استمع إلى الملخص
- أسباب استمرار الحوادث تشمل انعدام الرقابة العائلية، حب المغامرة، وانعدام الإمكانيات للوصول إلى البحر، بالإضافة إلى حفر المزارعين بركاً غير مسيجة لتخزين المياه.
- تكثر الحوادث في المناطق الداخلية البعيدة عن البحر، ويؤكد الناشطون على ضرورة تكثيف حملات التوعية وتوفير مرافق السباحة وتشجيع الاستثمارات السياحية.
خلال أقل من أسبوع سُجلت سلسلة حوادث غرق متتالية في مجمعات مائية وسدود كانت السلطات الجزائرية قد منعت السباحة فيها في إطار حملة استباقية نفذتها قبل حلول فصل الصيف لتدارك المخاطر ومحاولة تقليص عدد ضحايا الحوادث التي زادت في السنوات الأخيرة.
وتدخلت مصالح الدفاع المدني مرتين خلال 48 ساعة، أولاها لانتشال جثة شاب (28 سنة) غرق في بركة مائية ببلدة صفيصيفة بولاية النعامة (غرب)، والثانية لانتشال جثة مراهقين في الـ14 والـ16 غرقا في بركة ماء ببلدة إدلس الصحراوية بولاية تمنراست (أقصى الجنوب). وسبق ذلك انتشال جثتي غريقين 16 و17 سنة في حوض مياه مخصص للسقي في بلدة الحمادنة بولاية غيليزان (غرب)، وأيضاً جثة شاب (24 سنة) غرق في بركة ماء بولاية البويرة، قرب العاصمة الجزائرية.
وفي مايو/ أيار الماضي، أطلقت الوكالة الوطنية للسدود حملة توعية حول مخاطر السباحة في السدود، وذلك قبل بدء موسم الاصطياف، لتقليص ما وصفه المدير العام للوكالة مسعود معطار، بأنه "حصيلة ثقيلة للضحايا شهدتها السنوات العشر الأخيرة نتيجة حوادث السباحة في السدود، والتي راح ضحيتها 150 شخصاً غالبيتهم أطفال وشبان تراوح أعمارهم بين سبع سنوات و35 سنة".
لكن هذه الحملة لم تكفِ، إذ دفع تكرار الحوادث وزارة الداخلية في 27 يوليو/ تموز الماضي، إلى نشر بيان جدد التحذير من مخاطر السباحة في المجمعات المائية، وأسف لـ"عدم وجود وعي كافٍ لدى السكان رغم الجهود المبذولة للتحذير من مخاطر السباحة في السدود والبرك والأحواض المائية". ودعت الوزارة إلى "تجنّب المخاطرة بممارسة السباحة في هذه الأماكن، والتزام إرشادات السلامة، والمساهمة في نشر الوعي من أجل إيقاف سلسلة ضحايا حوادث الغرق".
ويقول المتحدث باسم الحماية المدنية في محافظة تيبازة، محمد ميشاليخ: "تتعدد أسباب استمرار حوادث الغرق في المسطحات والبرك المائية، ومنها انعدام الرقابة العائلية للأبناء الذي يمهّد لتوجههم إلى مناطق خطيرة للسباحة برفقة أصدقائهم الذين لا يترددون في تقليد لقطات الغطس والسباحة الخطرة في أحواض غير آمنة، كما أن مزارعين يحفرون بركاً مائية لتخزين المياه الموجهة للسقي من دون أن يبادروا إلى تسييجها لتأمين متطلبات الأمان فيها، علماً أن السلطات اتخذت بعد حصول حوادث غرق عدة إجراءات أجبرت الفلاحين على تسييج البرك المائية المستعملة في السقي وتكثيف حملات التوعية عبر مختلف القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي للحدّ من الغرق الذي يكثر عدد ضحاياه كل سنة".
يضيف: "حب المغامرة لدى الشباب، وانعدام الإمكانيات في بعض المناطق للوصول إلى البحر، يدفع شبان العائلات الفقيرة تحديداً إلى اتخاذ البرك المائية كبديل للشواطئ، لكن نوعية مياهها الضحلة والطينية التي تمتص جسم الإنسان تجعلها بمثابة فخ للراغبين في السباحة".
ويؤكد كثيرون أن حوادث الغرق في المسطحات المائية تكثر في مناطق داخلية بعيدة نسبياً عن البحر وتفتقد إلى مسابح ومنتجعات مائية، ما يدفع الأطفال والشباب إلى السباحة في البرك وعلى أطراف السدود. كما يعزون الحوادث إلى ضعف استغلال السلطات المحلية المرافق، على غرار ما أثير أخيراً في شأن وجود مسابح مغلقة أو مهملة من السلطات في ولاية غليزان التي تبعد 300 كيلومتر عن غرب العاصمة الجزائرية.
يقول الناشط المدني محمد خلفاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحدّ من السباحة في السدود يستدعي تكثيف العمل التحسسي، وإشراك كل مسؤولي المرافق فيه، وبينها المدارس والمساجد ووسائل الإعلام، وقد ساهمت الحملات في السنوات الأخيرة في تقليل حالات الغرق في السدود لكن ليس بالقدر المأمول، باعتبار أن أخبار حوادث الغرق في المسطحات المائية مستمرة، ويقع كثيرون ضحيتها، خصوصاً الشبان الذين لا يواكبون حملات التحذير، ويتركهم أهلهم لمواجهة مخاطر يمكن تداركها بسهولة"، لكنه يستدرك بأنه يتعين أيضاً النظر إلى مسائل أخرى تتعلق بضرورة توفير مرافق السباحة في المناطق الداخلية، وتشجيع الاستثمارات المتعلقة بالقطاع السياحي، خاصة على صعيد إنجاز شواطئ اصطناعية.