استمع إلى الملخص
- تعاني المنطقة من نقص حاد في الخدمات الصحية، حيث يبعد أقرب مستشفى عن السويسة 27 كيلومتراً، ويعاني مشفى الجولان من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يزيد من معاناة المصابين.
- يطالب أهالي القنيطرة الجهات الحكومية والمجتمع الدولي بالتحرك لإنهاء معاناتهم، وإعادة إعمار المنطقة، وتوفير الخدمات الأساسية، ومحاسبة إسرائيل دولياً على الانتهاكات.
شهدت قرية السويسة في ريف القنيطرة الجنوبي، جنوبي سورية، الأربعاء الماضي، تصعيداً خطيراً في الانتهاكات الإسرائيلية، إذ أطلق جيش الاحتلال النار بشكل مباشر على المدنيين الذين خرجوا في تظاهرات سلمية احتجاجاً على اقتحام قريتهم وتدمير ممتلكاتهم.
وأسفر هذا الاعتداء عن إصابة 7 سوريين بجروح متفاوتة الخطورة، إضافة إلى إصابة اثنين آخرين في قرية الدواية المجاورة. ووفقاً لمصادر طبية محلية، تم نقل المصابين بجروح خطيرة إلى مستشفيات في العاصمة دمشق لتلقي العلاج، فيما جرى علاج الإصابات المتوسطة في مشفى الجولان بالقنيطرة.
وتعاني المنطقة من سوء الخدمات الصحية، فأقرب مستشفى يبعد عن السويسة نحو 27 كيلومتراً، وهو مستشفى الجولان، بينما لا يوجد في البلدة سوى مستوصف صحي بإمكانيات بسيطة.
لم نستطع التواصل مع أحد من الجرحى نظراً لسوء تغطية الهاتف في القرية، ورفض آخرين منهم التحدث إلى وسائل الإعلام. ويقول مصدران محليان من قرية السويسة التي تبعد نحو 75 كلم عن العاصمة دمشق، وقرية القرقس المحاذية لها، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "أوضاع المصابين تتحسن، وهناك حالة واحدة وضعها حرج، ويخضع صاحبها للعلاج في أحد مشافي دمشق".
حالة الطرق المتردية في القنيطرة لم تقف عائقاً أمام نقل المصابين إلى دمشق
وأكد الناشط سعيد المحمد لـ"العربي الجديد"، أن "حالة الطرق المتردية في محافظة القنيطرة لم تقف عائقاً أمام نقل المصابين إلى دمشق. ورغم وجود دوريات للاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الطريق الرئيسي الذي يربط القنيطرة بدمشق لا يزال مفتوحاً. هناك بعض التحديات الأمنية في المنطقة، من بينها وجود عناصر مسلحة تمارس السرقة في بعض مناطق الطريق، وتحديداً في ساعات الليل. يؤثر هذا الوضع بشكل كبير على حياة المواطنين، ويؤدي إلى صعوبة ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وينبغي العمل على عدة جبهات، أولها تعزيز الأمن والاستقرار، وإعادة إعمار البنية التحتية، ودعم الاقتصاد المحلي".
ويقول أحد أقرباء مصاب من السويسة، رفض ذكر اسمه، إن "أوضاع أحد أبناء أخواله تردى بشكل كبير بعد إصابته، إذ إنه نزف كثيراً، وكاد أن يفارق الحياة، لكن تمكن كادر مشفى الجولان بالقنيطرة من إنقاذه رغم ضعف المعدات والإمكانيات، كما استطاعت فرق الاستجابة الطارئة نقل مصاب إلى دمشق، بعد أن تعرض للإصابة بأكثر من رصاصة، أحدها نافذة من الكلية".
وفي 20 ديسمبر/كانون الأول، أصيب الشاب ماهر الحسين من قرية كويا في الريف الجنوبي الغربي من درعا، برصاص الجيش الإسرائيلي، خلال مظاهرة في قرية معرية المحاذية، رفضاً لتمركز القوات الإسرائيلية في ثكنة الجزيرة القريبة من القرية.
