بات منزل الناشط في تجمع "شباب ضد الاستيطان" عيسى عمرو بمنطقة تل الرميدة غربي الحي القديم في الخليل فارغاً تماماً، بعدما أبعدته قوات الاحتلال الإسرائيلي عنه يوم الجمعة الماضي. ويخبر عمرو "العربي الجديد" أنه يخشى من استيلاء الاحتلال على المنزل، رغم أنه وضع، على غرار كل أهالي المنطقة، الطوب العازل على نوافذ المنزل، وأحكم إغلاقه بالأسلاك الحديدية، ولم يترك أي منفذ يمكن أن يستغلّه المستوطنون للدخول والحصول على المقتنيات. ويشير إلى أن جيش الاحتلال يمنع الفلسطينيين من الوقوف حتى على شرفات المنازل أو التواجد في ساحاتها.
وسبق إجراء إبعاد عمرو عن منزله تلقيه تهديدات بالقتل وإحراق المنزل من مستوطنين هاجموه أربع مرات بالشتائم والتخويف خلال تنفيذهم بالزي العسكري جولات لترهيب الأهالي العزل في المنطقة.
ويذكر أن عائلات عدة اضطرت إلى مغادرة منازلها للحفاظ على حياة أفرادها، خصوصاً بعدما استولى الاحتلال على منشأة صناعية في منطقة تل الرميدة خلال الأيام الماضية.
ويُمارس الاحتلال، بحسب عمرو، "تهجيراً رسمياً في قطاع غزة، وتهجيراً برعاية المستوطنين في البلدة القديمة بالخليل، حيث يمنع أهالي المناطق المغلقة من التحرك إلا لمدة ساعة واحدة كل 48 ساعة، ويجبرهم على ترك منازلهم إذا غادروها أكثر من ساعة، وسط انعدام مقومات الحياة نتيجة انقطاع مصادر الدخل عن أهالي المناطق المغلقة، وعدم قدرتهم على توفير الاحتياجات المعيشية".
وفي إطار سياسة عزل أهالي المناطق المغلقة، يمنع الاحتلال، وسائل الإعلام والمؤسسات الدولية من الوصول إليهم. وطردت قواته إعلاميي مؤسسات دعاها عمرو لرصد الانتهاكات التي ترتكب في حق المواطنين. ويشير عمرو إلى أن أي جهة رسمية فلسطينية لم تتواصل مع أهالي المناطق حتى اللحظة.
بدوره، يرى عضو لجنة الدفاع عن الخليل، هشام الشرباتي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتلال انتقل من مرحلة سياسة العقاب الجماعي إلى مرحلة التهجير الجماعي التدريجي لأهالي البلدة القديمة في الخليل والمناطق المغلقة، مستغلاً انشغال العالم بأحداث قطاع غزة. ويعمل الاحتلال لتهجير أكبر عدد من الأهالي من هذه المناطق، باعتبار أن الظرف الحالي مناسب لتكرار ما فعله سابقاً لتهجير أصحاب التجمعات البدوية والخيّم في مناطق الأغوار وجبال الخليل".
ويعتقد الشرباتي بأن "الاحتلال يستعد لتنفيذ هذا المخطط منذ سنوات بهدف ربط التجمعات الاستيطانية التي تحيط بالمناطق المغلقة، بمستوطنة كريات أربع الكبيرة جنوبي الخليل. ويعتبر بالتالي أن الفرصة الحالية مناسبة لتنفيذ التوسع الاستيطاني في المناطق المصنفة (C) أو (H2) تمهيداً لإحداث قفزة نوعية استيطانية نحو حسم السيطرة على المناطق المغلقة".
ويُشير الشرباتي إلى أن "سبل المواجهة باتت شبه محدودة، لذا تقع المسؤولية على وسائل الإعلام والمستويات الرسمية الفلسطينية لحشد المجتمع المحلي على التواجد في المسجد الإبراهيمي ومحيطه من أجل منع تنفيذ خطة تهجير الأهالي".
ويبلغ عدد أهالي المناطق المغلقة في البلدة القديمة من القدس نحو 5 آلاف يتوزعون على مناطق وحارات مغلقة، هي تل الرميدة وشارع الشهداء وواد الحصين ومحيط بركة السلطان وحارة جابر وحارة السلايمة ومحيط المسجد الإبراهيمي، بينما يستوطن بينهم نحو 600 يهودي يعرفون بأنهم الأكثر تطرفاً، ويحمل جميعهم السلاح في أربع مستوطنات مشيّدة على أراضي الخليل، هي بيت هداسا وإبرهيم أفينو وبيت رومانو وتل الرميدة".
ويتجاوز عدد الحواجز والنقاط العسكرية في محيط المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل 70 تسبب إغلاقها في عيش الناس في ظل أزمة إنسانية تظهر في شح الغذاء نتيجة انعدام غاز الطهي وانقطاع المواصلات بين الأحياء المجاورة، وأيضاً في انعدام قدرة النساء الحوامل على الوصول إلى المستشفيات، على غرار كبار السن الذين يحتاجون إلى أنابيب أكسجين، ما يجعل حياتهم مهددة بالخطر، بحسب ما توضح الناشطة من حارة السلايمة، إكرام السلايمة، لـ"العربي الجديد".
تضيف: "تضم المنطقة مركزاً طبياً واحداً يعمل مرة أسبوعياً، لكن الطواقم الطبية لم تصل إليه منذ بدء الحصار، وكذلك العاملون في منظمة أطباء بلا حدود، ما يعني غياب أي رعاية صحية عن أهالي المنطقة الذين يصرون على عدم مغادرة منازلهم لمنع تكرار التجارب السيئة السابقة".