مشّطت سفن البحرية الهندية وطائراتها المياه قبالة مدينة مومباي، العاصمة المالية للبلاد، اليوم الأربعاء، بحثاً عن 77 عاملاً مفقودين، إثر غرق مركب بعد هبوب إعصار قوي على الساحل الغربي للهند هذا الأسبوع.
وقالت السلطات إنّ الإعصار توكتاي سبّب ارتفاع الأمواج، واجتاح ولايتي مهاراشترا وجوجارات الغربيتين على مدى اليومين الماضيين، فخلّف قتلى ودماراً.
ووصلت العاصفة إلى حقل بومباي هاي النفطي القريب من مومباي، حيث توجد أكبر منصات النفط البحرية في الهند، وأغرق المركب الذي كان يحمل على متنه 261 من العاملين.
الإعصار توكتاي تسبب في ارتفاع الأمواج واجتاح ولايتي مهاراشترا وجوجارات الغربيتين على مدى اليومين الماضيين فخلّف قتلى ودمارا
ومن المقرر أن يتفقد رئيس الوزراء ناريندرا مودي المناطق التي اجتاحتها العاصفة في مسقط رأسه ولاية جوجارات التي وصل إليها الإعصار يوم الاثنين محملاً برياح تصل سرعتها إلى 210 كيلومترات في الساعة.
وقالت السلطات إن الإعصار سبّب انهيار أبراج كهرباء، ودمر نحو 16500 منزل، وسدّ أكثر من 600 طريق.
ولقي 33 شخصاً على الأقل حتفهم، واعتُبر نحو مئة آخرين في عداد المفقودين الثلاثاء، بعدما اجتاح إعصار عنيف مناطق في غرب الهند، ما فاقم مشكلات هذا البلد الذي سجل حصيلة وفيات هي الأعلى بفيروس كورونا في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وضربت رياح بسرعة 130 كيلومتراً بالساعة الواجهات البحرية واقتلعت آلاف الأشجار وأعمدة الكهرباء، وقطعت الطرق المؤدية إلى مناطق متضررة، بحسب مسؤولين.
وقال صاحب فندق في بلدة بهافنغار: "لم أشهد يوماً قوة مماثلة"، مضيفاً: "غرقنا في ظلام دامس بعد انقطاع الكهرباء، فيما كانت الرياح تزمجر. كان الأمر مخيفاً".
واجتاحت أمواج عاتية بلغ ارتفاعها ثمانية أمتار سفينة دعم تخدم منصات النفط قبالة سواحل بومباي، ما أدى إلى غرقها. وأعلنت البحرية الهندية، الثلاثاء، أن 93 شخصاً من بين 273 كانوا على متنها، باتوا في عداد المفقودين.
وأكدت وزارة الدفاع إنقاذ 177 شخصاً من السفينة، مشيرة إلى أن سفناً حربية تحاول إنقاذ باقي أفراد الطاقم في "ظروف بالغة الصعوبة في البحر".
وتمكنت طوافات البحرية من إنقاذ 137 شخصاً كانوا على متن سفينة أخرى جنحت. كذلك جنحت منصة نفط وسفينة أخرى.
في أماكن متفرقة، قضى سبعة أشخاص، ما رفع حصيلة الوفيات إلى 33، غالبيتهم قضوا بانهيار منازل أو جدران، وفق رئيس الحكومة المحلية في ولاية غوجارات، فيجاي روباني.
ولحقت اضرار بأكثر من 16,500 منزل، واقتُلعت 40 ألف شجرة، وانقطعت الكهرباء عن 6000 قرية، أعيدت التغذية بالتيار الكهربائي في 2100 منها، وفق ما أعلنه مسؤولون الثلاثاء.
ورغم كونه أعنف إعصار يضرب المنطقة منذ عقود، إلا أن تحسن قدرات الأرصاد في السنوات الأخيرة سمح بالاستعداد بشكل أفضل للكارثة، مع إجلاء أكثر من 200 ألف شخص من منازلهم في مناطق خطرة.
وقال روباني: "تخطيطنا في الأيام الثلاثة الماضية أثمر. تمكّنّا من تقليص الإصابات البشرية".
وواصل الإعصار مساره نحو الداخل مع تراجع قوته قليلاً، لكن مترافقاً بأمطار غزيرة ورياح شديدة. ويقول خبراء الإرصاد إن شدته تراجعت إلى منخفض جوي حاد، ويتحول ليلاً إلى مجرد منخفض جوي.
كارثة كورونا
وتهدد الظاهرة الجوية العنيفة بمفاقمة الصعوبات التي تواجهها منظومة الصحة الهندية للحد من ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا. ونقلت سلطات بومباي نحو 600 من مرضى كورونا في مستشفيات ميدانية إلى "أماكن أكثر أماناً"، فيما ارتفعت أمواج البحر إلى نحو ثلاثة أمتار قرب منطقة ديو الساحلية. كذلك، أجلت السلطات في غوجارات جميع مرضى الوباء من المستشفيات الواقعة ضمن نطاق خمسة كيلومترات من الساحل.
وبذلت السلطات جهوداً حثيثة لضمان عدم انقطاع الكهرباء عن المستشفيات والمنشآت الـ41 لإنتاج الأكسجين في المنطقة.
وتعرّضت أكثر من 120 مستشفى تضم مصابين بكورونا لانقطاع في التيار الكهربائي، علماً أن التغذية بالتيار عادت إلى طبيعتها في كثير منها، وفق ما أعلنه مسؤولون الثلاثاء. لكنّ مريضاً واحداً بكورونا توفي في بلدة ماهوفا، بعد تعذر نقله قبل وصول العاصفة، وفق أطباء.
وعلقت الولاية عمليات التلقيح ليومين. كذلك، علقت بومباي التطعيم يوماً واحداً.
وقال أودايا ريغمي، من الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر: "هذا الإعصار يمثل ضربة مزدوجة مروعة لملايين الأشخاص في الهند ممن نكبت عائلاتهم بأعداد قياسية من الإصابات والوفيات بكورونا".
في مايو/ أيار الماضي، قضى أكثر من 110 أشخاص عندما اجتاح الإعصار أمبان شرقيّ الهند وبنغلادش في خليج البنغال، مدمراً قرى ومزارع، وحارماً ملايين الأشخاص من الكهرباء.
وشهد بحر العرب في السابق أعاصير أقل شدة مقارنة بخليج البنغال، لكن ارتفاع درجات حرارة المياه الناجم عن الاحترار المناخي بدل الوضع، حسبما قال روكسي ماثيو كول من المعهد الهندي للأرصاد الجوية الاستوائية لوكالة فرانس برس.
وأضاف أن تأثير ذلك يظهر في كل مكان، فقد طلبت سلطات النيبال من متسلقي الجبال الامتناع عن ممارسة هذا النشاط. لكن أكثر من 200 متسلق تجاهلوا التحذير وتوجهوا نحو إيفرست بهدف الوصول إلى القمة نهاية هذا الأسبوع، حسبما أعلن مسؤول حكومي.