تتفاقم معاناة النازحين السوريين بريف محافظة إدلب شمال غربي سورية في فصل الشتاء، فالوضع داخل المخيمات سيئ جداً بعد العاصفة التي ضربت المنطقة، والبرد قارس مع استمرار انخفاض درجات الحرارة وغياب مواد التدفئة وضعف الاستجابة الإنسانية.
النازح محمود العزو يقيم بمنطقة كفرلوسين بريف محافظة إدلب شمال غربي سورية يشتكي من الوضع الصعب داخل المخيم، قائلا لـ"العربي الجديد": "بالنظر إلى قساوة المناخ وبرودة الجو، وجدت نفسي مضطرا لاستخدام إطارات السيارات بغرض التدفئة والمساهمة في الحصول على بعض الدفء لي ولأطفالي رغم مخاطرها الصحية".
ويضيف: "تلقينا وعوداً بالحصول على تدفئة ولباس للأطفال، لكن لا شيء تحقق، الطرق طينية موحلة ودورات المياه المشتركة في حالة يرثى لها.. لم ننم ليلة العاصفة أبدا".
بدوره أوضح مدير مخيم أهل التح، عبد السلام حاج يوسف، لـ"العربي الجديد"، أن "الأوضاع صعبة جدا داخل الخيام بسبب العاصفة المطرية، وخاصة العشوائية منها، كون أن أغلب الخيام تبللت فيها ممتلكات النازحين بسبب الأمطار، ولجأ البعض للقرى المجاورة حتى انتهاء المنخفض الجوي، وهناك من لم يستطع الخروج من خيمته، والكثير من النازحين ليس لديهم مواد تدفئة أو لباس أو ما شابه ذلك".
"الحالة يُرثى لها والوضع يصعب وصفه"، يقول بهجت أبو عهد، مدير مخيم الدير الشرقي الواقع شمالي إدلب، مبينا خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن وضع الأهالي في المخيم حرج للغاية بسبب انخفاض درجات الحرارة وعدم امتلاكهم لمواد التدفئة، والأوضاع المادية السيئة زادت أيضا حدة".
من جانبه، أوضح علي إسماعيل أبو محمد، وهو نازح من ريف إدلب، إلى مخيم علي بن أبي طالب، الواقع غرب بلدة سرمدا بريف إدلب الشمالي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن جميع الخيام غرقت بمياه الأمطار، مشدداً على أن "بعض العوائل لجأت إلى بعض الخيام للنوم فيها، لكن لم يكن هناك مكان يتسع للجميع"، مُشيراً إلى أنه "لا يوجد صرف صحي في المخيم لتصريف مياه الأمطار".
وأكد أبو محمد أنه لم يتمكن أحد في المخيم من النوم، وجميع النازحين جلسوا خارج خيمهم بسبب تسرب مياه الأمطار، لافتاً إلى أن أثاث الخيام أصبح مبللا، مضيفاً أن بعض الطرقات في المخيم انقطعت بسبب تجمع مستنقعات مياه.
إلى ذلك، طالب محمود الإبراهيم، وهو نازح من ريف حماة، في حديث لـ "العربي الجديد"، منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) بالقدوم إلى المخيم لتصريف مياه الأمطار المتجمعة، مُشيراً إلى أن "أثاث الخيم غرق في مياه الأمطار بعد العاصفة المطرية.. لقد مررنا بأوقات عصيبة:.
أم مهدي تقيم مع أولادها الثمانية في مخيمات كفرلوسين شمالي إدلب، وهي أرملة، أوضحت لـ"العربي الجديد"، أن الليلة الماضية كانت باردة للغاية عليها وعلى أولادها والخيمة التي يقيمون فيها بلا عازل وبحالة يرثى لها تتسرب منها المياه، وقالت: "كل شيء صعب، الطريق مقطوعة بسبب الطين، وأعاني صعوبة عندما أذهب لجلب الخبز".
ولا تختلف الأوضاع في مخيم حربنوش عن باقي مخيمات النازحين في إدلب.
وفي السياق، أكد محمد علي صالح، مدير المخيم في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع داخل المخيم مأساوي وسيء للغاية بعد العاصفة، ومواد التدفئة غير متوفرة والخيام مهترئة ودون عوازل لا تحفظ الحرارة أبدا، ولا تقي من البرد الشديد". وقال: "العاصفة خلفت أضرارا ومزقت خياما داخل المخيم، لكن لها أيضا أضرارا معنوية لما خلفته من مآس في نفوس النازحين".
البرد أقسى ما يعانيه النازحون في الوقت الحالي، وفق ما أشار إليه النازح من ريف حمص خالد أبو قيس، الذي قال لـ"العربي الجديد" أن أعواد الزيتون التي اشتراها مؤخرا تشتعل بسرعة داخل المدفأة، وبعد أن تنطفئ تنخفض درجات الحرارة على الفور، وأضاف: "بمجرد الخروج يذهب كل الدفء، الليالي الماضية كانت باردة جدا، حتى أن أطفالي الثلاثة لبسوا كل ما لديهم من ثياب وناموا، خفت أن يمرضوا بسبب البرد".
ووفقاً لبيان صدر أمس الخميس عن فريق "منسقو استجابة سورية"، بلغ عدد المخيمات المتضررة جراء العاصفة 49 خيمة، وعدد الخيام المتضررة 114 خيمة، كما دخلت المياه 244 خيمة بالكامل و176 خيمة جزئياً.