أجبر سكان مدينة الرقة، شمال سورية، على التكيف مع الأزمات التي يمرون بها، وفي مقدمتها أزمة الغاز التي يشتكي منها أيضا الأهالي في ريف المحافظة الخاضع لسيطرة قوات سورية الديمقراطية، إضافة لأزمة المياه، التي لا يجدون لها مبررا حقيقيا من قبل الجهات المسؤولة.
محمد العبد الله، من سكان حي الدرعية، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن عدم توفر أسطوانات غاز الطهي المنزلي دفع الأهالي لاستخدام "بابور الكاز"، وهم يعتمدون عليه بالدرجة الأولى في المدينة، ولا يخلو استخدامه من مخاطر، حيث يتعرض للانفجار وقد تخرج ناره عن السيطرة في أي وقت، وأشار إلى أن فتاة من سكان الحي توفيت بعد احتراقها به قبل عدة سنوات.
وبالنسبة لمياه الشرب، أكد المتحدث أن المياه التي تضخّ للمنازل عبر الصنابير تكون ملوثة بالأتربة في أغلب الأحيان، أما الطوابق العلوية في المدينة فلا تصلها المياه إلا عن طريق تشغيل مضخات.
بدوره، قال المواطن إياس دعيس، لـ"العربي الجديد": "إنّ أزمة الغاز غير مسبوقة في الرقة، والبديل بالنسبة للأهالي في الوقت الحالي هو (البابور) الذي يعمل على الكاز، نظرا لتوفره على البسطات والمحلات عن طريق قسيمة يتم الحصول عليها من مجلس الرقة، وتمنح المواطن كل شهر 10 لترات، ويوزع عن طريقها الغاز وغيره". وأضاف "يوم أمس كان هناك توزيع في المدينة، غير أنّ الكثير من المواطنين لم يتمكنوا من الحصول على حصتهم".
وتابع دعيس "أسطوانة الغاز متوفرة في السوق السوداء، والقسيمة تتيح الحصول على واحدة في الشهر، ولا يتم ذلك إلا بعد التسجيل عليها. هناك فساد يلف موضوع التوزيع أيضا يحرم الأهالي من الحصول على الغاز، ودائما يكون العذر بأن هناك عطلا في الأسطوانة وما إلى ذلك".
وبيّن أن الأهالي في الريف عاجزون عن شراء الكاز، ويطهون طعامهم على الحطب، وهذه العوائل في الغالب فقيرة وبيوتها مدمرة، كما أنّ أزمة المياه تتكرر دائما في الرقة وريفها، وهناك العديد من المبررات لدى الجهات المعنية، منها أن المنظمة المسؤولة عن تشغيل مضخات المياه ليس لديها وقود كاف لتشغيلها، أو أن منسوب المياه منخفض، بالإضافة لانقطاع المياه بسبب الريّ. أحيانا يمر يوم كامل من دون ماء في المدينة".
وفي مدينة الطبقة، التي تعد واحدة من أهم مدن محافظة الرقة، يعاني الأهالي أيضا من الأزمات ذاتها التي تعاني منها معظم مناطق المحافظة، في مقدمتها أزمة المياه التي بات من الصعب الحصول عليها، إضافة لأزمة الغاز المنزلي، في الوقت الذي أنهك فيه تقنين الكهرباء السكان.
ويشير الأربعيني عبد الرحمن محمد، وهو أحد سكان المدينة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه قبل حلول رمضان مرت المدينة بأزمة كهرباء، حيث كانت التغذية بالكهرباء تصل لثلاث ساعات يوميا، لكن خلال أيام من شهر الصيام قلّت ساعات التقنين بشكل ملحوظ. وأضاف "في الوقت الحالي هناك مشكلة المياه التي يشاع أن سببها انخفاض منسوب نهر الفرات".
وبالنسبة لأزمة الغاز المنزلي، قال: "نطهو كمية محددة من الطعام تكفينا فقط ليومنا، كونه لا مجال لتشغيل الثلاجة وحفظ الطعام بسبب ساعات التقنين، الأمر الذي يفسد الطعام، والبابور أيضا وسيلة رديفة للكهرباء".
وأردف الأربعيني: "نحن مجبرون على التأقلم مع كافة الظروف والأزمات التي نمر بها، سواء أزمة المياه أو الكهرباء والغاز المنزلي. 10 سنوات كانت كافية لإجباري وإجبار كثير من السوريين على التعايش مع الواقع المفروض. نرجو أن تزول هذه الأزمات ونعيش في حالة من الاستقرار والراحة نوعا ما، لكن أظن أن الأمر قد يطول".
ويعزو أهالي مناطق الرقة الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)، الأزمات فيها لتفشي الفساد وسوء الإدارة في معالجة المشاكل التي يعيشونها، خاصة في مجال البنى التحتية، لا سيما أن العديد من الدول تقدم دعمها لمواجهة الأزمات منذ إنهاء سيطرة تنظيم داعش عليها عام 2017.