لم تُفرِّق الموسيقى والألوان بين الطفلة الفلسطينية نور أبو شعبان، والطفل محمد العصار من ذوي الإعاقة، واللذان تشاركا في الرسم والدبكة على أنغام الموسيقى والأغاني التراثية الفلسطينية، ضمن مخيم صيفي جماعي.
ويحمل "مخيم الفنون"، الذي ينفذه معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى – فرع غزة، بالتعاون مع مؤسسات محلية، فكرة أساسية، تُعنى بدمج الأطفال الذين يعانون من صعوبات خاصة، أو من ذوي الإعاقة، بما يشمل الذين يعانون من مشاكل في التعلم أو اضطراب ما بعد الصدمة، وأطفال متلازمة داون، والتوحد، مع الأطفال الأسوياء.
وتضمّن المخيم الذي يستهدف الأطفال من سبعة أعوام، حتى 14 عاما، ويتم تنفيذه خلال شهر يوليو/ تموز لعام 2022، العديد من الفقرات التنشيطية المتنوعة، مثل الرسم، وفن الأوريغامي، والدبكة، والشطرنج، والحكواتي، والدراما، بالإضافة إلى الأنشطة الموسيقية، مثل الإيقاع الجماعي، والكورال، بهدف تنمية مخيلة الأطفال الإبداعية، وتعريفهم على عالم الموسيقى.
وبدا الانسجام واضحا على ملامح الأطفال، خلال مشاركتهم الجماعية في الأنشطة العديدة، والتي تم تنفيذها في أحد المنتجعات السياحية غربي مدينة غزة، وقد انخرطوا في برنامج يومي، مكون من فعاليات تتلاءم وأعمارهم بعد تقسيمهم إلى فئات تتناوب على الأنشطة المختلفة، فيما يشرف عليهم طاقم المعهد الإداري، بتدريب ومساعدة أساتذة الموسيقى، ومُنشطين آخرين.
وتقول الطفلة نور أبو شعبان، إنها شاركت في المخيم إلى جانب عدد من الأطفال الأسوياء وذوي الإعاقة، وقد لاحظت مدى الاندماج بينهم، خاصة في الأنشطة الحركية والتفاعلية، والتي أذابت الفروق والحواجز بينهم.
أما الطفل محمد العصار، الذي يعاني من التوحد، فقد بدا مستمتعا إلى جانب عدد من الأطفال الأسوياء، ومن يحملون المرض نفسه، وهو يلون لوحة "سبايدر مان"، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة، وهو "يدندن" أغنية موطني، والتي شارك كذلك في أدائها مع عدد من الأطفال.
وتوضح مشرفة أطفال "متلازمة داون" و"التوحد"، في جمعية الحق في الحياة، ياسمين أبو ضاهر، أن الأطفال اندمجوا مع الصم والطبيعيين، لدرجة كبيرة، تمنوا فيها أن تستمر فعاليات المخيم دون توقف.
أما فيما يتعلق بفائدة الأنشطة المشتركة، وانعكاسها على سلوك الأطفال من ذوي الإعاقة، فتوضح أبو ضاهر لـ "العربي الجديد" أن المخيم ساعد الأطفال على التفاعل الاجتماعي، والتعرف على السلم الموسيقي، إلى جانب عدة فنون وأنشطة، وقد ظهرت مواهب جديدة لدى الأطفال، مثل الإيقاع، والغناء، مضيفة "سنواصل الاهتمام بهذه المواهب وتنميتها".
من ناحيتها، تبين مديرة معهد إدوارد سعيد الوطني في غزة، منال عواد، أن مخيم الفنون يتم تنفيذه للمرة الأولى، بالتعاون مع جمعية أطفالنا للصم، وجمعية الحق في الحياة وأيام المسرح، ويعتمد على فكرة الدمج الشامل، من خلال دمج الأطفال ذوي الإعاقة في برامج المخيم.
وتوضح عواد لـ "العربي الجديد"، أن ما يميز المخيم هو تعزيز تواجد أهالي الأطفال، برفقة أبنائهم، وعلى وجه التحديد الأطفال الصم، لتسهيل عملية الترجمة، وتفاعلهم مع الأنشطة، إلى جانب أنه لم يعتمد على الموسيقى بشكل أساسي كما جرت العادة، بل يضم مجموعة فنون أخرى.
ويضم المخيم مدربة من الصم، تقوم بالتدريب على فن الأوريغامي، في رسالة للأطفال غير المُعاقين، أن الأشخاص ذوي الإعاقة يمتلكون المواهب والقدرات التي تُمكنهم من المشاركة، والتعليم، في خطوة على طريق تعزيز قيم الدمج، والتخفيف من فكرة التنمر، عبر جمع الأطفال أصحاب الإمكانيات المتنوعة، وذوي الإعاقات المتنوعة تحت إطار أنشطة موحدة.
وأوجد التواصل المُباشِر بين الأطفال خلال فترة الأنشطة التي تم تنفيذها بشكل جماعي، لغة مشتركة وسريعة بين بعضهم البعض، وفق تعبير عواد التي توضح أن المركز سيحاول خلال الفترة المقبلة، بناء أشكال جديدة من العمل والبرامج التي تعنى بالأطفال ذوي الاعاقة، كي يكون لهم نصيب من الفنون التي تتلاءم مع طبيعة إعاقة كل طفل.