وقال أحد أقارب الشاب لـ"العربي الجديد"، إنه جرى نقله إلى مستشفى مدينة طفس لتلقي العلاج، وبدأ يتماثل للشفاء. وهذا ما أكده أيضاً عمر الحفري من قرية معرية، لـ"العربي الجديد"، قائلاً إنه تواصل مع أحد أصدقائه في القرية ممن يعرفون الشاب المصاب، وأكد تحسّن حالته الصحية.
وفي اتصال هاتفي مع أحد أبناء قرى القنيطرة من آل فويران، والذي فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، إن "قوات أمنية حضرت من العاصمة دمشق، وبدأت التمركز في المدينة لحفظ الأمن، وأدى ذلك لانسحاب قوات إسرائيلية من بعض القرى والبلدات في ريف القنيطرة الجنوبي الشرقي، وبعض قرى ريف درعا الغربي الجنوبي، مثل بيت آره ومعرية".
ويطالب أهالي محافظة القنيطرة الجهات الحكومية السورية والمجتمع الدولي بالتحرك لإنهاء مأساتهم، وفرض انسحاب القوات الإسرائيلية من قراهم وبلداتهم. يقول علي المحمد من مدينة القنيطرة، لـ"العربي الجديد": "عشنا تحت وطأة الاحتلال والدمار لسنوات طويلة، وحان الوقت كي نعيش بسلام وأمان على أرضنا. ندعو الحكومة السورية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاهنا، وتقديم الدعم اللازم لإعادة إعمار المنطقة، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، خصوصاً الخدمات الصحية. لقد دمرت قرانا وبلداتنا من جراء القصف الإسرائيلي المتكرر، ونطالب بتعويضنا عن الخسائر التي لحقت بنا".
بدورها، تؤكد الناشطة أميمة العلي، من مدينة البعث، أن "هؤلاء الجرحى أصيبوا في سبيل الدفاع عن أرضنا وحقنا في العيش بكرامة، وندعو المنظمات الإنسانية إلى تقديم المساعدات الطبية والاجتماعية للجرحى وأسرهم، كما نطالب بوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية، ومحاسبتها عن هذه الجرائم دولياً. لقد عانينا كثيراً، ونريد أن نعيش في مجتمع مستقر".
ويقول أحد كوادر مشفى الجولان في القنيطرة لـ"العربي الجديد"، إنهم كانوا شهوداً على كارثة صحية حقيقية. ويضيف: "نواجه تحديات جمة في تقديم الخدمات الطبية للمواطنين، أبرزها نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يضعنا في موقف محرج عند استقبال الحالات المرضية، خاصة الحالات الطارئة والإصابات. لا نجد أحياناً أبسط الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة للعلاج، ما يؤثر بشكل مباشر على صحة المرضى ويؤخر شفائهم، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى عواقب وخيمة".
ويؤكد الممرض السوري أن "نقص الكوادر الطبية المتخصصة يشكل تحدياً خطيراً يواجه القطاع الصحي في القنيطرة، فالعديد من الاختصاصات الطبية مفقودة بفعل الهجرة، ونتيجة السياسات الحكومية الخاطئة في العهد السابق، ما يجبر المشفى في كثير من الأحيان على تحويل المرضى إلى مشافٍ أخرى، وغالبا مشافي العاصمة دمشق، وهذا الأمر يزيد من معاناتهم ويضع عبئاً إضافياً على كاهل أسرهم".
يتابع: "على الحكومة الجديدة إيلاء القطاع الصحي في القنيطرة الاهتمام اللازم، وتوفير الدعم المالي واللوجستي لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، وتعيين كوادر طبية متخصصة، وإصلاح البنية التحتية للمشافي. الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان، والكوادر الطبية المتوفرة تعمل جاهدة لتقديم أفضل ما لديها للمرضى، لكننا بحاجة إلى الدعم والمساندة".