أسست جامعة طهران، كبرى الجامعات الإيرانية، كرسي "الدراسات السعودية" لمرحلة الماجستير في كلية الدراسات العالمية، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها في إيران، وتحمل في طياتها كثيرا من المعاني والدلالات في هذا التوقيت الزمني بعد المصالحة بين البلدين.
قال مدير مجموعة دراسات غرب آسيا وأفريقيا في كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران، الدكتور جواد شعرباف، لـ"العربي الجديد"، إن الدراسة في هذا الفرع الجديد بالكلية ستبدأ في العام الإيراني المقبل الذي يبدأ في 21 مارس/آذار الجاري، قائلا إن الكلية ستباشر باستقبال الطلبات للراغبين في الحصول على الماجستير في الدراسات السعودية.
إيران تحدد اللغة العربية للدراسة في برنامج الدراسات السعودية
أكد شعرباف أن الدراسات السعودية هي رابع فرع دراساتي عربي في كلية الدراسات العالمية الإيرانية، بعد فلسطين والعراق ومصر، إلى جانب كراسي دراسات أميركا الشمالية وأوروبا وروسيا واليابان والهند وفرنسا وبريطانيا وغيرها.
ولفت الآكاديمي الإيراني المسؤول إلى أن لغة الدراسة في الفروع الدراساتية للبلدان العربية، بما فيها الدراسات السعودية في الكلية، هي العربية، قائلا إن لغة التعليم في أي من الدراسات عن البلدان في الكلية ستكون بلغة البلد نفسه.
وعن سبب إنشاء كرسي الدراسات السعودية، أشار مدير مجموعة دراسات غرب آسيا وأفريقيا في كلية الدراسات العالمية الإيرانية، إلى أهمية كراسي البحث العلمي عن الدول في الجامعات ودورها في العلاقات الخارجية بين هذه الدول، مؤكدا أن كلية الدراسات العالمية الإيرانية تأسست لتأمين احتياجات الأجهزة الإيرانية الناشطة في السياسة، خاصة السياسة الخارجية.
كلية الدراسات العالمية الإيرانية تأسست لتأمين احتياجات الأجهزة الإيرانية الناشطة في السياسة
ومضى شعرباف قائلا إن الكلية تقدمت قبل عقد من الزمن بطلب لإنشاء كرسي الدراسات السعودية، "لكن للأسف ولأسباب مختلفة لم يحصل ذلك"، مشيرا إلى أنه تم إعادة طرح الموضوع خلال العام الماضي، وانعقدت عدة جلسات نقاش بشأن ذلك وتحديد المواد الدراسية، إلى أن وافقت وزارة العلوم وتقنية المعلومات (التعليم العالي) على ذلك خلال فبراير/شباط الماضي.
وعن الحاجة لإنشاء الكرسي، قال أستاذ جامعة طهران إنه بعد إنشاء كراسي دراسات عن مصر والعراق وفلسطين "كانت هناك ثمة حاجة ملحّة لإنشاء الدراسات السعودية" لأن السعودية ضمن دول لها أهم حضور ودور في البيئة الأمنية المحيطة بالجمهورية الإٍسلامية في المنطقة، كما أنها دولة جارة لإيران تربطها مصالح ومنافع مشتركة مع السعودية.
ووصف الباحث الإيراني البارز السعودية بأنها "دولة كبيرة"، يمكن أن تشكل إلى جانب إيران "معا مرفأ للأمن والازدهار في المنطقة"، لافتا إلى "تنافس جاد" ظهر بين إيران، سواء قبل الثورة الإسلامية عام 1979 أو بعدها، وبين السعودية.
وأوضح أن هذا التنافس كان قد اتخذ في فترات طابعا عدائيا بسبب تدخّل قوى أجنبية كانت ضد تحسّن العلاقات بين طهران والرياض، لافتا إلى مخاوف وقلاقل حالت سابقا دون التقارب بين إيران وجيرانها العرب في الجنوب.
ولفت شعرباف إلى أن الحالة المتوترة التي وصلت إليها العلاقات بين البلدين أحيانا كانت مردها عدم وجود معرفة عميقة عن كل منهما لدى الآخر.
من جهته، قال أستاذ كلية الدراسات العالمية، الدكتور هادي برهاني، لـ"العربي الجديد"، إن ثمة انطباعا لدى نخب إيرانية في السلطة وخارجها عن عدم استغلال الفرص الكامنة في العلاقات الإيرانية السعودية بعد الثورة الإٍسلامية لجهة تحقيق مصالح البلدين، الأمر الذي أدى إلى ظهور علاقات متوترة مكلفة لهما، رغم الاشتراكات والمصالح الكبرى التي كان يمكن تحقيقها.
وأكد برهاني أن المصالحة الإيرانية السعودية في مارس/آذار 2023 وزيادة منسوب التعاون بين البلدين، قد انسحب إيجابا لإنشاء هذا الفرع الجامعي، معربا عن أمله في أن يساهم كرسي الدراسات السعودية في جامعة طهران في بناء فرص جديدة وبناءة لتحقيق معرفة علمية معمقة عن السعودية، ونقلها إلى المجتمع والسياسة بغية نسج مستقبل مشرق للعلاقات الثنائية.
وتابع أستاذ الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية في كلية الدراسات العالمية الإيرانية أن الاحتلال الإسرائيلي كان المستفيد من العلاقات المتوترة السابقة بين طهران والرياض، عازيا هذه التوترات إلى مشاكل نتجت عن عدم وجود فهم صحيح ومعرفة سطحية غير أكاديمية وغير علمية بشأن العلاقات والبلدين.
وأكد أن كرسي الدراسات السعودية تأسس انطلاقا من رؤية تحتم النظر إلى السعودية من زاوية علمية ومحايدة وموضوعية.