تأتي جائحة كورونا لتفاقم أحوال الناس ليس صحياً فحسب، إنّما معيشياً أيضاً. واللاجئون السوريون في تركيا من بين الأكثر تضرراً، الأمر الذي يستلزم دعماً إضافياً. وهذا ما بدأ تطبيقه بالفعل في البلاد، من خلال أكثر من جهة.
تستمر تركيا في توزيع معونة مالية للسوريين المقيمين على أراضيها، من المساعدات الدولية المخصصة لهؤلاء اللاجئين، فضلاً عن دعم الحكومة التركية للأسر السورية التي نالت الجنسية التركية وتعاني أوضاعاً معيشية سيّئة وسط أزمة كورنا. وفي هذا الإطار، تخبر سمر دعبول "العربي الجديد" أنّها تلقّت قبل أيام رسالة باللغة العربية على هاتفها المحمول، مفادها أنّه على حامل بطاقة الحماية المؤقتة "كيملك" سحب المساعدة عبر البريد. فتوجّهت دعبول إلى فرع في منطقة سكنها في حيّ الفاتح، وسلّمها الموظف ألف ليرة تركية (نحو 145 دولاراً أميركياً) ومنحها بطاقة بريد "بي تي تي" جديدة خاصة بالمساعدات لسحب أيّ مساعدة أخرى مباشرة من الصرّاف الآلي. ولا تخفي دعبول مفاجأتها وفرحتها بالمبلغ الذي حصلت عليه، "فأنا لا أملك بطاقة الهلال الأحمر التركي، ولم يسبق لي أن تلقيت أيّ مساعدة منذ وصولي إلى تركيا قبل سبعة أعوام".
من جهتها، تقول زينب درويش، وهي سورية حصلت على الجنسية التركية، لـ"العربي الجديد"، "فوجئت بحضور شرطيّتَين إلى منزلي قبل أيام وطلبهما التأكد من هويتي التركية وسؤالي عن ظروف معيشتي والتحقق من أنّني أمّ لأربعة أولاد أحدهم من الأشخاص ذوي الإعاقة، قبل أن يسلّموني ألف ليرة كدعم في إطار مساعدات خاصة بأزمة كورونا". تضيف درويش أنّ "المبلغ جاء في وقته، لأنّني معلّمة في المدارس التركية بصفة متطوّعة ولا يزيد راتبي الشهري عن 2020 ليرة (نحو 290 دولاراً).
وكانت المديرية العامة للبريد التركي التي تُعرف باسمها المختصر "بي تي تي" قد أطلقت أخيراً رابطاً جديداً يتيح لكلّ شخص مؤهّل لدعم مادي خاص بأزمة كورونا أن يتأكد من وصول الدفعة المالية الخاصة به. ويوضح أحمد جميل نبهان وهو أحد المعنيين بشؤون اللاجئين السوريين في تركيا لـ"العربي الجديد" أنّ "المديرية العامة للبريد أطلقت رابطها الخاص بالمساعدات المالية المقدّمة من الأمم المتحدة للسوريين. وفي حال لم يتلقّ أحدهم أيّ رسالة لقبض المبلغ، يمكنه أن يتأكد من إدراج اسمه على جدول بوابة الحكومة الإلكترونية وطبع الصفحة ومراجعة مركز البريد الرئيسي أو إظهار الجدول للموظف فيحصل على المبلغ".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد جدّد دعم حكومة بلاده لنحو مليونَي أسرة من ذوي الدخل المحدود، في إطار تخفيف الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا الجديد، في سياق التدابير الطبية والاقتصادية المتخذة لمكافحة كورونا. وإلى جانب المساعدة المالية، أشار أردوغان إلى رفع الحد الأدنى لأجور المتقاعدين إلى ألف و500 ليرة (نحو 215 دولاراً) مع توفير سبعة مليارات ليرة (نحو مليار وخمسة ملايين دولار)، على أن تُرفَع مخصصات مؤسسات التكافل الاجتماعي إلى 180 مليون ليرة (نحو 26 مليون دولار).
