تنتظر مدرسة في تجمع "عين سامية" البدوي، شمال شرق رام الله وسط الضفة الغربية، مصيرها بالهدم، بعد قرار فوري بالهدم أصدرته المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس، أمس الأربعاء، بناءً على طلب الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد مركز القدس للمساعدة القانونية، في بيان صحافي، قرار الهدم، مشيراً إلى أن المدرسة أقيمت على أرض خاصة تبرع بها مواطن فلسطيني من بلدة كفر مالك، منتصف يناير/ كانون الثاني 2022، بتنسيق مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية وبتمويل أوروبي من خلال إحدى المؤسسات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية.
وقال المشرف العام لمنظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات لـ"العربي الجديد": "إن قرار محكمة الاحتلال المركزية بالهدم الفوري للمدرسة يعتبر جريمة حرب موصوفة، حيث تحرم سلطات الاحتلال المواطنين من حق أصيل من حقوق الإنسان، وتهدف من وراء هذا القرار إلى تهجير سكان تجمع عين سامية البدوي، من أجل مصادرة الأرض وتحويلها إلى وحدات استيطانية جديدة، ما يمثل جريمة حرب حسب القانون الدولي، كونه إحلالاً للمستوطنين مكان السكّان الأصليين".
وشدد مليحات على أن "هذا القرار بمثابة نموذج صارخ لسياسة التمييز العنصري، ومخالفة لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية لاهاي، ومخالف لقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي تطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل المستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967"، مطالباً بتدخل دولي ومواقف حازمة إزاء الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد المواطنين في هذا التجمع البدوي.
من جانبها، أدانت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في بيان صحافي، قرار محكمة السلطة القائمة بالاحتلال القاضي بهدم وتدمير مدرسة عين سامية الأساسية في مديرية تربية رام الله والبيرة، فيما أكدت الوزارة أن هذا القرار الجائر بحق المدرسة يُمثل جريمة بشعة تضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال المتواصلة ضد القطاع التعليمي، والحق في التعليم على كافة الأرض الفلسطينية بما في ذلك المناطق الأقل حظاً، واستهدافه الأطفال والطلبة والكوادر التربوية والمؤسسات التعليمية من دون اكتراث بالمواثيق والقوانين والأعراف الدولية وحرمان الأطفال والفتيات من الوصول إلى التعليم.
وأشارت وزارة "التربية" إلى أن اعتداءات الاحتلال وجرائمه بحق المؤسسات التعليمية تُشكل انتهاكاً صارخاً لحق الطلبة وضمان حقهم في التعليم الآمن والحر، داعيةً جميع المؤسسات والمنظمات الدولية القانونية والحقوقية والإعلامية؛ لتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية إزاء انتهاكات الاحتلال المتصاعدة، والعمل على لجم هذه الممارسات العدوانية وفضحها وإثارتها في المحافل والميادين كافة، وتوفير الحماية والمناصرة لطلبتنا وللكوادر التربوية.
وكانت جلسة للنظر في الالتماس الذي قدمه محامو "مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان" نيابة عن المتبرع بالأرض ضد قرار هدم المدرسة، الصادر عن الإدارة المدنية للاحتلال بتاريخ 28 إبريل/نيسان الماضي، عُقدت صباح أمس الأربعاء.
وفي حيثيات القرار في الالتماس، وضعت القاضية الملتمسين أمام خيارين، إما أن يقوموا بالهدم الذاتي بتاريخ محدد، أو أن يجرى الهدم من قبل الإدارة المدنية، وفي هذه الحالة، سيدفع الملتمسون تكاليف الهدم بالإضافة إلى مصاريف المحكمة، وغرامة عالية جداً لم تحددها، ولكنها هددت بأنها ستكون أكثر بكثير "مما تتوقعون".
ووفق مركز القدس للمساعدة القانونية، فإن بدو عين سامية يناشدون جميع الهيئات المحلية والدولية، وخاصة البعثات الدبلوماسية التي قامت بزيارة تضامنية لمدرسة التجمع بتاريخ 16 فبراير/ شباط الماضي، التدخل العاجل لدى سلطات الاحتلال لمنع هدم المدرسة، حيث باتت تحت خطر الهدم الوشيك.
وكانت المدرسة أقيمت، بتاريخ 15 يناير/ كانون الثاني 2022، بجهود متطوعين، لتخدم طلاب تجمع عين سامية البدوي، كواحدة من مدارس الصمود والتحدي في المناطق المصنفة (ج)، وتخدم لتدريس الصف الأول حتى السادس، لحوالي سبعة أطفال من التجمعات البدوية المحيطة بها.
ويقع تجمع عين سامية البدوي على أطراف بادية القدس، إلى الشمال الشرقي، حيث استقرت عشيرة العمرين/ الكعابنة البدوية منذ نحو خمسة وثلاثين عاماً، والتي تضم قرابة ثلاثمائة مواطن ذاقوا مرارة التهجير والترحيل مرات عديدة قبل أن يستقروا في هذا المكان، ضمن تفاهمات غير مكتوبة مع الإدارة المدنية للاحتلال، التي صادرت جزءاً كبيراً من أراضي التجمع والمنطقة المحيطة لصالح مستوطنة "كوكب الصباح" الاحتلالية.
ويعاني أهالي تجمع "عين سامية" البدوي من اعتداءات متكررة من قبل المستوطنين بهدف مصادرة ما تبقى من الأرض وطرد أهل التجمع منها، كما أن التلال المحيطة بالتجمع البدوي شهدت إقامة عدة بؤر استيطانية على شكل بؤر رعوية تتكون كل منها من "كرفان" أي (بيت متنقل) وقطيع أغنام أو أبقار.
وأكد مركز القدس للمساعدة القانونية أن تلك البؤر الرعوية تهدف إلى نشر الإرهاب في المنطقة وتطهيرها عرقياً باستخدام مزيج من الإرهاب والأدوات الرسمية للاحتلال، حيث يشكل الطرفان وجهين لعملة واحدة تمارس التهجير القسري، الذي يرتقي إلى كونه جريمة حرب بحق السكان المحميين تحت الاحتلال.