قالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، براميلا باتن، إن النساء والفتيات في المناطق الجبلية النائية في وسط وشمال تيغراي بإثيوبيا يتعرضن لمستويات من العنف الجنسي والقسوة بشكل لا يمكن تخيله أو فهمه.
وأضافت أن "عمال الرعاية الصحية في تلك المناطق يوثقون يومياً حالات الاغتصاب الجماعي، هذا على الرغم من خوفهم من الانتقام والهجمات على الملاجئ والعيادات القليلة التي ما زالت مفتوحة".
وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، الذي ناقش تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الأخير حول العنف في النزاعات المسلحة واستخدام العنف الجنسي والاغتصاب كسلاح حرب. ويوثق التقرير الحالات التي سُجِّلَت عام 2020 ويغطي 18 دولة ومنطقة صراع، بما فيها دول عربية كاليمن وليبيا وسورية والعراق. ويوثق أكثر من 2500 حالة من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات تمكنت الأمم المتحدة من التحقق منها.
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن الأغلبية الساحقة من تلك الاعتداءات تستهدف النساء والفتيات، بنسبة 96 بالمئة، إلا أن هناك اعتداءات كذلك على الرجال، وخاصة في أماكن الاحتجاز. ونبهت إلى أن الكثير من الحالات لا تُسجَّل، حيث يخشى الضحايا من وصمة العار المصحوبة بتعرضهم للاغتصاب أو الانتقام، فضلاً عن عدم وجود الخدمات لمساعدتهم نفسياً وصحياً ولأسباب أخرى. وحذرت من التبعات النفسية والمعاناة التي يعيشها الضحايا.
وذكّرت باتن بقرار مجلس الأمن رقم 2467 (2019) المتعلق باستخدام العنف الجنسي في النزاعات المسلحة، ومطالبة القرار للدول بالتركيز كذلك على الناجين من طريق الاستماع إلى أصواتهم في ما يخص السياسات التي توضع والبرامج التي تُرصَد.
وأكدت ضرورة معاملة الضحايا بكرامة واحترام وكأصحاب حق وتقديم مساعدات عالية الجودة متعددة المجالات، داعية إلى ضرورة تسليط الضوء على الأسباب الجذرية الهيكلية للعنف الجنسي وقضية استخدامه كسلاح في النزاعات والصراعات.
وكان قرار مجلس الأمن آنف الذكر قد دعا إلى فرض عقوبات على مرتكبي جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي في مناطق الحروب والنزاعات والعمل على دعم الناجين والناجيات من طريق تقديم الدعم المادي وتشجيع الدول على إقرار آلية محاسبة.
وقدم عدد من المختصين في المجال إحاطاتهم وشهادتهم أمام المجلس، ومن بينهم الطبيب الكونغولي، دينس موكويغي، الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2018 لعمله منذ عقود في علاج الأضرار التي تلحق بالنساء اللواتي تعرضن لاغتصاب جماعي.
ووجه موكويغي انتقادات إلى المجتمع الدولي لعدم رصده التمويل الكافي لدعم الناجين والضحايا، وكذا استمرار الإفلات من العقاب وعلى نطاق واسع.
ووصف آفة العنف الجنسي بجائحة حقيقية في جميع سياقات النزاع دون أن يُقدَّم دعم كافٍ لمكافحتها. وأضاف: "يستخدم العنف الجنسي والاغتصاب كاستراتيجية في الحروب لفرض السيطرة والهيمنة وبث الذعر بين المدنيين. لكننا لم نقترب من وضع خطوط حمراء في ما يخص استخدامه كاستراتيجية. وما زال نضالنا مستمراً من أجل عالم تتمكن فيه كل امرأة وفتاة من العيش بعيداً عن العنف". ثم تحدث إلى المجلس، قائلاً: "منذ إنشاء ولاية ممثل خاص للعنف الجنسي المتصل بالنزاعات لم تستهدف جزاءات مجلس الأمن الدولي أي شخص أو حتى كيان على ارتكاب هذه الجرائم بشكل خاص. أحث المجلس على ترجمة قراراته إلى أفعال وفرض قوائم سوداء وجزاءات اقتصادية ومالية وسياسية، إضافة إلى الملاحقة القضائية ضد مرتكبي هذه الجرائم والمحرضين عليها".
وفي إحاطتها، أشارت مديرة "شبكة نساء جنوب السودان لذوات الاحتياجات الخاصة"، كارولين أتيم، إلى أن جنوب السودان ما زال يعاني من عنف جنسي وقبلي وسياسي مع استمرار استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب وأداة لإذلال النساء والفتيات.
وقالت إن "أكثر من 65 بالمئة من النساء في جنوب السودان عرفن العنف الجنسي والجسدي، وهو ضعف المتوسط العالمي"، لافتة الانتباه إلى قضية مهمة يجري تناسيها بأن النساء والفتيات اللواتي يعانين من إعاقة أكثر عرضة لخطر العنف الجنسي والاستغلال، وخاصة في النزاعات، كما يهملن ويعانين من العزلة أكثر من غيرهن من بقية النساء والفتيات.