Secret in Their Eyes: فوضى في السرد وضعف درامي

12 ديسمبر 2015
مخرج النسخة الارجنتينية خوان خوسيه كامبانيلا والأوسكار (Getty)
+ الخط -
من الصعب جداً عند التعرض لفيلم مقتبس عن فيلم آخر، خصوصاً إذا كان بشهرة ونجاح الفيلم الأرجنتيني The Secret in Their Eyes عام 2009، أن تتجاوز العلاقة مع العمل الأصلي، وخصوصاً أنه منذ 6 سنوات فاز الفيلم الأرجنتيني بأوسكار أفضل فيلم أجنبي، وصار واحداً من أكثر الأفلام غير الأميركية شعبية خلال العقد، استفاد جداً من الدمج المتوازن بين كونه فيلم إثارة وتحقيق في جريمة قتل، وبين الخط الرومانسي القوي الذي يحرك أبطاله.
يبدأ الفيلم بنسخته الأميركية بالمحقق راي وهو ينظر لصور متعددة على الكمبيوتر عام 2015، قبل أن يعود لمكتب التحقيقات ونفهم من مسار الحوار أنه يريد فتح قضية مضى عليها 13 عاماً، لنعود عن طريق الفلاش ــ باك إلى تفاصيل ذلك العام، بدءاً من حضور زميلته "كلير" إلى العمل وشعوره بالحب ناحيتها، ووصولاً لجريمة الاغتصاب والقتل لفتاة تدعى "كارولين".. ابنة المحققة جيس كوبر.. زميلة راي في العمل وصديقته الأقرب.
يحاول الفيلم من البداية صنع توازن وسرد متواز بين الزمن الحاضر (2015) وبين زمن الجريمة (2002)، وخلق صلة دائمة بين البحث الحالي والبحث السابق، بالإضافة إلى فلاشات ــ باك أخرى أقدم من 2002 لدعم العاطفة التي تجمع بين الأم "جيس" وابنتها المقتولة، أو بين "راي" نفسه والقتيلة، هذا التنقل بين أعوام كثيرة خلق "فوضى" حقيقية في السرد، لم يستطع المخرج والكاتب بيلي راي خلق توحد بين الفيلم والمشاهد في مسار محدد، وفي نفس الوقت لم يضف المونتاج المتوازي للحكاية أو لإثارة الفيلم، على العكس.. كان أمراً مشتتاً أحياناً لعدم وجود اختلافات بصرية كبيرة –سواء في الأماكن أو أشكال الممثلين- بين الزمنين.
بالإضافة إلى ذلك لا يستطيع الفيلم أبداً سد الفجوات الدرامية العنيفة في الكتابة، وهي فجوات في صلب الحكاية نفسها، على سبيل المثال ما الذي دفع "راي" للبعد عن "جيس" طوال 13 عاماً؟ ماذا كان يفعل أصلاً خلال هذا الوقت الطويل بعيداً عن العام الأخير الذي جلس فيه لينظر في وجوه المجرمين بطول الولايات؟
الفجوة الأكبر تتعلق بالبعد السياسي للحكاية، صحيح أنه هو الآخر كان اختياراً ذكياً من "بيلي راي"، عن هيستريا الوطن والجماعة عند المحن الكبرى، واحتمالية التضحية بحق فردي في مقابل الحفاظ على الأمن والسلم العام، نقطة قوية فعلاً.. ولكن "بيلي راي" في ظل تشتت الفيلم لم يدعمها بما يكفي، ما هو المنطق أنه في ظل الانفتاح الإعلامي الحالي أن تتستر الحكومة والسلطة على (مخبر) في أحد المساجد حتى مع اتهامه بالقتل والاغتصاب؟ لماذا لا يدفع بطل الفيلم بالحكاية نحو الإعلام أو إلى مسؤولين أكبر بدلاً من الاستقالة؟ أو لماذا لم يخلق الفيلم منطقاً أكثر قوة لأهمية القاتل أكثر من كونه مخبراً؟ الأمر بدا ضعيفاً جداً، خصوصاً مع ظهور المسؤولين الأميركيين (ألفريد مولينا ومايكل كيلي) كاثنين من الأغبياء..
في تقديري أن جزءاً من تشتت هذا الفيلم أتى من انقسامه بين (الولاء للفيلم الأصلي) أو (خلق مسار مختلف)، لذلك يحتفظ مثلاً بالخط العاطفي، الذي يظهر هنا باهتاً جداً وغير مؤثر في الحكاية كلها، بل ويثقل الفيلم خصوصاً مع أداء ضعيف وبارد لنيكول كيدمان تجاه شخصية مسطحة تماماً من البداية، وأداء وانفعالات متكررة من "تشيوتيل إيغوفور" تشعرك دائماً أنه على وشك البكاء دون سبب، ولو كان بيلي راي قد أخلص لسرد فيلم عن (الهيستريا الوطنية) والصراع فيه بين الفرد والسلطة.. ربما كان ذلك أقوى كثيراً وجعل الشخصيات ذاتها أكثر عمقاً والحدث أكثر أهمية من كل ذلك.
وعكس كل شيء، تأتي النقطة الوحيدة المضيئة في هذا الفيلم هي أداء صادق وحقيقي جداً من جوليا روبرتس. هي العنصر الوحيد الذي يمنح الحكاية دفعة عاطفية ووصلاً مع المتفرج.

اقرأ أيضاً: أكثر 10 أفلام دخلاً في التاريخ

المساهمون