استمع إلى الملخص
- تزامنت الأحداث مع مظاهرات في أحياء دمشق المسيحية، حيث طالب المحتجون بمحاسبة المتورطين، وأكد الناشطون أن الحوادث لا تعبر عن نهج الحكومة الجديدة.
- في محردة، وقع إطلاق نار على كنيسة مار جرجس، وتستمر الجهود لتعزيز الأمن ومنع الفتنة، مع التركيز على التحول الإيجابي في البلاد.
أحرق مُسلحون مجهولون، أمس الاثنين، شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية بريف حماة الشمالي الغربي، وسط سورية، ما أدى إلى خروج مظاهرات احتجاجية ضمن المناطق ذات الأغلبية المسيحية في العاصمة السورية دمشق، منددة بهذه الأعمال التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وظهر أحد المسؤولين الأمنيين لدى إدارة العمليات العسكرية، في مقطع فيديو مصوّر تداوله نشطاء سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الاثنين، أكد فيه أن من أحرقوا شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية بريف حماة الشمالي الغربي هم من جنسيات غير سورية، مؤكداً أنه سيتم محاسبة المتورطين، وإعادة تأهيل الشجرة ليحتفل أهالي المدينة بعيد الميلاد.
كاهن رعية السقيلبية الأب ماهر حداد: أقدم 8 أشخاص من الجنسية غير السورية على إضرام النار في شجرة الميلاد بعد مضي يومين على إنارتها، والأمن العام تمكن من إلقاء القبض عليهم وتوقيفهم، وسيتم إعادة ترميم الشجرة وإنارتها مجدداً. pic.twitter.com/BhjTbS4ZaR
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 23, 2024
من جهته، كشف كاهن رعية مدينة السقيلبية الأب ماهر حداد عن تفاصيل حادثة إحراق شجرة عيد الميلاد في المدينة، موضحاً أن ثمانية أشخاص من جنسية غير سورية أضرموا النار في الشجرة بعد يومين من إنارتها. وأكد الكاهن أن الأجهزة الأمنية اعتقلت جميع المتورطين. وفي مقطع فيديو لاحق، ظهر مسؤول في إدارة العمليات العسكرية برفقة رجال دين من الطائفة المسيحية، مؤكداً للأهالي أن المتهمين ليسوا سوريين، مشدداً على أنهم سيواجهون عقوبات صارمة. مضيفاً: "الشجرة ستكون مرممة بالكامل مع صباح الغد"، ومطمئناً السكان باستمرار الجهود لإعادة الأمن والفرح إلى المدينة.
تم إعادة ترميم شجرة الميلاد بمدينة السقيلبية في ريف حماة.. بعد محاولة مجاهيل حرقها pic.twitter.com/oXtZiPwgNH
— موسى العمر (@MousaAlomar) December 23, 2024
وقالت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" إن الإدارة الجديدة المُكلفة بتسيير أعمال محافظة حماة، أرسلت فريقاً ليل الاثنين أعاد ترميم شجرة الميلاد في مدينة السقيلبية بريف حماة الشمالي الغربي، كما اعتقلت قوات الأمن والشرطة ثمانية أشخاص متورطين في إحراق شجرة الميلاد، وكثفت من انتشارها في المدينة بهدف ضبط الأمن وعدم وقوع أي تجاوزات تهدف إلى منع أبناء الطائفة المسيحية من ممارسة احتفالاتهم وطقوسهم الدينية.
ممثل الهيئة في مدينة السقيلبية يرفع الصليب بعد وضع شجرة عيد الميلاد و يقول بدنا نضويها ، يقصد انارة الشجرة بالاضواء . pic.twitter.com/5bD3qcoAzB
— حمد الطلاع الجبوري (@chehab18) December 24, 2024
وشهدت أحياء القصاع وباب توما والدويلعة (ذات الغالبية المسيحية) في العاصمة السورية دمشق مظاهرات ليل الاثنين، تنديداً بحرق شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية، مطالبين بمحاسبة المتورطين وضبط الوضع الأمني في المنطقة بالتزامن مع اقتراب عيد الميلاد.
وتداول ناشطون سوريون مقطع فيديو مصوّر للشيخ إبراهيم أبو سلمان بعد حرق الشجرة إلى جانب الصليب يعتذر للأهالي ويتوعد المخربين بالعقاب، مضيفاً "بدنا نضويها الليلة للشجرة وإعادة ترميمها"، في تصرف يعبر عن المحبة والوعي، كما وصفه ناشطون سوريون.
