السودان: جهود مضنية لاحتواء تهديدات الكوليرا

18 اغسطس 2024
المنظومة الصحية في السودان عاجزة أمام الكوليرا (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **انتشار الكوليرا وتأثير الحرب**: أصيب 300 شخص بالكوليرا في السودان مع تسجيل 18 وفاة. تضررت المنظومة الصحية بسبب الحرب منذ أبريل 2023، وزادت السيول والفيضانات والنازحين من تفاقم الوضع.

- **الوضع في ولاية كسلا**: سجلت كسلا 247 إصابة و18 وفاة، مع منطقة "ود الحليو" الأكثر تضرراً. تم فتح عنبر للعزل واتخاذ إجراءات احترازية، لكن التحديات كبيرة بسبب البنى التحتية الهشة وزيادة النازحين.

- **التحديات في ولاية الجزيرة**: معظم مستشفيات الجزيرة خارج الخدمة بسبب سيطرة قوات الدعم السريع، مما يعوق مكافحة الكوليرا. يعتمد المرضى على أطباء متطوعين أو الأعشاب، ودعا وزير الصحة إلى إجراءات عاجلة لتحسين الوضع.

كشفت وزارة الصحة السودانية أن عدد المصابين بوباء الكوليرا وصل إلى 300 مصاب في أربع ولايات، توفي 18 منهم، مؤكدة انخفاض عدد الإصابات الجديدة في مدينة كسلا مقارنة بالأيام الماضية، وتسجيل ارتفاع طفيف في ولاية الخرطوم.
ويشكل انتشار الكوليرا تهديداً أكثر خطورة بسبب الأضرار البالغة التي تعرّضت لها المنظومة الصحية في السودان نتيجة الحرب الدائرة منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي امتدت إلى أكثر من عشر ولايات. ويزيد التهديد أيضاً ارتفاع عدد النازحين الفارين من جحيم المعارك، وحدوث كوارث بسبب هطول معدلات عالية من الأمطار التي أحدثت سيولاً وفيضانات، وتزايد الضغوط على المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني. 
في ولاية كسلا (شرق) التي تحتضن أكبر عدد من المصابين بالكوليرا، يكشف تقرير رسمي أن منطقة "ود الحليو" المحاذية للحدود مع إثيوبيا وإريتريا التي يسكنها نحو 120 ألف شخص، هي الأعلى تسجيلاً للإصابات، وجرى رصد أول إصابة في 25 يوليو/ تموز الماضي، و143 إصابة من إجمالي العدد. وتعتبر من أكثر المناطق عرضة للسيول والفيضانات والأوبئة.
ويورد التقرير أنه "بعد استكمال التقصي والإجراءات الاحترازية عقب رصد أول إصابة، قررت السلطات افتتاح عنبر للعزل في مستشفى المنطقة، وتحرك فريق تقصي قبل أن تتتالى البلاغات. 

تضم ولاية كسلا العدد الأكبر من المصابين بوباء الكوليرا

توفي ثمانية أشخاص بالكوليرا في ود الحليو، ثم ظهرت إصابات في مدينة كسلا وصل عددها إلى 97، وأعلن وفاة تسعة أشخاص. بعدها وصل الوباء إلى مركز إيواء النازحين في منطقة "ود شريفي"، وبلغ عدد الإصابات بالولاية 247 حتى 13 أغسطس/ آب، والوفيات 18.
تتواجد سيدة الحسن مع طفلها (4 سنوات) المريض بالكوليرا في مركز العزل بمستشفى ود الحليو، وتقول لـ"العربي الجديد": "ظهرت أعراض المرض على طفلي قبل أيام، إذ بدأ في التقيؤ، وعانى من إسهال مستمر. لا أرجح انتقال العدوى إلى طفلي بسبب المياه لأنه يتناول مياهاً معدنية حرصاً على صحته كونه مصابا بحصى في الكلى. بعدما وصل إلى المستشفى تلقى العناية الكافية وتحسنت حالته".
ويقول آدم عبد الله محمد، وهو مسؤول محلي سابق، لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع كانت سيئة جداً في ود الحليو، ثم مضت إلى الأفضل بعد تحريك حملات النظافة وتصحيح أوضاع البيئة، وتوفير محاليل ومضادات حيوية. سجلت عشرات الإصابات في الأسابيع الماضية لم يبقَ منها إلا عشرة فقط في مركز العزل، ونطالب باستمرار الجهد المبذول، وتحسين خدمات المياه لإنهاء المرض".

