صحيح أنّ المطبخين التركي والشامي متشابهان، إلّا أنّ الأتراك يعتدّون بمطبخهم وليس من السهل إقناعهم بتذوق الطعام الشامي، وخصوصاً بعد تهافت اللاجئين السوريين إلى تركيا. وإن كان هذا الأمر ينسحب على الطعام والخبز السوري، يبدو أن الحلويات نأت بنفسها عن هذا الرفض، لتكتسب شهرة. تقول التركية تفيدة كان (62 سنة) إن تطويع الذوق التركي بالطعام صعب، بسبب الشكوك بالنظافة واختلاف الأذواق وغير ذلك. وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد" أنها اعتادت تناول الحلويات السورية، لافتة إلى أن بعضها لا يحتوي على الكثير من القطر، وتُناسب مرضى السكري أو كبار السن، منها البرازق والغريبة والمعمول، في حين أن الحلويات التركية تحتوي على الكثير من القطر. وتشير إلى أنها باتت تشتري الحلويات السورية خلال الأعياد.
وتوافقها التركية بيرفان شاهين (22 سنة) مشيرة إلى أن رخص سعر الحلويات السورية ومذاقها الجيد يشجعانها على شرائها. وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد" أنها وأفراد عائلتها تأخروا قبل أن يقبلوا على شراء الحلويات السورية، مشيرة إلى بدء الطلاب تناول بعض الأطعمة السورية، من بينها الفلافل.
وتزداد أعداد محال الحلويات السورية بتركيا في ظل الإقبال اللافت عليها وسهولة تصديرها إلى الخارج، كما يؤكد صاحب أحد المحال نور العاشور لـ"العربي الجديد". ويشير إلى أن مدينة إسطنبول هي الأولى باستقطاب محال الحلويات السورية وتضم أكثر من 30 علامة تجارية، تليها ولاية غازي عنتاب بنحو 20 محلاً. ويشير إلى أن الشهرة الأكبر حصدتها محال زيتونة والسلطان وعباس، تليها سلورة وسينورة وغيرهما.
وعن سبب انتشار الحلويات السورية في تركيا، يوضح أن رخص سعرها ساهم في زيادة الإقبال عليها، بالإضافة إلى عدم الإكثار من القطر والسكر. ويشير إلى استخدام السمن الحيواني (السمن البلدي أو سمن البدو أو السمن العربي) أكثر من المحال التركية، مضيفاً: "نمتاز بالجودة والسعر، كما أن العديد من الحلويات السورية لم تكن متوفرة في تركيا. نشترك بالنابلسية والبقلاوة وبعض الأنواع، لكنهم لا يصنعون المبرومة وعش البلبل والآسية وكول وشكور والمعمول والغريبة وغيرها من الأنواع التي لاقت استحسان الأتراك".
ومع وجود أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون سوري في تركيا، وزيادة السياح العرب وطلبهم للحلويات الشامية، لا يخشى أصحاب محال الحلويات السورية تبدل الظروف. يقول العامل في أحد محال الحلويات السورية التي توسعت وباتت لها فروع عدة في المناطق، ويدعى أحمد، لـ"العربي الجديد"، إنهم "افتتحوا ثلاثة فروع بتركيا وآخر بالإمارات وفرع بالمملكة العربية السعودية". ويشير إلى أن العمل بات يتجاوز التوزيع المباشر، وباتت المحال الكبرى أشبه بمصانع في ظل زيادة الطلب الداخلي والخارجي. وفي ما يتعلق بالتنافس بين المحال والعلامات السورية والتركية، يقول إن المحال التركية غالباً ما تجذب المواطنين الأتراك بالإضافة إلى بعض السياح. فيما تجذب تلك السورية اللاجئين، كما يقبل عليها الأتراك إلى درجة كبيرة.
من جهته، يقول التركي عبد الله يلماظ، وهو من منطقة إسنيورت، والذي يفضل الحلويات التركية، إن سمعة البقلاوة والراحة تكاد تصل إلى كل أصقاع الأرض، لافتاً إلى أنه يفضل تلك التي تستبدل السكر بالتمر أو العسل. ويشير إلى أن بعض محال الحلويات التركية موجودة منذ منتصف القرن الماضي، ولم تستطع العلامات السورية أخذ زبائنها أو التأثير عليها، وهذا "لا يلغي شهرة الحلويات السورية والإقبال عليها من قبل الأتراك". وتعد حلويات حافظ مصطفى الأشهر في إسطنبول. وبدأ مؤسس المحل إسماعيل حقي بصنع بعض الحلويات البسيطة بمعاونة ولده حافظ في قبو بيته، ثم أنشأ محله الأول في أحد المراكز التجارية بمنطقة أمينونو، وسرعان ما توسع في صنع مزيد من الأصناف كالحلقوم والشوكولاتة. وكان حافظ مصطفى أول من اكتشف حلوى البوغشابي بتركيا، وباتت له فروع عدة في إسطنبول واشتهر بتقديم مختلف أنواع البقلاوة والحلقوم والمهلبية والقطائف والكعك والآيس كريم، بالإضافة إلى المشروبات الباردة والساخنة بمذاق خاص بعلامته ومواده الأولية.
ولا يمكن نسيان محال غولو أوغلو، الذي بدأ منذ منتصف القرن الماضي بمنطقة كاراكوي قبل أن يصنف أفضلَ صانع حلقوم، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الحلويات. وهناك محال أدو المتخصصة بالحلويات الشرقية وحجي شريف اسكريم وفاروق أوغلو. كما نجحت العديد من محال الحلويات السورية في حجز مكان لها، وخصوصاً السلطانة، بالإضافة إلى السلطان وزيتونة وسلورة.