أثارت إحصائية للسلطة القضائية العراقية، تتعلق بتسجيل أكثر من 200 حالة طلاق باليوم الواحد في البلاد، قلق مختصين بالشأن المجتمعي، أكدوا أهمية متابعة الملف وإيجاد حلول للتفكك العائلي.
ووفق تقرير للسلطة القضائية صدر مطلع الأسبوع الجاري، فإن "حالات الزواج في العراق خلال شهر أغسطس/ آب بلغت 23500 حالة، فيما بلغ عدد حالات الطلاق في الشهر نفسه نحو 6250 حالة طلاق، أي بنسبة تقارب 30 في المائة من إجمالي عدد حالات الزواج، بحيث تقع كل يوم 210 حالات طلاق تقريباً، بواقع 9 حالات في الساعة الواحدة".
قاضٍ في إحدى المحاكم العراقية أكد أن حالات الطلاق في تزايد مستمر، لا سيما خلال فترات الأشهر الأولى من الزواج.
وقال القاضي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "أغلب حالات الطلاق تسجل خلال أقل من عام واحد من الزواج، وإن الكثير من جهود التوفيق بين الزوجين من قبل المحاكم تبوء بالفشل"، مبيناً أن "هذا التزايد الكبير بحالات الطلاق بات مقلقاً جداً، وعلى الجهات المسؤولة متابعة الملف".
وأشار إلى أن "الأرقام في حالة تزايد، وأن إحصائية الشهر الحالي من المرجح أن تكون أكثر من الشهر الماضي".
وأوضح أن "السلطة القضائية أنشأت أخيراً مكاتب مجتمعية خاصة تبحث هذا الملف، وتسعى لإقناع الزوجين بالتراجع عن قرار الانفصال"، مبيناً أنه "تم ثني بعض الحالات والتراجع من قبل الزوجين، لكن هذه الحالات قليلة جداً قياساً بحالات الطلاق، الأمر الذي يستدعي البحث عن حلول أكبر وأوسع".
وأرجع ذلك إلى الزواج المبكر، وخاصة القاصرات، وسوء استعمال الإنترنت والتفاوت الثقافي والاجتماعي بين الطرفين والمشاكل المادية والبطالة.
من جهته، أكد المحامي واثق الحمداني أن "أغلب حالات الطلاق التي نترافع عنها ناتجة عن الوضع غير المستقر للبلد"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "هناك عدم استقرار نفسي لدى الشباب، بسبب الوضع الأمني والاقتصادي وعدم توفر فرص العمل، وهذا كله انعكس سلباً على حياتهم الزوجية".
وأوضح أن "أغلب الشباب يصدمون عندما يتزوجون، يجدون أنفسهم غير قادرين على تلبية متطلبات الزواج، وإعالة البيت، لا سيما العاطلين عن العمل منهم، أو الذين يعملون بأجور يومية، وأحياناً تمر عليهم أيام طويلة من دون الحصول على عمل، الأمر الذي يدفعهم للطلاق للتخلص من أعباء العائلة".
وأشار إلى أن "هناك حالات طلاق أيضاً ناتجة عن أسباب أخرى تتعلق بسوء استعمال الإنترنت، والتي تسبب أحياناً فقدان الثقة بين الزوجين والدفع باتجاه الانفصال".
مختصون في الشأن المجتمعي أكدوا أن هذا العدد يشكل خطراً على التماسك الأسري، وله آثار سلبية على المجتمع، خاصة الأطفال الذين ينشأون في أسر متفككة يصبحون عناصر ضارة بالمجتمع.
وقال الباحث في الشأن المجتمعي، عدنان الفضلي، إن "الملف يحتاج إلى مراجعة من الجهات المختصة، لما له من مخاطر مجتمعية كبيرة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "التفكك الأسري ينتج جيلاً من الأطفال لا يحصلون على فرص مناسبة للتربية والتعليم والمتابعة، ومن السهل انجرارهم نحو جهات مختلفة قد يكون بعضها جهات إرهابية لتستفيد منهم".
وشدد على أنه "يجب على الحكومة أن تعطي الملف اهتماماً خاصاً، وتشكل فرقاً للإصلاح الأسري، وتقف على أسباب تفكك الأسرة، ومن ثم اللجوء إلى الحلول"، معتبراً أن "إهمال الملف سيكون خطيراً على استقرار المجتمع".