لم يذهب مرضى ظهرت عليهم أعراض الكوليرا إلى أي مستشفى (فرانس برس)
لم يعالج مرضى ظهرت عليهم أعراض الكوليرا (فرانس برس)

ويخبر وزير الصحة في حكومة ولاية كسلا، علي آدم، "العربي الجديد" أن "الجهود المبذولة لمحاصرة انتشار الكوليرا مطمئنة نتيجة الجهود التي تنفذها حكومة الولاية ووزارة الصحة الاتحادية، وذلك رغم الظروف العامة السائدة في البلاد، واستمرار تدفق النازحين إلى الولاية. كسلا التي كان يسكنها نحو 3 ملايين شخص قبل الحرب، باتت تضم نحو 5 ملايين شخص، ما زاد الضغط على المؤسسات الصحية، ونظمت الوزارة وحكومة الولاية حملات واسعة لتصحيح البيئة وتجهيز عنابر خاصة لعزل المرضى وتعقيم مياه الشرب وتوفير محاليل للمستشفيات، لكن البنى التحتية الهشة وزيادة عدد النازحين وانتشار الفقر وانفتاح الولاية على دولتين ضاعفت المشاكل". 
ويناشد آدم تحسين أوضاع النازحين، لا سيما الذين يعيشون في الطرقات، وتوفير المياه والغذاء لهم، والمساهمة في بناء مزيد من عنابر العزل تحسباً لأي طوارئ، وتوفير مزيد من الأدوية والمحاليل والمضادات لحيوية وأدوية الأمراض المزمنة، والمساهمة في توفير مياه آمنة للمجتمعات الريفية، ودعم برنامج تعزيز الصحة.

يخشى أهالي ولاية الجزيرة من كارثة صحية مع توقف مستشفياتها

في ولاية الجزيرة (وسط)، يخشى الأهالي من كارثة صحية لأن غالبية مستشفياتها ومؤسساتها صحية خرجت من الخدمة منذ أن سيطرت قوات الدعم السريع عليها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كما يعد الذهاب إلى أي مستشفى مخاطرة في ظل عمليات النهب والانتهاكات التي يمارسها جنود الدعم السريع ضد الأهالي.
يقول وزير الصحة في ولاية الجزيرة، أسامة عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد": "تمنع مليشيا الدعم السريع التقصي عن الحالات، وتعرقل وصول الكوادر إلى أماكن الإصابات، ويعاني المرضى من انعدام وسائل النقل وعدم تجهيز المستشفيات بأدوية ومستهلكات طبية، كما يلعب التثقيف الصحي دوراً كبيراً في مكافحة الكوليرا. الوزارة تتواصل مع كوادر طبية في تلك المناطق، وتساعد في مهمات التقصي، وتمدّهم بأدوية ومستهلكات طبية للحدّ من انتشار المرض، لكن المصابون يحتاجون إلى الوصول إلى المستشفى بسرعة وتلقي العلاج الفوري الذي يُقلل الوفيات والمضاعفات الخطيرة". 

ويقول أحمد الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل، لـ"العربي الجديد": "ظهرت أعراض الكوليرا على مرضى كثيرين من دون أن يستطيعوا الذهاب إلى أي مستشفى نتيجة الظروف الأمنية. أمام المرضى خياران، إما الاعتماد على أطباء يقدمون خدماتهم تطوعاً من منازلهم ومن دون أجهزة طبية، أو استخدام الأعشاب في العلاج. على المنظمات الدولية الضغط على قوات الدعم السريع للسماح بإجراء مسوحات، وتجهيز مستشفيات بعيدة عن سيطرتها، أو نقل من يشتبه في إصابتهم بالمرض إلى ولايات أخرى لتلقي العلاج". 
ووعد وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم باتخاذ مجموعة إجراءات للتدخل من اجل الحدّ من المرض، أبرزها حصر مخزون الكلور وتوزيعه على الولايات، وتنفيذ أنشطة لسلامة المياه في عدد من الولايات، وأخرى للتصحيح البيئي ومكافحة نواقل الأمراض، لمحاولة تلافي آثار فصل الأمطار والسيول والفيضانات في الخريف، وشدد على أن الأولوية الآن هي لإنقاذ الأرواح.

المساهمون