"، مساء الأحد، مقتل مواطن سوداني، إثر إصابة عنيفة مباشرة في الرأس من قبل قوات الأمن، أدت لـ"تهتك الجمجمة"، وذلك خلال "مشاركته في مليونية 2 يناير/كانون الثاني في مواكب محلية الخرطوم".
كما كشفت لجنة أطباء السودان المركزية، في أعقاب ذلك، عن مقتل متظاهر ثانٍ في مواكب الأحد بمدينة أم درمان غرب الخرطوم.
وذكرت اللجنة، في بيان نشرته على صفحتها بـ"فيسبوك"، أن القتيل سقط إثر إصابة برصاص في الصدر من قبل القوات الأمنية.
وفي وقت لاحق، قالت لجنة أطباء السودان المركزية إن متظاهرا ثالثا لقي مصرعه في مواكب الأحد. وذكر بيان من اللجنة أن القتيل الثالث سقط إثر إصابته بالرصاص الحي من قبل قوات الأمن في الصدر خلال مشاركته في مليونية 2 يناير بمواكب محلية أم درمان أيضا.
وبهذا يرتفع عدد القتلى منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول إلى 57، بينهم 15 سقطوا عقب الاتفاق السياسي بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
من جانبه، ناشد "تجمّع المهنيين السودانيين" الأطباء والجراحين والممرضين التوجه لمستشفيات مدينة أم درمان والمستشفيات الأخرى بالعاصمة لإسعاف المصابين في مليونية 2 يناير، وتقديم الخدمات الطبية اللازمة.
وأوضح التجمّع، في بيان على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك"، أن قوات الأمن التابعة للمجلس العسكري و"غطاءه المدني" واصلت "حملاتها الهمجية والانتقامية في مواجهة الثائرات والثوار السلميين العزل في مليونية 2 يناير بأم درمان على وجه الخصوص وبحري والخرطوم، وأن التقارير الميدانية تشير إلى ارتقاء شهيدين بمدينة أم درمان، وسقوط أعداد كبيرة من الجرحى والمصابين".
توافد آلاف السودانيين، اليوم الأحد، إلى منطقة وسط الخرطوم، للمشاركة في المواكب المتجهة إلى محيط القصر الرئاسي للضغط على العسكر للتنحي عن السلطة، وسط انتشار أمني كثيف وإطلاق الغاز المسيل للدموع وتعطل خدمات الإنترنت.
وأغلق المتجمعون طرقاً رئيسة وحملوا أعلام السودان، ورددوا هتافات مناهضة لقادة الانقلاب العسكري، وفي مقدمتهم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
وتُعد مواكب اليوم هي الثالثة عشرة من نوعها منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومنذ تاريخ الانقلاب، قتل ما لا يقل عن 56 شخصاً بواسطة قوات الأمن، بحسب لجنة الأطباء المركزية.
وفي جولة لـ"العربي الجديد" بالقرب من محيط القصر الرئاسي، رُصد انتشار واسع لقوات الشرطة والقوات الأمنية الأخرى، كما أغلق طريق القصر المؤدي إليه.
وبحسب ما رصد "العربي الجديد"، فقد تمركزت وحدات من الشرطة بالقرب من كلية الطب في جامعة الخرطوم لمنع وصول المحتجين إلى القصر، فيما بدت شوارع وسط الخرطوم شبه خالية من المارة.
غموض مصير حمدوك
سياسياً، ما زال الغموض يكتنف مصير بقاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بعد عزمه الاستقالة من منصبه.
وطبقاً لمصادر لـ"العربي الجديد"، فإن محاولات محلية ودولية تستمر أياماً لإثنائه عن الاستقالة.
وتشير المصادر إلى أن أي تعامل عنيف مع تظاهرات اليوم قد يعجل باستقالة حمدوك، الذي يرفض بشدة العنف تجاه المتظاهرين السلميين.
وصباح الأحد، أغلقت قوات الأمن السوداني طرقاً في محيط القيادة العامة للجيش في العاصمة الخرطوم، ونشرت تعزيزات أمنية قبيل انطلاق الاحتجاجات بدعوة من "تجمع المهنيين" و"لجان المقاومة" للمطالبة بالحكم المدني الديمقراطي.
