أهالي ضحايا مقابر ترهونة لا يرون فائدة من جهود الأمم المتحدة

20 سبتمبر 2024
مرت اعوام من دون حسم ملف مقابر ترهونة بليبيا (ندى حارب/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- خلال زيارتها لمواقع المقابر الجماعية في ترهونة، أكدت جورجيت غانيون على حق الأسر في التعرف على أبنائها ودفنهم بكرامة، مطالبة بزيادة جهود البحث والتعرف على الجثث.
- استنكرت رابطة أسر ضحايا المقابر الجماعية إفلات المسؤولين من العقاب، مشيرة إلى أن بعض المتورطين يقيمون في مدن شرق وغرب ليبيا وينخرطون في تشكيلات مسلحة.
- منذ اكتشاف المقابر الجماعية في يونيو 2020، انتشلت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين 346 جثة، بينما لا تزال جثث أخرى مجهولة الهوية.

خلال زيارتها أخيراً أحد مواقع المقابر الجماعية في مدينة ترهونة الليبية برفقة بعض أهالي الضحايا، شددت منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة جورجيت غانيون على حق الأسر في التعرف على أبنائها ودفنهم بكرامة.

طالبت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، منسقة الشؤون الإنسانية المقيمة في ليبيا، جورجيت غانيون، السلطات الليبية بزيادة جهود البحث والتعرف على جثث ضحايا المقابر الجماعية في ترهونة. أما رابطة أسر ضحايا المقابر الجماعية في ترهونة فاستنكرت استمرار إفلات المسؤولين عن المقابر من العقاب.
وأكدت غانيون التي زارت مقابر ترهونة في مناسبة اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري الذي صادف الـ30 من أغسطس/آب، استمرار تقديم الأمم المتحدة المساعدة لجميع السلطات القضائية والجنائية ذات الصلة من أجل دعم الجهود التي تبذلها.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وأصدرت رابطة أسر ضحايا المقابر الجماعية في ترهونة بياناً استنكرت فيه "استمرار وجود عدد من مجرمي مليشيا الكانيات المتورطين في جرائم المقابر الجماعية خارج السجون". وأشارت إلى أن "بعضهم يقيمون في مدن شرق ليبيا وغربها، وينخرطون في تشكيلات مسلحة توفر حماية لهم، ما يعني أنهم باتوا يحتمون خلف السلاح، ضاربين بالأنظمة والقوانين وأوامر الاعتقال الصادرة في حقهم من النيابة العامة المدنية والعسكرية عرض الحائط".
وناشدت الرابطة الادعاء العام العسكري والنيابة العامة والأجهزة الأمنية والقضائية اتخاذ إجراءات في شأن مجرمي مليشيا "الكانيات" الذين جرى تقديم بلاغات ضدهم، وخضعوا لتحقيقات في شأن ما ارتكبوه من جنايات. وأشارت إلى أن بعض المتورطين في جرائم المقابر الجماعية يظهرون على وسائل التواصل الاجتماعي بأسمائهم وصورهم في أماكن وجودهم.
وكانت مليشيا محلية عرفت باسم "الكانيات" ظهرت في مدينة ترهونة، حيث نشطت طوال سنوات، ثم تحالفت مع مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، خلال العدوان على العاصمة طرابلس عامي 2019 و2020، وارتكب أفرادها مجازر في حق المدنيين، خلّفت عشرات المقابر الجماعية التي اكتشفت منتصف عام 2020 حين فرّوا من المدينة برفقة عناصر مليشيات حفتر.
وفيما أفادت تقارير نشرتها وسائل إعلام دولية بأن أكثر من 100 مقبرة جماعية اكتشفتها صور جوية، أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين الحكومية في منتصف مايو الماضي أن عدد الجثث التي انتشلت من المقابر وجرى التعرف على هويات أصحابها عن طريق مطابقة الحمض النووي بذويهم في المختبرات بلغ 346. وأشارت إلى وجود جثث أخرى لم يُحدد أصحابها. ودعت ذوي المفقودين إلى ضرورة فتح ملفات كي تستطيع الفرق سحب عينات من الحمض النووي لمطابقتها مع بقية الجثث.

يتحرك متورطون بجرائم مقابر ترهوتة بحرية في ليبيا (ندى حارب/ Getty)
يتحرك متورطون بجرائم مقابر ترهوتة بحرية في ليبيا (ندى حارب/ Getty)

ومنذ أن شرعت في اكتشاف المقابر وانتشال جثث منها في يونيو 2020، لم تعلن الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين انتهاء عملها. لكن الناشط الحقوقي فتحي العاشوري يتحدث لـ"العربي الجديد" عن أن "عمل الهيئة يقتصر على انتشال الجثث وكشف هويات أصحابها وإحالة تقارير في شأنها إلى الجهات القضائية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة، وضمها إلى ملف المقابر لدى النيابة العامة".
وفي 20 يوليو/تموز الماضي، أمرت النيابة العامة بحبس قيادي في مليشيا "الكانيات" بتهمة قتل 22 شخصاً من أهالي ترهونة. 
وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي، قضت محكمة جنايات طرابلس بإعدام أحد عناصر "الكانيات" رمياً بالرصاص، على خلفية ثبوت ضلوعه في قتل أحد مواطني المدينة، وارتكابه جنايات أخرى.
وجاءت هذه الأحكام استكمالاً لما أعلنته النيابة العامة مطلع العام الحالي عن وجود 51 متهماً في الحبس الاحتياطي على ذمة تحقيقات في قضايا المقابر الجماعية، وإصدارها تسع نشرات حمراء في حق متهمين يتواجدون في السعودية والإمارات ومصر وتونس.
وفيما يصف العاشوري جهود السلطات القضائية في متابعة قضية المقابر بأنها "جيدة"، يذكّر بأن بيان أسر ضحايا المقابر الجماعية في ترهونة يتعلق بتحرك متورطين في ارتكاب جرائم المقابر الجماعية بحرية في ليبيا. ويشير إلى أن "بيان الرابطة يتحدث عن توفير السلطات حماية لهم، عبر قبولهم في تشكيلات مسلحة باتت أجهزة أمنية تنفذ أوامر الجلب والإحضار التي يصدرها القضاء".
يضيف: "من يعنيهم بيان رابطة أهالي الضحايا هم قياديون ضمن مليشيات حفتر يمكن تحديد أماكنهم بسهولة، لكن احتضان حفتر لهم يدل بوضوح على تورطه في هذه الجرائم، فهو لا يحتاج إلى خدماتهم العسكرية بقدر تأمين عدم وصول دليل يمكن أن يدينه".

ولا يرى العاشوري أي فائدة من جهود الأمم المتحدة والقضاء الدولي، "فلجنة تقصّي الحقائق التي شكلتها محكمة الجنايات الدولية لم تصل حتى الآن إلى أي دليل يدين الكانيات، بينما وصل القضاء المحلي إلى أدلة أدانت بعضهم، وأصدر أحكاماً بحقهم، مثل الحكم على متورط بالإعدام رمياً بالرصاص، فهل يعني ذلك أن فريق تقصي الحقائق لا يعتبر أدلة القضاء الليبي مقنعة وقطعية كي يستمر في عدم إعلان التوصل إلى أدلة تدين الكانيات؟".

المساهمون