ويفرّق عضو اللجنة السورية التركية المشتركة جلال ديمير ما بين الدعم الذي يتلقاه السوريون من المساعدات الدولية التي يمنحها الاتحاد الأوروبي وبين ما تخصصه برامج الحكومة التركية للسوريين الحاصلين على الجنسية. ويؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "السوريين الذي لم يستلموا مساعدة دعم كورونا حتى الآن، سيأتي دورهم لاحقاً". وحول شروط منح المساعدة، يشرح ديمير أنّه "يتوجّب ألا يكون لدى المستفيد ملكية أو تأمين"، مضيفاً أنّ "المعلّمين السوريين مشمولون لأنّ أجرهم قليل ولا يحصلون على خدمات التأمين". ويتابع ديمير أنّ "عمل اللجنة السورية التركية المشترك هو التركيز على الشؤون القانونية والرسمية المتعلقة بتحسين أوضاع السوريين قانونياً. أمّا إنسانياً، فلا علاقة للجنة بهذا الشقّ". ويوضح أنّ تلك المهام تضطلع بها منظمات المجتمع المدني "إي ها ها" والهلال الأحمر التركي بالإضافة إلى جمعية "وقف سوسيال" التعاونية الحكومية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن عن تخصيص مبلغ مالي إضافي بقيمة 600 مليون يورو لمصلحة برنامج المساعدات المالية المخصص لدعم اللاجئين في تركيا. وفي آخر بيان لها، أكدت المفوضية الأوروبية توفير المبلغ كمخصصات إضافية لبطاقات الهلال الأحمر التركي التي تُوزَّع على اللاجئين في تركيا من ضمن برنامج المساعدة على الانسجام الاجتماعي الذي يشرف عليه بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة. وأشارت المفوضية إلى تخصيصها مبلغاً آخر بقيمة 63 مليون يورو لتأمين استمرار مشاريع مختلفة في مجال الخدمات الرئيسية مثل التعليم والصحة، ليصل إجمالي المخصصات المالية الجديدة للاجئين السوريين في تركيا إلى 663 مليون يورو.
وتتّجه تركيا إلى إنهاء القيود المفروضة في إطار مكافحة وباء كورونا فتفتح البلاد، ويستعيد بالتالي أكثر من 700 ألف سوري أعمالهم في تركيا بعدما تعطلت في خلال العام الماضي. وصرّح وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة بأنّ بلاده ستبدأ برفع القيود المفروضة في إطار مكافحة فيروس كورونا الجديد تدريجياً، بحسب أوضاع كلّ ولاية ابتداءً من مطلع مارس/ آذار المقبل، موضحاً أنّ وزارته تعمل بدقّة على اتخاذ الخطوات بشأن عودة الحياة إلى طبيعتها وأنّ القرارات ستكون محلية وفقاً لمعايير محددة في إطار أربعة مستويات للخطورة وبقرارات تتّخذها لجان الحفاظ على الصحة في رئاسة الولاية.
وتوضح مصادر تركية أنّ مستويات الخطورة الأربعة مقسّمة بحسب الألوان، على أن تكافأ الولايات الملتزمة بالإجراءات بتخفيف القيود. اللون الأزرق هو للولايات ذات الخطورة المنخفضة، أي التي تقلّ نسبة الإصابة فيها عن 10 من كلّ 100 ألف شخص. واللون الأصفر للولايات ذات الخطورة المتوسطة، مع إصابات تتراوح ما بين 11 و35 من كلّ 100 ألف، واللون البرتقالي للولايات ذات الخطورة مع إصابات تتراوح ما بين 36 و100 من كلّ 100 ألف، واللون الأحمر للولايات ذات الخطورة العالية جداً التي تفوق فيها الإصابات 100 من كلّ 100 ألف.