أفراح ليبيا... إقبال على مِنَح الزواج الحكومية وسط انتقادات

02 نوفمبر 2021
الزواج الجماعي رائج في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تسعى حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا إلى إنعاش آمال الشباب، عبر إطلاق مشاريع تنموية واقتصادية وأخرى تتصل بحياتهم، بينها الزواج للقضاء على ظاهرة العزوف عنه التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، بتأثير الظروف الاقتصادية الصعبة والحروب والصراعات والنزوح.

وفي 4 أغسطس/آب الماضي، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة مبادرة زواج الشباب "بهدف تعزيز الترابط والتماسك بين الشباب، بعد عقد زمني شهد انقسامات بين أطياف وأفراد المجتمع". ورصدت الحكومة مبلغ مليار دينار ليبي (218 مليون دولار) لصالح صندوق دعم الزواج التابع لرئاسة الوزارة.

أنشىء صندوق دعم الزواج بقرار وزاري عام 2012، وبميزانية مالية مستقلة، وأنجز مبادرات عدة سمحت بإقامة أعراس جماعية في أكثر من مدينة وبلدة، وضم أحدها 250 شابا وشابة في مدينة درج أقصى الغرب في أغسطس/آب 2018، و50 شاباً وشابة في مدينة أوجلة وسط جنوبي البلاد، في يناير/كانون الثاني 2020.

وقررت الحكومة تخصيص مبلغ 40 ألف دينار (8745 دولارا) لكل فرد تُحسم من الرسوم المفروضة على مبيعات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، علماً أن المبادرة تستهدف أيضاً الشباب ذوي الإعاقة واليتامى بنسبة 25 في المائة من المنح، بحسب ما أفاد وزير الشباب، فتح الله الزني.

وفي سبيل تسهيل إجراءات الزواج، أنشأت وزارة الشباب منظومة تسجيل إلكتروني خاصة بصندوق دعم الزواج لتقديم طلبات الحصول على المنح، تمهيداً لتسلّم الشباب الصكوك المالية من بلديات المناطق التي يسكنون فيها. كما عينت منسقين للمبادرة في البلديات من أجل شرح أهدافها، وتوضيح كيفية التسجيل عبر التطبيق الإلكتروني.

وقد سجل 50 ألف شخص في صندوق دعم الزواج حتى 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ما أظهر الإقبال الكبير على المبادرة الحكومية. كما كشفت النداءات والطلبات الكثيرة الخاصة بإعادة فتح قبول طلبات الزواج، تزايد إقبال الشباب على المبادرة.

الحكومة تدعم الزواج لمنع العنوسة (Getty)
الحكومة الليبية تدعم الزواج لمكافحة العنوسة (Getty)

وأصدر مسؤولو صندوق دعم الزواج بياناً للتذكير بهدف بدء إجراءات دعم 50 ألف شاب مقبل على الزواج، يتوزعون مناصفة بين الذكور والإناث.

واللافت أن المبادرة واجهت فور عرضها على الرأي العام معارضة واسعة من سياسيين وأعضاء في البرلمان اتهموا الحكومة بهدر أموال الدولة، وحذّروا من انعكاساتها السلبية مثل تزايد حالات الطلاق، بسبب ارتباطها بمبالغ مالية كبيرة. كما سخر بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من المبادرة، باعتبارها "تشجع على البحث عن زوج أو زوجة بغرض اقتسام منحة مالية".

لكن الأسابيع التالية أكدت الإقبال الكبير، بحسب ما أكد مسؤولون في وزارة الشباب. في السياق، يقول منسق المبادرة في إحدى البلديات سمير مخزوم لـ"العربي الجديد": "شهدت المبادرة إقبالاً ضعيفاً في الأيام الأولى، بسبب التصريحات غير المشجعة لسياسيين ونشطاء تضمنت اتهامات للحكومة وتحذيرات من النتائج السلبية للمبادرة. لكن بعد مضي أسبوعين، تحسّن الإقبال مع سعي الشباب إلى استيفاء الشروط المطلوبة، وأولها عقود القران. ثم تصاعد هذا الإقبال بشكل كبير، وأعقبه قرار إقفال منظومة التسجيل، في إجراء غير نهائي يهدف إلى السماح بصرف مخصصات المسجلين قبل استئناف المبادرة مجدداً".

ويذكر مخزوم أن إحصاءات رسمية سابقة أظهرت أن نسبة العنوسة تجاوزت 35 في المائة من الفئة العمرية للشباب الذين لم يتجاوزوا الثلاثين من العمر: "من هنا نأمل في أن تخفّض المبادرة هذه النسبة، وتؤثر إيجاباً في إعادة التماسك للنسيج الاجتماعي".

من جهتها، ترى الباحثة الاجتماعية حسنية الشيخ، أنّ "المبادرة إيجابية، استناداً إلى أهدافها المعلنة على صعيد محاولة ترميم شروخ النسيج الاجتماعي، وتجاوز محن الشباب، والتقليل من نسب العنوسة، لكنها قد تتسبب أيضاً في زيادة نسب الطلاق".

وتوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "دعم الشباب للزواج من دون معالجة أزمة السكن التي تعاني منها ليبيا، وتوفير مداخيل ثابتة للأسر الجديدة قد يحوّل الزواج إلى إرهاق اقتصادي كبير، ويعجّل بافتراق الزوجين، ما يعني أنّ نتائج المبادرة ستكون عكسية تماماً. من هنا كان يجب أن يحظى القرار بدراسة أكبر، ويشمل إعطاء الحكومة الشباب منحاً شاملة لدعم أوضاعهم عموماً وليس زواجهم فقط، علماً أن أفكاراً تتوفر لمشاريع تنموية صغيرة ذات أهداف اجتماعية. لكنّ المبادرة جاءت منفصلة عن واقع الشباب ومشاكله، كأنها فعلاً دعاية انتخابية للحكومة، كما صرح بعض النواب والسياسيين".

المساهمون