يتابع الاختصاصي الفلسطيني، محمد الخالدي، من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، المراحل المتعدّدة لصناعة طرف صناعي، لتقديمه بسعر التكلفة إلى أحد مُصابي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في عام 2012.
ويُساعد الخالدي، عدد من الاختصاصيين، في الخطوات الكثيرة لصناعة الطرف الواحد، وهي تراوح بين 21 حتى 40 خطوة، من بينهم المهندس الطبي، إبراهيم عيسى، المختصّ في صيانة الأجهزة ومتابعتها، ومعه المهندسون الطبيون، ومهندسو الأطراف.
ويسعى معمل الأطراف الصناعية الوحيد في المنطقة الجنوبية من القطاع، إلى تقديم خدماته إلى مُصابي الانتفاضة والحروب والحوادث اليومية في جميع المُحافظات، بتكلفة قد تنخفض حتى 50 بالمائة مقارنة بالتكلفة الخارجية، أو بتكلفة صفرية في حال التبني من جمعية أو لجنة زكاة، وذلك "إيماناً بالمسؤولية المجتمعية تجاه مختلف الشرائح، ومراعاة للأحوال الاقتصادية العامة التي يمرّ فيها أهالي القطاع المُحاصر منذ ما يزيد على 14 عاماً"، وفق القائمين على المعمل.
ويشمل المعمل، الذي أُنشئ بجهود فردية، عدداً من التخصّصات الطبية. وقد استُبدِلَت الأجهزة الطبية، وأجهزة صناعة الأطراف المُكلفة، بأجهزة بديلة مُساعدة تعطي النتيجة نفسها، وبمواصفات طبية عالمية، حتى يتسنى تقديم الخدمات بأسعار مخفضة.
ويقول الاختصاصي محمد الخالدي، وهو خريج أطراف صناعية من الكلية الجامعية للعلوم المهنية والتطبيقية، إنّ السبب الرئيس لإنشاء معمل الأطراف الصناعية، زيادة أعداد الإصابات والبتر والتشوّهات، الناتجة من الحروب الإسرائيلية على القطاع، علاوة على الحوادث اليومية.
ويوضح الخالدي لـ "العربي الجديد" أنّ زيادة تلك النسب تأتي بالتزامن مع الأحوال الاقتصادية السيئة للمواطنين في قطاع غزة بفعل الأزمة الاقتصادية الناتجة من الحصار الإسرائيلي وانعدام فرص العمل، ما دفعه إلى التفكير في خدمة الناس وفق استطاعته، وذلك بصناعة الأطراف الصناعية، بتكلفة منخفضة مقارنة بالأسعار الخارجية.
ويضيف الخالدي أنه إلى جانب تخصّصه، شارك في العديد من الدورات التي ساعدته على افتتاح معمله الخاص، ومن بينها دورات الإسعافات، التجبير، التعلّم على الأجهزة والأدوات المُساعدة في علم الإعاقة، والتواصل مع المعوَّقين.
واستبدل الشاب الفلسطيني بعض الأجهزة الضرورية، وذات التكلفة العالية، بأجهزة بديلة، مثل جهاز الفانكوم، وأجهزة الحَف والتنعيم، بأجهزة تعطي النتيجة ذاتها، فيما بدأ بتقديم خدمة الأطراف الصناعية بأقلّ التكاليف الممكنة، إلى جانب الأطراف الصناعية التجميلية، كالأصابع، الكفّ، العين، جزء من الشفاه، جزء من الجفن، جزء من الفخذ، وغيرها.
ويضمّ المعمل قسماً مختصّاً بأجهزة تقويم العظام، التي تُعنى بكسور العمود الفقري ومختلف الكسور، إلى جانب صناعة خوذة تقويم الجمجمة عند الأطفال، وجبائر تقويم القدمين، وجهاز تحفيز الأعصاب المُتحركة، علاوة على قسم للأحذية الطبية، وسقوط القدم، وتقطع الشرايين، والتشوهات والحروق وحالات البتر بمختلف أنواعها.
ولم يغفل المعمل عن توفير خدمة الاستشارة والتوعية، التي من خلالها يُنصَح المُصاب ويُوجَّه إلى المكان المُناسب داخلياً وفي الخارج، وفق الخالدي، إذ عقد توأمة مع عدد من مراكز الأطراف الصناعية خارج فلسطين، في السعودية ومصر والأردن وتركيا، التي تصنع الأطراف بسعر التكلفة.
ويقول المهندس الطبي، إبراهيم عيسى، إنّ عملية صناعة الطرف الصناعي تمرّ بعدد من المراحل، تراوح بين 21 حتى 40 مرحلة، تؤخذ فيها قياسات الطرف، ويُحَفّ ويُنَعَّم، وتُجهَّز الزوايا والمسطرة والقاعدة والتوازن، ومن ثم التعبئة، والتنعيم والتعديل، وتجهيز البطانة الداخلية، والمرور بعدد من الخطوات الخاصة بتجهيز القالب وتعديله، وتجهيز قالب الجبس وتنعيمه، كما تجهيزه على ماكينة الشلايف، وصولاً إلى تجربته على جاهز توازن القدم، والتأكد من قاعدة توازن الطرف، وبعد ذلك يُجرَّب على المريض لقياس درجة التوازن، ويُغلَّف بالإسفنج وفق لون بشرة المُصاب.
وعلى الرغم من مواجهة الشباب إشكالية عدم توافر المواد المطلوبة، والأوضاع الاقتصادية المتردية، وحالة الحصار والانقسام الفلسطيني، إلا أنهم يهدفون إلى تقديم أجود أنواع الأطراف وتقديمها للأشخاص باختلاف حالاتهم الاجتماعية، حتى يتمكنوا من متابعة حياتهم بشكل طبيعي.