"تعليم جيد وشامل للجميع"، تحت هذا العنوان تحيي الأمم المتحدة اليوم العالمي للتوعية بالتوحّد الموافق في الثاني من إبريل/ نيسان، هذا العام. وتهدف هذه المناسبة منذ إقرارها في عام 2007، إلى تسليط الضوء على الحاجة إلى المساعدة في تحسين نوعية حياة الأشخاص الذين يعانون من التوحّد حتى يتمكّنوا من العيش حياة كاملة وذات مغزى كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
وفي رسالته بهذه المناسبة، شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على أنّه "يتعيّن علينا العمل لضمان أن تكون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ووجهات نظرهم ورفاههم، ومن بينهم المصابون بمرض التوحّد، جزءاً لا يتجزّأ من جهود البناء على نحو أفضل بعد انتهاء جائحة كورونا".
وتؤكد المنظمة الأممية أنّه على مدى العقد الماضي، أُحرز تقدّم كبير في ما يتعلق بإتاحة الخدمات التعليمية، خصوصاً للمصابين بالتوحّد. لكنّ تلاميذ كثيرين مصابين بالتوحّد تضرّروا في العامَين الأخيرَين وسط أزمة كورونا، وتُبيّن الدراسات أنّهم تأثّروا باضطرابات في العادات اليومية والخدمات فيما لم يتأثّر أقرانهم. وتوضح المنظمة أنّ بلدان العالم بمعظمها عمدت إلى الإغلاق المؤقّت للمدارس في 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا، الأمر الذي أثّر في أكثر من 90 في المائة من التلاميذ في كلّ أنحاء العالم، إذ نتج اضطراب في عملية التعلّم وتراجع في ما كان قد أُحرز من تقدّم، فضلاً عن تفاقم غياب المساواة في التعليم.
ويركّز الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي اعتمدها قادة العالم في الأمم المتحدة في عام 2015 على ضمان إتاحة التعليم الجيّد والشامل والمنصف، وإتاحة فرص التعلّم مدى الحياة أمام للجميع، بوصف ذلك أساساً لتحسين مَعايش الناس والحدّ من وجوه التفاوت. وتشير المقاصد والغايات المحدّدة للهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة إلى الحاجة إلى ضمان "القضاء على التفاوت بين الجنسَين في التعليم وضمان تكافؤ فرص الوصول إلى كلّ مستويات التعليم والتدريب المهني للفئات الضعيفة، بمن في ذلك للأشخاص ذوي الإعاقة والشعوب الأصلية والأطفال الذين يعيشون في ظلّ أوضاع هشّة، بحلول عام 2030".
كذلك، تقرّ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المادة 24 منها بـ"حقّ الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على تعليم جيّد وشامل على قدم المساواة مع الآخرين"، مع التأكيد على كفالة توفّر "الترتيبات التيسيرية المعقولة لمتطلبات الفرد".
ويؤكد غوتيريس في هذا الإطار أنّ "المنظمة الأممية تدعم حقوق الأشخاص المصابين بمرض التوحّد في المشاركة الكاملة في المجتمع وفقاً لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وانسجاماً مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030".
يركّز الاحتفال الخاص باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحّد هذا العام على قضية التعليم الشامل في سياق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة "الوعد والحقيقة"، وذلك بطرحها في فعالية عبر الإنترنت تشمل حلقات نقاشية مع عروض موجزة يقدّمها أفراد مصابون بالتوحّد فضلاً عن معلّمين ومعلمات وغيرهم من الخبراء.
ويرتبط موضوع التعليم الشامل ارتباطاً جوهرياً بتركيز موضوع احتفالية العام الماضي "الشمول في مكان العمل: التحديات الماثلة والفرص المتاحة في عالم ما بعد الجائحة". وقد أكّد المتحدثون في فعالية العام الماضي أهميّة تعزيز التعليم الجيّد الشامل للأشخاص المصابين بالتوحّد ليتمكّنوا من تحقيق طموحاتهم وتحقيق النجاح المستدام في سوق العمل. وفي هذا الإطار، يُعَدّ التعليم الشامل مفتاحاً لوعود أهداف التنمية المستدامة التغييرية التي تشمل الجميع.