وشهدت المناطق المقابلة لمقرات الوزارات والمقار الحكومية الاستراتيجية وسط الخرطوم انتشاراً واسعاً لقوات الأمن.
وتواصلت، منذ بعد ظهر اليوم، مواجهات عنيفة طابعها الكر والفر بين المحتجين وقوات الشرطة السودانية، استخدمت الأخيرة خلالها القنابل الصوتية وعبوات الغاز المسيل للدموع، فيما يستخدم الشبان السودانيون الحجارة ورد عبوات الغاز للشرطة.
ونقل على وجه السرعة عشرات المصابين إلى العيادات الميدانية التي أقامها الأطباء للتعامل مع الإصابات، ونقل البعض إلى المستشفيات القريبة التي لم تسلم هي الأخرى من عبوات الغاز.
وتمكن المشاركون في الموكب الرافض للانقلاب العسكري من الاقتراب من محيط القصر الرئاسي قبل أن تصدهم الشرطة، ليتواصل الكر والفر بحي السكة حديد القريب ومنطقة أبراج النيلين وموقف شروني.
واستنكر مشاركون في المواكب، استطلعهم "العربي الجديد"، العنف المفرط لقوات الشرطة ضد المتظاهرين.
وقال مهند علي إن الخرطوم تحولت إلى ساحة معركة حقيقية بين القوات الانقلابية والمتظاهرين السلميين، وأكد أنه شخصياً غير راغب في التراجع إلى الخلف حتى سقوط النظام العسكري.
واستهجن المتظاهر أحمد سيف الدين توجيه القوات الأمنية أسلحتها تجاههم بدلاً من محاصرة المليشيات التي تسيطر على الخرطوم، وأكد أن مصير الانقلابيين هو السجن جنباً إلى جنب مع رموز النظام البائد.
تعطل خدمات الإنترنت
وأكد مراسل "العربي الجديد" تعطل خدمات الإنترنت في عموم العاصمة، كما قطعت خدمات الاتصالات الهاتفية.
وكانت تظاهرات مماثلة قد نظّمت في كل من مدن بورتسودان ورفاعة ونيالا ودنقلا وعطبرة ومدن أخرى، من دون ورود تقارير حول انقطاع خدمة الإنترنت والاتصالات الهاتفية.
إغلاق 4 جسور في الخرطوم
وأغلقت السلطات السودانية، السبت، 4 جسور من أصل 10 بالعاصمة الخرطوم تفاديا لوصول المتظاهرين إلى محيط القصر الرئاسي.
والسبت، دعا "تجمّع المهنيين السودانيين"، (قائد الحراك الاحتجاجي في البلاد) و"لجان المقاومة" إلى تظاهرات اليوم الأحد تحت شعار "الوفاء للشهداء"، تنديداً بالاتفاق السياسي الموقع بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وللمطالبة بالحكم المدني.
وفي وقت سابق السبت، دعا مجلس السيادة السوداني إلى معالجة الأزمة الراهنة في البلاد عبر "الحوار والتوافق، للخروج برؤية موحدة وتسريع تشكيل حكومة التكنوقراط".
وأعلنت "لجنة أطباء السودان المركزية"، أمس السبت، عن ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات إلى 54 قتيلاً منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قبل مقتل متظاهرين اليوم الأحد.
وقالت اللجنة (غير حكومية)، في بيان، إنّ عبد الله عباس (23 عاماً) توفي، السبت، متأثراً بإصابته برصاصة خلال مشاركته في تظاهرات 30 ديسمبر/كانون الأول في أم درمان، وهي إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة الخرطوم.
من جهتها، طالبت الخارجية الأميركية الجيش السوداني بوقف استخدام القوة المميتة ضد المحتجين والتحرك لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
We urge the Sudanese authorities to take immediate control of the situation and hold accountable those responsible. (2/2)
— US Embassy Khartoum (@USEmbassyKRT) December 30, 2021
ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات رداً على انقلاب عسكري نفذه البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وعزل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، واعتقال مسؤولين وسياسيين.
ورغم توقيع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تضمن عودة الأخير إلى منصبه وتشكيل حكومة كفاءات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، اعتبرت قوى سياسية الاتفاق "محاولة لشرعنة الانقلاب"، وتعهدت بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق "الحكم المدني الكامل" خلال الفترة الانتقالية.