استغلال مسكوت عنه لعمال المتاجر الكبيرة في غزة

25 ابريل 2023
الخوف من البطالة يدفع العمال إلى الحفاظ على عملهم (محمد الحجار)
+ الخط -

خلال السنوات الست الأخيرة انتشرت في قطاع غزة متاجر كبيرة توفر كامل الاحتياجات المنزلية، داخل مبانٍ كبيرة ووسط أهم شوارع القطاع. الإقبال الكبير عليها لا يلغي الانتهاكات التي ترتكبها بحق العاملين معها، منها منحهم أجوراً متدنية وحرمان بعضهم من الاستراحة وغير ذلك. 
في بداية فبراير/ شباط الماضي أثارت قضية عامل في أحد المتاجر الكبيرة وسط غزة ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ طُرد لتناوله وجبة طعام داخل المتجر أثناء العمل، من دون الحصول على إذن المشرف على العمال، مع الإشارة إلى أن بدل أجره اليومي كان متدنياً. شارك شقيقه قصته خلال أحد البرامج الإذاعية الصباحية، قائلاً إنه يتقاضى 6 دولارات في اليوم، ليتداول الغزيون قصته على مواقع التواصل الاجتماعي، معربين عن تضامنهم مع العامل.
لكنّ سرعان ما تحركت جهات من وزارة العمل في غزة لحل قضية العامل وإعادته إلى العمل مع التزام صاحب العمل بإعطائه حقوقه. وتم تداول صور أصحاب المتجر مع طاقم من وزارة العمل ومحامٍ برفقتهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تأكيداً على حل القضية بالتراضي وإعادة العامل إلى وظيفته. إلا أن ما حدث أدى إلى خروج كثيرين عن صمتهم للحديث عما يتعرض له عمال المتاجر بغزة.

يشكو كثيرون غياب حقوق العمال في غزة (محمد الحجار)
يشكو كثيرون غياب حقوق العمال في غزة (محمد الحجار)

وكتب العديد من العمال على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم تعرّضوا لما حدث مع العامل إلا أن أحداً لم يسمع صوتهم. كما أن بعضهم لا يحصل على الحقوق المنصوص عليها في قانون العمل الفلسطيني، أو يتقاضون أجراً منخفضاً. وعلت الأصوات لفضح ما يتعرض له العمال من استغلال وأجور متدنية في ظل عدم تطبيق القوانين في غزة والاكتفاء بتطبيقها في الضفة الغربية. من بين هؤلاء عثمان حنّون (30 عاماً)، والذي لم يحصل بعد على حقوقه المالية من أحد المتاجر الكبيرة في غزة.
على مدى عامين ونصف العام، عمل جنون بأجر أقل من الحد الأدنى للأجور بحسب قانون العمل العامل في قطاع غزة، وهو 1450 شيكلاً (حوالي 400 دولار)، كما لم يحصل على حقه في مكافأة نهاية الخدمة، وفُصل تعسفياً. ويشير إلى ضعف الرقابة التي تفرضها وزارة العمل على المتاجر الكبرى لضمان حصول العمال على حقوقهم. 
ويقول لـ "العربي الجديد": "لا حقوق للعمال في غزة. يعلق الجميع أسباب عدم منح العمال حقوقهم على الحصار الإسرائيلي والأزمات الاقتصادية وغيرها. في بعض الأحيان، نعمل 12 ساعة يومياً وأحياناً أكثر. وزاد عددنا مع انتشار المتاجر الكبرى خلال السنوات الأخيرة. كما عمل الشقيقان إيهاب وحسام أبو سمرة في اثنين من المتاجر الكبيرة، لكنهما واجها عدداً من المشكلات وحسماً من راتبيهما وتهديداً بالفصل، إلى أن طردا من دون الحصول على حقوقهما". وتقدما بشكوى قانونية لعدم حصولهما على حقوقهما. لكنهما تنازلا عنها بعد مساومتهما للحصول على نسبة منها خلال أربع سنوات.

تعمل وزارة العمل في غزة على تشديد الرقابة (محمد الحجار)
تسعى وزارة العمل في غزة إلى تشديد الرقابة (محمد الحجار)

ويقول حسام لـ "العربي الجديد" إن "الدعاوى تستغرق وقتاً، وهو ما يدركه صاحب العمل. وفي النتيجة، يضطر العامل أن يكون رقيباً على نفسه حتى لا يخسر عمله في ظل قلة فرص العمل". ويطالب الجهات المسؤولة بمتابعة أحوال العمال في المتاجر الكبرى. 
وإثر الضجة التي أثيرت حول حقوق العمال، نظم عدد من منظمات المجتمع المدني لقاءات جمعت وكيل وزارة العمل في قطاع غزة إيهاب الغصين والائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) من أجل مناقشة ملفات العمل والشكاوى المتعلقة فيها. تطرقت اللقاءات إلى تحسين أحوال العاملين في المنشآت ووضع ضوابط على العمال وأصحاب المتاجر والمنشآت المختلفة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويقول الغصين لـ "العربي الجديد": "هناك أصحاب منشآت وأعمال يتضررون من الغلاء والتكاليف والحصار وغيرها. ننظر بالمناصفة لكن ننحاز للعمال في بعض المرات، ونسعى لتأمين حقوق العاملين وفقاً لما نص عليه قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000. لكن الواقع في قطاع غزة صعب في ظل الحالة الاقتصادية واستمرار الحصار والاعتداءات الإسرائيلية وعدم تحقيق المصالحة الوطنية، واختلاف المستوى المعيشي بشكل كبير عن الضفة المحتلة التي طبقت مؤخراً الحد الأدنى للأجور الذي وصل إلى 1880 شيكلاً (نحو 527 دولاراً)".
ويشير إلى أن الوزارة في الوقت الحالي تشدد الرقابة على الإدارة العامة للتفتيش وحماية العمل، من أجل توفير بيئة عمل آمنة ولائقة، وحماية العامل وصاحب العمل، وملفات إصابات العمل، والحفاظ على حقوق العمال، ومتابعة الشكاوى والنزاعات العمالية بين طرفي الإنتاج وغيرها.

المساهمون