كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عمّا يتعرّض له الأسرى القصّر من أساليب قمع وحشية وظروف حياتية صعبة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خلال توقيفهم والتحقيق معهم.
وقد بلغ عدد الأسرى القصّر في سجون الاحتلال نحو 200 أسير.
ووفق بيان للهيئة، فإنّه وفي خلال زيارة محاميتها لمعتقل مجيدو، كشفت عمّا يتعرض هؤلاء له في مركز توقيف عصيون، المشيّد إلى جنوب بيت لحم في جنوب الضفة الغربية.
وفي هذا الإطار، أفاد محمد علي محمد مصلح، أسير يبلغ من العمر 17 عاماً، وهو من مخيم الدهيشة في بيت لحم، بأنّ "ظروف الحياة في معتقل عصيون سيئة جداً جداً، الأكل سيئ وبكميات قليلة، لا يسمحون للأشبال (الأطفال) بالخروج للفورة (ساحة السجن). فخلال 10 أيام سمحوا لهم بالخروج لمرة واحدة لمدة ساعة فقط، كذلك لا يسمحون لهم بالاستحمام إلا مرة واحدة ولدقائق معدودة، والأبراش (الأسرّة) من حديد مهترئ ولا توجد عليها فرشات، هناك بطانيات متسخة يفترشها الأسرى على البرش لكي يناموا عليها".
ولأن الوضع مزرٍ في معتقل عصيون، قرّر محمد مصلح ومجموعة من الأشبال خوض إضراب مفتوح عن الطعام حتى تحقيق مطلبهم، وهو نقلهم إلى معتقل مجيدو. فيما أكد ذلك كذلك الأسير أحمد علي أبو سمرة، البالغ من العمر17 عاماً ونصف العام، وهو من مخيم قلنديا الواقع إلى شمال القدس، من خلال محامية الهيئة التي قامت بزيارته.
وفي سياق متصل، أفادت الهيئة بأنّه تمّ تحويل قسم 18 في معتقل عوفر إلى غرب مدينة رام الله، إلى قسم خاص لاحتجاز القصر الذين يُعتقلون حديثاً، أو الذين نُقلوا من سجون أخرى إلى عوفر.
وكشفت الهيئة عن ثلاث حالات مرضية تقبع في معتقل النقب الصحراوي في أوضاع صحية سيئة، وذلك نتيجة لما يتعرّض له الأسرى المرضى من انتهاكات طبية ممنهجة من قبل إدارة سجون الاحتلال.
ومن بين الحالات التي رصدها تقرير الهيئة، يشكو الأسير رامز ملحم، من مخيم الدهيشة، من التهابات وقرحة في المعدة أصيب بها في خلال اعتقاله. فيما يعاني الأسير ماجد جرار، من مدينة طولكرم، منذ أكثر من سنة من آلام حادة وانتفاخ في الحلق، ومن التهابات وبثور على بشرته، وهو بانتظار تقديم العلاج المناسب له. أمّا الأسير مصطفى القاضي، من مدينة البيرة، فيعاني من إصابة في رجله اليسرى تعرّض لها قبل اعتقاله ولم يستكمل علاجه.
من جهة أخرى، رصدت الهيئة عبر محاميها شكوى الأسير شادي موسى، التي أوضح من خلالها تفاصيل سياسة المماطلة التي تتّبعها إدارة سجون الاحتلال، لا سيّما إدارة معتقل عسقلان، في تقديم العلاج اللازم والرعاية الطبية للأسرى المرضى.
ويعاني موسى منذ اعتقاله من أمراض قلبية وارتفاع في ضغط الدم، وقد أصيب بتجلط في القلب مرّتَين. وقبل فترة أُجريت له عملية قسطرة في مستشفى سوروكا الإسرائيلي، وتمّ تزويده بمنظّم لقلبه، علماً أنّ حالته الصحية تستدعي المتابعة والرعاية المستمرتَين، لكنّ إدارة معتقل عسقلان لا تكترث لذلك.
يُذكر أنّ موسى هو من قرية مركة في جنوب محافظة جنين، وهو معتقل منذ إبريل/نيسان من عام 2002، ومحكوم بالسجن لمدة 25 عاماً. وقد تعرّض خلال عملية اعتقاله إلى إصابة بالغة في الرأس، عند مطاردة الاحتلال له، وقد خضع لجراحة قبل الأسر.
كذلك، أشارت الهيئة إلى أنّ الأسير وضاح البزرة، من مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية المحكوم بالسجن المؤبد وخمسين عاماً، والذي يقبع في معتقل جلبوع، يعاني من أوجاع في البطن وتقيؤ، معتمداً فقط على الغلوكوز، إذ يشكو من فتق في المعدة، وقد خضع لجراحة وُضعت له في خلالها شبكة في البطن، لكنّها التهبت وصار البزرة يعاني من أوجاع لا تحتمل، بالتالي هو في حاجة ماسة إلى نقله استشفاء.
وفي المعتقل نفسه، يشكو الأسير عماد كميل، من بلدة قباطية في جنوب جنين، من انسداد في قنوات التنفس العليا، وهو في حاجة ماسة إلى إجراء عملية للجيوب الأنفية. كذلك يعاني من مشكلات باطنية وفي المسالك البولية، علماً أنّه يهدد بخوض إضراب مفتوح عن الطعام في حال عدم تلقّيه العلاج سريعاً.
في سياق منفصل، أفاد نادي الأسير الفلسطيني بأنّه "بعد سلسلة خطوات احتجاجية نفّذها أسرى معتقل النقب على مدار أيام رداً على اعتداء السجانين على الأسير المضرب عن الطعام منذ 32 يوماً، سالم زيدات، من بلدة بني نعيم شرق الخليل، تمّ استئناف الحوار مع إدارة المعتقل وإعادة الأسرى الذين تمّ قمعهم ونقلهم في قسم 2، والسماح لهم بتقديم شكوى ضد السجانين الذين أقدموا على ضرب الأسير زيدات، وذلك كمقدمة لاستئناف الحوار".
وأوضح النادي أنّ معتقل النقب شهد سلسلة من الاقتحامات والتفتيشات المتكررة على مدى أيام، وأقدمت قوات القمع على تخريب وتدمير كل مقتنيات الأسرى، لا سيّما في قسم 2.
وعلى إثر ذلك، أغلق الأسرى كل أقسام المعتقل وأرجعوا وجبات الطعام ورفضوا حوار الإدارة. وكان هؤلاء قد سلّموا الإدارة جملة من المطالبات، لا سيّما في ما يتعلق بعدم المساس بالأسرى المضربين عن الطعام، ووقف الاقتحامات والتصعيد المتواصل في حقّهم، واشترطوا لاستئناف الحوار إعادتهم إلى أقسامهم.
ولفت النادي إلى أنّه ووفقاً للمعلومات الأخيرة الخاصة بالأسرى المضربين عن الطعام، نُقلت مجموعة من المحتجزين في زنازين معتقل النقب إلى زنازين معتقل عسقلان، التي تُعَد من الأسوأ، وذلك في محاولة جديدة لفرض مزيد من الضغوط على الأسرى المضربين عن الطعام، بهدف ثنيهم عن الاستمرار في معركتهم ضدّ سياسة الاعتقال الإداري.
يُذكر أنّ 12 أسيراً يواصلون إضرابهم المفتوح عن الطعام، رفضاً لاعتقالهم الإداري، وسط ظروف صحية تتفاقم مع استمرار تعنّت الاحتلال في الاستجابة لمطلبهم المتمثل في إنهاء اعتقالهم الإداري.