دمرت قذائف الاحتلال أحلام الشابين الفلسطينيين محمد أبو مطر وعادل الطويل بتطوير مشروعهما "تشكيل" لتوفير مجسمات ومشغولات باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية، الثلاثاء، "عمارة كحيل" التي كانت تضم مقر شركتهما، في شارع الثلاثيني غربي مدينة غزة.
كانت البناية التي تمت تسويتها بالأرض تقع قبالة الجامعة الإسلامية والمقر الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وكانت مكونة من سبعة طوابق، وتضم مكتبات، ومراكز عامة، ومعاهد تعليم، وعدداً من المشاريع الشبابية، وتم استهدافها بأربعة صواريخ.
ويقول أبو مطر لـ"العربي الجديد" إن "نبأ استهداف العمارة كان بمثابة الصدمة، فهي لا تضم سوى مكاتب ومشاريع، منها مشروعنا (تشكيل)، وهو مشروع تِقني يُنتِج القطع ثلاثية الأبعاد، ويقدم خدماته للمؤسسات التعليمية، والطبية، والصناعية.
الصواريخ الإسرائيلية قضت على أحلامنا، إذ كنا نعاني بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل، إلى جانب المخاطر والصعوبات والتحديات ".
كان فريق العمل يعتبر مقر المشروع بيتا، إذ كانوا يعملون في ظل أجواء عائلية، ويقول عادل الطويل إنه "جرى تحويل الماكينات والقطع، بما تحمل من ذكرياتنا وأحلامنا، إلى حطام. كُنا نقضي معظم وقتنا في العمارة، لكن مشروعنا دمر بفعل القصف الإسرائيلي".
وعمّ الحُطام الجزء الغربي من شارع الثلاثيني، الذي يطلق عليه محليا اسم "شارع الجامعات"، وتناثرت الحجارة على امتداد الشارع، وتضرر العديد من المباني، وتحطمت النوافذ في المنطقة المُحيطة من جراء شدة القصف.
وقال الأسير المحرر الباحث بالشأن الإسرائيلي أحمد الفليت إنه أنشأ برفقة عدد من زملائه مركز "نفحة" للتدريب والترجمة، وإن المركز الذي تم تدميره في قصف "عمارة كحيل"، كان يختص بشؤون الأسرى داخل سجون الاحتلال، وبتعليم اللغة العبرية، إلى جانب اللغات الألمانية، والفرنسية، والتركية، والبرتغالية، والإسبانية، والصينية، والكورية.
وأوضح الفليت، لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتلال أبلغ حارس العمارة بضرورة إخلائها تمهيدًا لقصفها خلال وقت قصير. شعرنا بالحزن لحظة سماع نبأ استهداف العمارة التي كانت تضم عدة مراكز مرخصة من وزارة التربية والتعليم، والقريبة من ثلاث جامعات رئيسية، هي جامعة الأزهر، وجامعة الأقصى، والجامعة الإسلامية"، مشددًا على أن "استهداف الاحتلال للمنشآت المدنية هدفه الضغط على السكان، وخلق حالة من البلبلة، وكسر إرادة المواطن الفلسطيني، وتحميله عبئاً اقتصادياً إضافياً".
ملامح الصدمة كانت واضحة على وجه الشاب الفلسطيني شعبان سليم، صاحب مكتبة "اقرأ"، والتي تضم كتباً ثقافية وعلمية، وقسماً للطباعة والتصوير، والقرطاسية، ويقول لـ"العربي الجديد" إن "المبنى لا يضُم سوى مراكز تعليمية، ولا يشكل أي خطر على الاحتلال الذي لم يُمهِلنا سوى عشر دقائق للإخلاء، ما ساهم في تكبد الجميع خسائر فادحة، إذ لم يتمكنوا من إخلاء أغراضهم، والخسارة لم تكن مادية فقط، وإنما خسرنا أحلامنا التي كانت تكبر معنا".