استمع إلى الملخص
- **قصص معاناة شخصية**: حسين البم يعاني من السكري وضغط الدم ويطالب بنقاط طبية وعوازل حرارية، وعائشة الديري تعاني من مرض القلب وتجد صعوبة في تأمين العلاج.
- **توصيات طبية وأوضاع المخيمات**: الطبيب عبد القادر الأمين يؤكد على الحاجة لرعاية طبية عاجلة، ويشير إلى انتشار الأمراض بسبب البيئة غير الصحية.
يعرّض الارتفاع الكبير في درجات الحرارة بمحافظة إدلب شمال غربي سورية، حياة المهجرين المقيمين في المخيمات للخطر، خصوصاً كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ويعاني الجميع انقطاع الكهرباء وشحّ المياه وضعف الرعاية الصحية، وهم يعيشون في خيام قماشية لا تمنع عنهم الحر، ما يزيد من احتمالات الإصابة بالأمراض، ويفاقم أحوالهم المتدهورة أصلاً.
يقيم حسين البم (55 سنة) في مخيم كفرلوسين شمالي إدلب، ويقول لـ"العربي الجديد": "في فصل الصيف تحتبس الحرارة داخل خيامنا المصنوعة من النايلون فتحولها إلى أفران، والأحوال تزداد سوءاً في ظل غياب وسائل الحماية من الحرارة وعدم توفر الكهرباء. أعاني السكري وارتفاع ضغط الدم، وأعيش مع زوجتي التي لديها آلام في المفاصل، ونعاني الحر داخل الخيمة وعند الخروج لتلبية احتياجاتنا اليومية من غذاء وأدوية، وطبيعة مرضي تجعلني معرضاً للإصابة بالجفاف، إلى جانب الشعور بالعطش والدوار والتعرق".
يطالب البم المنظمات الإنسانية بإنشاء نقاط طبية قريبة من أماكن سكن المهجرين، وتوزيع عوازل حرارية للخيام تقي ساكنيها من حرارة الصيف، إضافة إلى زيادة مخصصات المياه والمنظفات خلال الصيف، والسعي لاستبدال الخيام بمساكن قادرة على حماية المهجرين من برد الشتاء وحر الصيف.
تعاني عائشة الديري (61 سنة) من مرض في القلب، ولا تجد سبيلاً للعلاج في المخيم العشوائي المقام على أطراف مدينة سرمدا منذ تهجيرها من مدينة معرة النعمان، وتقول: "فقدت زوجي وابني الوحيد في الحرب، ولم يبق لي من أفراد أسرتي سوى ثلاث بنات يعشن مع أزواجهن في أماكن بعيدة عني. أعاني مرض القلب، وعدم توفر تكاليف العلاج، كما أن ألم الوحدة والغربة لا يقل وطأة عن أوجاع الجسد".
وتلفت الديري إلى أن "الحرارة داخل الخيمة لا تطاق في فصل الصيف، وتؤثر على صحتي، إذ تسبب الشعور بالدوار وضيق التنفس، وتسرع نبضات القلب، وصولاً إلى فقدان الوعي أحياناً، ما يجبرني على مغادرة الخيمة في وقت الظهيرة، والجلوس في ظل الأشجار القريبة من المخيم، مع وضع مناشف مبللة على وجهي ورأسي. خيمتي قديمة ومهترئة، لكنني عاجزة عن استبدالها بأخرى جديدة بسبب سوء أحوالي المادية، وأعتمد في الإنفاق بشكلٍ أساسي على السلال الغذائية والمساعدات الشحيحة، كما أجد صعوبة في تأمين ثمن الأدوية المقدر بنحو 20 دولاراً شهرياً".
ويؤكد الطبيب المختص بالأمراض الباطنية، عبد القادر الأمين، من مدينة إدلب، أن المهجرين يعيشون أوضاعاً مادية ومعيشية سيئة تجعلهم عاجزين عن الذهاب إلى المشافي أو المراكز الصحية الخاصة لتلقي العلاج، موضحاً أن "الكثير من الأمراض تنتشر في مخيمات إدلب خلال فصل الصيف، خاصة الأمراض الجلدية، بسبب توفر البيئة المناسبة لهذه الأمراض، فالصرف الصحي مكشوف، ولا يتم ترحيل القمامة، إضافة إلى انتشار البعوض والقوارض. الحرارة المرتفعة تتعب الأعضاء الداخلية للإنسان، مثل القلب والرئتين، والتقدم في السن أو المعاناة من أمراض مزمنة، يجعل الأشخاص أقل قدرة على التعامل مع الإجهاد الذي يلحق بالجسم نتيجة ارتفاع درجات الحرارة".
يتابع الطبيب: "التعرق الشديد وفقدان السوائل يعرض الكلى للجفاف، ويسبب قصوراً مؤقتاً في وظائفها، خصوصاً بين من يعانون داء السكري أو الضغط، أو من يستخدمون الأدوية والمسكنات بكثرة، ونحذر دوماً من مخاطر الحروق الشمسية التي تسبب مشكلات صحية من بينها الالتهابات وارتفاع معدل السكر بالدم، وقد تؤدي أيضاً إلى زيادة مقاومة الجسم للأنسولين، وننصح بضرورة الحصول على رعاية طبية عاجلة في حال الإصابة بأعراض مَرضِية ناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، ومداومة مرضى السكري على فحص مستوى سكري الدم بصورة منتظمة، كما ننصح المهجرين بالتزام الخيام في وقت الظهيرة، وعدم التعرّض لأشعة الشمس المباشرة، ومحاولة تخفيف الحرارة باستخدام الماء، مع الإكثار من شربه لتعويض السوائل التي يفقدها الجسم تجنباً للجفاف، فضلاً عن ضرورة حفظ الأطعمة حفظاً جيداً خوفاً من فسادها، ما يؤدي إلى التسمم عند تناولها".
ووفق فريق "منسقو استجابة سورية"، بلغ عدد المخيمات في مناطق شمال غربي سورية 1904 مخيمات، يعيش فيها أكثر من مليوني مهجر، ومن بينها أكثر من 1378 مخيماً لا تحوي نقطة طبية أو مشفى، الأمر الذي يزيد من مصاعب انتقال المرضى إلى المراكز الصحية، في حين يحتاج 997 مخيماً إلى تجديد الخيام تجديداً كاملاً أو جزئياً.