الأربعيني سليم الحداد المنحدر من مدينة سقيلبية بريف حماة، والذي تظاهر الليلة الماضية في دمشق، رافضاً إحراق شجرة عيد الميلاد، قال لـ"العربي الجديد": "لم نشهد أي مضايقات في جرمانا حيث أقيم، على العكس تماماً نعيش في جوّ من الفرحة. والمظاهرة كانت رفضاً لأي محاولة تفرقة أو إثارة فوضى وفتنة، لا أظن أن هيئة تحرير الشام خلف حريق الشجرة، بالتأكيد هناك من يريد التخريب وإثارة الفتنة بين الناس". مضيفاً "أعتقد أن هذا العام سيكون الأفضل، والتحضيرات تتم بحرية كاملة لنا، لا أحد حتى يسأل عن طائفة الآخر أو ملته، كلنا هنا نشارك بعضنا البعض في التحضيرات والتزيين. رسالتنا أن الحب سيعم سورية ولن يكون هناك مكان للمخربين ومثيري الفتن وزارعي التفرقة بيننا كسوريين".
احتفالات عيد الميلاد من العاصمة السورية دمشق اليوم..
— Rusly Al-Maliki 🇮🇶 رسلي المالكي (@RusslyA) December 22, 2024
منطقة جرمانا.. pic.twitter.com/1mEaUgLw1A
وحول الحادثة، يقول الناشط الحقوقي عبد الناشط حوشان المنحدر من ريف محافظة حماة، لـ"العربي الجديد"، إن "الأحكام لا تبنى على الخاص الشاذ وإنما على العموم الشائع، اليوم نشهد حالة استقرار وطمأنينة غير متوقعة، وليس من مصلحة أي عاقل ضرب هذه الحالة، وأي فعل لا بد له من فاعل ويمكن الاستدلال على الفاعل من خلال المصلحة أو المفسدة الناتجة عن الفعل". مشيراً إلى أن "الاستقرار ليس من مصلحة فلول النظام لذا فإن أي حوادث تعكر هذا الحال يفترض أن يقف وراءها هؤلاء الفلول حتى يثبت العكس"، مؤكداً أنه "قد تقع بعض الحوادث نتيجة طيش أو استفزاز أو تحريض أو قلة خبرة بالتعامل مع الظرف الحالي وهو ظرف حساس، إذ ما زالت النفوس مشحونة و القلوب مكلومة"، مشدداً على أن "هذه الحوادث لا تعتبر عن النهج العام للحكومة الجديدة التي ما زالت حريصة على السلم الأهلي والقرارات والإجراءات التي تتخذها دليل ذلك".
وأوضح حوشان أنه "علينا تسليط الضوء على المسار الحقيقي للتحول وهو مسار جيد وآمن وعدم تضخيم الحوادث الفردية، لأن ذلك واجب على كل فرد لأننا مكلفون بتحقيق السلم الأهلي كل من موقعه". مطالباً بـ"العمل على تحجيم خطر الفلول التي لا تنفك عن زرع الفتن بين السوريين من خلال حملات التحريض".
وحول الأجانب الذين قيل إنهم متورّطون في الحادث، لم تتضح هويتهم بعد وتحدث بعض الناشطين عن إمكانية أن يكونوا من الشيشان أو الأوزبك أو التركستان، غير أن الناشط محمد الشمالي لم يستبعد في حديث مع "العربي الجديد" أن يكون فلول النظام السابق وراء الحادث بهدف بث الفتن وخلق مصاعب للإدارة الجديدة في سورية، لافتاً إلى أن منطقة السقيلبية كانت إحدى أبرز مناطق نفوذ النظام السابق، واشتهر فيها قائد مليشيا الدفاع الوطني في السقيلبية المدعو نابل العبد الله، والذي كان يحظى برعاية خاصة من روسيا.
يذكر أنه في 18 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أقدم مُسلحون مجهولون على إطلاق النار على مبنى كنيسة مار جرجس وجرى تدمير بعض القبور فيها ضمن مدينة محردة بريف حماة الشمالي، وعمل فريق "الاستجابة الطارئة" في اليوم الثاني على ترميم ما خُرّب في الكنيسة والمقبرة، وإعادتها إلى ما كانت عليه سابقاً.