كسرت الفلسطينية نائلة أبو جبة (39 عاماً) الصورة النمطية المعتادة للمهن التي تعمل فيها الفلسطينيات في قطاع غزة، بعد أن قرّرت تأسيس مكتب خاص بسيارات الأجرة، مخصّص لنقل النساء فقط.
وتعمل أبو جبة بسيارتها الخاصة، وهي تستقبل اتصالات زبوناتها للتوصيل خلال فترة العمل اليومية التي تبدأ من ساعات الصباح الباكر وتنتهي مع بدء حظر التجوّل اللّيلي في غزة، في ظلّ جائحة كورونا.
وتستقبل نائلة، التي تتكفّل بتوفير احتياجات عائلتها المكوّنة من 7 أفراد، الاتصالات من السيدات الراغبات في الذهاب لقضاء ارتباطاتهن اليومية أو المناسبات العائلية مثل الأفراح وحفلات الخطوبة وغيرها.
وتستخدم أبو جبة مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الزبائن، من أجل عرض فكرتها والتوسّع في مشروعها الذي أطلقته نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد فترة من التفكير واستطلاع آراء المحيطين.
وتعمل نائلة على ترويج فكرة مشروعها باستخدام موقعي فيسبوك وإنستغرام، بالإضافة إلى تطبيق "واتساب"، عدا عن وسائل الترويج التقليدية من خلال طباعة بعض المنشورات ونشرها في الأماكن التي ترتادها السيدات.
وتقول أبو جبة لـ "العربي الجديد" إنّ التوجّه نحو تأسيس مكتب سيارات مخصّص لتوصيل السيدات في غزة، جاء نظراً لحاجتهنّ إلى مثل هذه المشاريع، خصوصاً في أوقات المناسبات ولسهولة التنقّل والحركة، حال كان السائق سيدة مقارنة فيما لو كان رجلا.
وتضيف أنها بدأت التفكير في المشروع بشكل جدي، خلال تواجدها عند "الكوافير"، إذ اكتشفت حاجة السيدات لمشروع متخصّص يعمل على توصيلهن بطريقة تريحهنّ وتراعي التقاليد المجتمعية.
ولا ترى في مشروعها الذي أنشأته باجتهادٍ شخصي، أيّ تعارض مع النظرة المجتمعية، كونه لا يكسر عادات أو تقاليد أو معتقدات دينية، بالإضافة إلى أنه يساهم في توفير سبل الراحة للسيدات، لا سيما في أوقات المناسبات.
ووفقاً لأبو جبة، فإنّ المشروع لاقى منذ انطلاقه، ترحيباً من شريحة واسعة من المحيطين ومن السيدات اللواتي تعاملن معها، بالرغم من أنّ طلبات التوصيل ليست كثيرة هذه الأيام، نظراً لتفشي فيروس كورونا وفرض حظر التجوّل الليلي.
ولا تخفي أبو جبة أنّ المشروع يهدف إلى توفير عائد مادي لها، يساهم في توفير جانب من متطلّبات الحياة اليومية لها ولعائلتها، في ظلّ تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، خصوصاً في صفوف السيدات.
ووفقاً لإحصائيات شبه رسمية، فإنّ معدل البطالة بين النساء في غزة ارتفع بشكل ملحوظ، وزاد بنسبة 16 بالمائة خلال العامين الماضيين، ليقترب اليوم من 90 بالمائة، في وقت تزيد فيه نسبة البطالة العامة عن 54 في المائة، في صفوف المجتمع الفلسطيني في غزة.
واختارت أبو جبة اسم "تاكسيات المختارة" لمشروعها، لأن "المختارة" لقب لازمها منذ سنوات عدّة، وهي تطمح خلال الفترة المقبلة إلى توسيع المشروع ليوفّر فرص عمل للسيدات.
وأضافت أنّه في الفترة الأخيرة اتصل عدد من السيدات بها، بما في ذلك صديقات لها يمتلكن سيارات، طلبن العمل معها في "تاكسيات المختارة"، الأمر الذي عكس لها نجاح الفكرة وتقبّل المجتمع لها، لأنها مرتبطة بالسيدات بشكلٍ حصري.
ودفع تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية ووصول نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى نحو 70 في المائة، بالعديد من السيدات، نحو تأسيس مشاريع ريادية، كسرت بعضهن من خلالها القوالب المجتمعية المعتادة عن طبيعة الأعمال الخاصة بالنساء.