- بلدية الكفرة تحاول مواجهة الأزمة بتوزيع مساعدات و"بطاقة لاجئ" للنازحين منذ مارس/آذار، رغم المخاوف الأمنية وتحذيرات من تكدس اللاجئين.
- السلطات الليبية والمجتمع الدولي يسعيان لإيجاد حلول لأزمة اللاجئين السودانيين، مع تحديات تعرف على المجرمين بينهم وضبط منافذ الدخول.
تعاني مدينة الكفرة، أقصى جنوب شرقي ليبيا، من تكدس لاجئين سودانيين فارين من الحرب الدائرة في بلادهم. ولم تستطع سلطاتها تقديم المعونات اللازمة لهم فانتقل بعضهم إلى مناطق أخرى جنوب ليبيا.
وفي آخر المؤشرات التي تدل على تزايد معدلات اللاجئين السودانيين في ليبيا، أعلنت السلطات الأمنية في مدينة الكفرة العثور على جثث سودانيين في صحراء المدينة توفوا خلال رحلة النزوح من بلدهم. وأوضحت بلدية الكفرة أن فرق جهاز الإسعاف والطوارئ انتشلت 4 جثث تفحمت بسبب احتراق سيارة دفع رباعي كانت تقلّهم على الحدود مع السودان. وذكرت أن 16 راكباً من رجال ونساء وأطفال كانوا على متن السيارة، وأن غالبيتهم أصيبوا بحروق بدرجات متفاوتة، وجرى نقلهم إلى مستشفى الكفرة ومستشفيات في بنغازي.
وفي نهاية فبراير/ شباط الماضي، حذر الناطق باسم بلدية الكفرة، عبد الله سليمان، من تكدّس اللاجئين السودانيين في المدينة، مشيراً إلى أنه لا يمكن تحديد عددهم بدقة بسبب الدخول العشوائي للفارين من الحرب في السودان إلى ليبيا، لكنه قدّر هذا العدد بعشرات الآلاف.
وأعلن سليمان أن فرق البلدية قدمت مساعدات غذائية لثلاثة آلاف أسرة وخمسة آلاف فرد خلال أقل من أسبوع، وأكد ضرورة توفير احتياجات عاجلة من أغذية وألبسة وأدوية التي لا تستطيع مؤسسات المدينة تقديمها للنازحين الذين يزداد عددهم في شكل دائم. وأكد أن "اللاجئين الفارين من الحرب في السودان لا يُعتبرون مهاجرين سرّيين، لكن مئات من المهاجرين السرّيين من جنسيات أخرى تسللوا بينهم".
وشرعت بلدية الكفرة منذ مطلع مارس/ آذار الجاري في توزيع مساعدات على اللاجئين، بعدما منحتهم بطاقات أطلقت عليها اسم "بطاقة لاجئ" لمحاولة معرفة عددهم وتنظيم توزيع المساعدات عليهم، لكن سليمان أبلغ وسائل إعلام بوجود مخاوف أمنية ترتبط بملف النازحين السودانيين، من بينها قدوم أصحاب سوابق فارين من السجون، وتسرّب أشخاص غير سودانيين استغلوا هذا النزوح.
ويتحدث الناشط الحقوقي رمزي المقرحي، لـ"العربي الجديد"، عن وصول لاجئين سودانيين إلى مناطق أخرى في جنوب ليبيا، من بينها ربيانة والسرير وسبها الكبيرة، ويقول: "تبذل بلدية الكفرة جهوداً كبيرة لمحاولة تطويق أزمة اللاجئين السرّيين، لكن غياب الوثائق والأوراق الثبوتية لديهم يمنع ذلك أحياناً كثيرة".
يضيف: "لا تستطيع السلطات الليبية التعرف على ذوي السوابق والمجرمين في السودان، إذ لا يمكن التعامل مع أي جهات منضبطة في هذا البلد والاتصال بها في ظل الحرب. ويفرض هذا التحدي بذل السلطات الليبية جهوداً إضافية للتعرف على المتسربين الذين فروا من العدالة في السودان، علماً أن المخاوف تزداد أيضاً من إمكانية تسرّب عناصر متطرفة، واستغلالهم الحرب في السودان للانتقال إلى ليبيا حيث يُعتبر ملف الإرهاب حساساً خصوصاً أن البلاد بالكاد تعافت من قضايا إرهاب سابقة".
ويشير المقرحي إلى أن تعقيدات قضية حصر اللاجئين السودانيين في ليبيا تشمل عدم ضبط منافذ دخولهم الحدود، فهم لا يستخدمون المعابر المشتركة فقط بل يعبرون أيضاً مصر في اتجاه طبرق أقصى شرق ليبيا، وأيضاً حدود التشاد إلى منطقة القطرون في ليبيا. ويلفت إلى أن انتشال السلطات الأمنية التونسية 13 جثة لمهاجرين سودانيين قبالة سواحلها نهاية فبراير/ شباط الماضي يشير إلى اتساع أزمة اللاجئين، وبدء انتقالهم إلى دول أخرى مجاورة.
وفي فبراير الماضي، زار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ثم قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، طرابلس حيث حاولت السلطات الليبية التوسط بينهما، لكن الجهود الليبية لم تنجح.
وفي حصيلة العام الحالي، ضُبط أكثر من ألف مهاجر سرّي في أكثر من موقع لتهريب البشر على سواحل ليبيا، في حين تحدثت تقارير دولية عن أن عمليات الضبط تتركز شرق ليبيا حيث تنشط عمليات تهريب المهاجرين منذ أشهر.
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أكد المسؤول في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا، نصر الشويطر، اهتمام حكومة الوحدة الوطنية وحكومة مجلس النواب في ليبيا معاً بملف الهجرة.
وفي نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، شدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، خلال مشاركته في مؤتمر دولي عن الهجرة في العاصمة الإيطالية روما، على أن "ليبيا بلد ممر وعبور، وليست مصدراً لمهاجرين"، ودعا المجتمع الدولي إلى تطبيق استراتيجيات لوقف الهجرة من دول المصدر في العمق الأفريقي، لكن تقارير تشير إلى أن شباناً ليبيين انضموا أخيراً إلى قوافل الهجرة السرّية بتشجيع من العصابات التي تستفيد من عدم حاجتهم إلى إجراءات تمهيدية ترهق العصابات نفسها.
وشهدت الفترة ذاتها تنظيم حكومة مجلس النواب ببنغازي مؤتمراً دولياً بمشاركة ممثلي دول أفريقية ومنظمات معنية بملف الهجرة، ودعت هذه الحكومة المجتمع الدولي إلى ضرورة التشاور مع دول المنشأ والعبور والمقصد للمهاجرين من أجل معالجة الظاهرة من جذورها.