أصبحت قرية "كري قسروكا" أو "قصر التل" في مدينة دهوك شمالي العراق، التي عادت للظهور بعدما طمرها سدّ دهوك بمياهه قبل نحو 36 عاماً وهجرها قاطنوها، مركز اهتمام وجذب كثيرين، للوقوف على معالم قرية كانت نابضة بالحياة ومعروفة بزراعة التفاح والعنب والحنطة في حقبة من الزمن.
القرية الواقعة في منتصف سد دهوك تتميز بإطلالة على مشارف السد، وتحيطها الجبال والمياه من كل الاتجاهات، كانت مأهولة بالسكان حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي (1985)، وتسبّب الجفاف الناجم عن قلّة التساقطات المطرية وانخفاض منسوب المياه في انكشاف مبنى حجري يُرجّح أن يكون منزلاً يشبه تصميمه شكل مدرسة، في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وفي السياق، قال مدير سدّ دهوك فرهاد محمد طاهر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قلة تساقط الأمطار والثلوج والجفاف الذي ضرب المنطقة أدت إلى انخفاض منسوب مياه سد دهوك بحدود 15 متراً مكعباً من المنسوب الكلي، ما أدى إلى ظهور إحدى القرى التي كانت مغمورةً في المياه منذ ملء السد".
وتابع فرهاد: "ظهور القرية لن يعيق عمل السدّ، ونتوقع أن تنغمر مرةً أخرى عند بداية تساقط الأمطار في موسم الشتاء".
وأضاف "التغيرات المناخية، مثل الجفاف وقلة التساقطات المطرية، أثرت بشكل عام على المنطقة، وخاصةً على إقليم كردستان والعراق عامةً، وكان القطاع الزراعي هو الأكثر تضرراً".
"خلال السنوات الماضية، انخفض منسوب مياه سد دهوك ثلاث مرات بين عامي 1992 و2009، حينها ظهرت ملامح بسيطة من قرية كري قسروكا القديمة"، بحسب مدير السد فرهاد محمد طاهر.
سكنتها عشيرة الدوسكي
قبل أن تغرق قرية "كري قسروكا" تحت مياه السد، الذي انتهى تشييده في عام 1988 بغرض تغذية مصادر الريّ وتعزيز الزراعة بسعة 52 مليون متر مكعب، كانت القرية، التي تبعد كيلومترين فقط عن مركز مدينة دهوك، مسكناً لقرابة 50 عائلة كردية من عشيرة الدوسكي منذ سبعينيات القرن الماضي.
المؤرخ كارزان محمد بامرني، وهو أستاذ في جامعة دهوك، قال لـ"العربي الجديد" إنّ "البناء الذي ظهر نتيجة انخفاض منسوب مياه السد هو منزل قديم من بقايا قرية كري قسروكا القديمة"، متابعاً "بدأت الحياة بهذه القرية في بداية سبعينيات القرن الماضي، غير أن سكانها تركوا قريتهم بعد 4 سنوات (1974) بسبب الظروف السياسية في المنطقة آنذاك، ثم عادوا إلى قريتهم التي يسكنها قرابة 50 عائلة كردية من عشيرة الدوسكي في عام 1976، لكن تسع سنوات بعد ذلك جاء السد ليبعدهم نهائياً عنها".
"بعد بناء السد وإخلاء القرية، قامت الحكومة في ذلك الوقت بتقديم تعويضات مالية للسكان ليقوموا ببناء بيوتهم في قرية مجاورة سميت أيضاً بقرية "كري قسروكا"، وكانت هذه القرية واحدة من العديد من القرى التي أخليت في ذلك الوقت لغرض ملء سد دهوك".
بحسب كارزان، فإنّ هذه القرية "تشتهر بزراعة التفاح والعنب والكثير من المحاصيل الزراعية الأخرى".