ينفذ متطوعو منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) مهمات صعبة لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض في مناطق سيطرة المعارضة السورية، ويزيد البرد والمنخفض الجوي وهطول الأمطار الصعوبات المرتبطة بانهيار عدة أبنية بسبب الزلزال الذي ضرب البلاد وتركيا الإثنين الماضي، ويحتمل أن يرفع عدد وفيات العالقين تحت الأنقاض.
يقول نائب مدير منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) منير المصطفى لـ "العربي الجديد": "درجات الحرارة تحت الصفر، ويتوقع أن يكون هناك هبوط قطبي يترافق مع جفاف هائل، وانخفاض درجات الحرارة إلى أربع تحت الصفر. من هنا يمكن وصف عمل متطوعي الدفاع المدني السوري بأنه صعب جداً، وقد تسببت الأمطار أيضاً في انهيار أبنية كثيرة بعد الزلزال".
ويشير إلى أن عدد الضحايا تجاوز الألف والمصابين أكثر من 2400، والوضع كارثي بكل معنى الكلمة، وعدد الأبنية المنهارة جزئياً تجاوز الألف، وتلك المنهارة بالكامل أكثر من 360، والصعوبات تتمثل في عدم وجود آليات، ما أدى إلى فقدان أشخاص أرواحهم تحت الأنقاض "ونحن الآن في سباق مع الزمن لإنقاذ بعضهم".
من جهته، يتوقع الطبيب المتخصص في الجراحة العامة أحمد غندور والذي يعمل في إدلب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يتجاوز عدد القتلى 5 آلاف في مناطق سيطرة المعارضة السورية، والجرحى 10 آلاف، ويقدّر عدد المفقودين والعالقين تحت الأنقاض الذين لم يُعرف أي شيء عنهم بنحو 8 آلاف.
ويكشف أن رجال الإنقاذ لم يستطيعوا الاقتراب من أبنية منهارة كثيرة بسبب نقص المعدات، حتى تلك البسيطة، وغالبية الناس مصابون ومشغولون بإجراءات الدفن أو بتوفير إسعافات والاستجابة للاحتياجات العاجلة من غذاء ومأوى. ويعمل كثيرون لاستخراج العالقين من تحت الأنقاض بالأيدي وباستخدام معدات بسيطة جداً، ما لا يساعد كثيراً الجهود المبذولة التي تطول مدتها، ما يمكن أن يؤثر في حياة الناس العالقين تحت الأنقاض.
ويشير غندور إلى أنه في ظل هذه الظروف الصعبة جداً، لا سيما البرد القارس، لا يمكن أن يبقى الأشخاص عالقين تحت الأنقاض أكثر من أيام، ثم يُفقد الأمل بوجود ناجين، ويعود السبب في ذلك إلى افتقاد المعدات المتطورة، وأجهزة التحسس الحراري والأصوات، ما يؤثر أيضاً في عمل الأشخاص الذين يزيلون الأنقاض بحثاً عن ناجين.
ويتوقع أن يرتفع عدد الوفيات خلال الساعات القادمة، بسبب البرد ونقص الغذاء والأوكسجين، والرضوض المتعددة التي قد تتسبب في إشكالات صحية إذا تأخر علاجها.
ويتحدث غندور أيضاً عن أن "عدد الأبنية التي انهارت نتيجة الزلزال في مناطق شمال غربي سورية كبير جداً. وهناك آمال ضئيلة جداً في خروج ناجين منها، لاسيما في مناطق سلقين وعزمارين وريف جسر الشغور وبلدة حارم بريف إدلب، ومشاهد الدمار مرعبة وصادمة جداً".
ويلفت إلى أن "الكارثة الكبرى ستحصل بعد انتهاء عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض، إذ سنشاهد بعدها آلاف العائلات من دون مأوى، وبينها جزء كبير من النازحين. وقد أُرهقت قدرات وإمكانات هؤلاء الناس خلال عشر سنوات من الحرب، ولم تعد تملك القدرة على التحمل".
ويؤكد غندور أن فرق الإنقاذ المحلية تعمل بكل جهد، وبكامل إمكاناتها وطاقاتها، ويشكر الكوادر الطبية، ومنظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء)، وفرق الاستجابة والجمعيات الإنسانية التي تجاوبت بسرعة مع الأزمة، ويأمل حصول تحرك دولي حقيقي لإنقاذ حياة الناس، و"هذا أمر ضروري جداً لأن حجم الكارثة كبير جداً في سورية وتركيا، ويجب فتح الحدود كي تدخل الفرق المساعدة لأن الإمكانات الداخلية ضعيفة جداً، وحجم الكارثة يحتاج إلى طاقات دولية".
وقدّمت عشرات الدول مساعدات لتركيا، في حين بدأت بعض المساعدات بالوصول إلى هناك سواء عبر الدعم العيني أو الفرق المختصة بعمليات الإجلاء والإنقاذ ورفع الأنقاض، فيما لا تزال المؤسسات المحلية في شمال غربي سورية، لا سيما متطوعو منظمة الدفاع المدني "الخوذ البيضاء"، تعمل دون توقف وبشكل مستمر لإنقاذ من يمكن إنقاذه من مئات العالقين تحت الأنقاض وركام المنازل المدمرة جراء الزلزال بين ريفي حلب وإدلب.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، التزام المنظمة بدعم جهود الاستجابة لكارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية. وأشار إلى أن "فرق الأمم المتحدة موجودة على الأرض لتقييم الاحتياجات وتقديم المساعدة، ونعتمد على المجتمع الدولي لمساعدة آلاف الأسر المتضررة من هذه الكارثة، والذين كان العديد منهم بالفعل في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية في المناطق التي يصعب الوصول إليها".