السوريون في لبنان... حلم العودة يتحقق

10 ديسمبر 2024
سوريون في معبر المصنع الحدودي. 8 ديسمبر 2024 (حسن جراح/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بعد سقوط نظام بشار الأسد، شهدت الحدود اللبنانية عودة العديد من اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وسط احتفالات مشتركة بين اللبنانيين والسوريين، معبرين عن أملهم في العودة بعد سنوات من اللجوء.
- بعض اللاجئين يفضلون التريث قبل العودة، منتظرين استقرار الأوضاع في سوريا، ويعبرون عن امتنانهم للبنانيين، مع أملهم في بناء دولة مدنية تضمن حقوق الجميع.
- يواجه اللاجئون تحديات لوجستية ومالية تعيق عودتهم الفورية، لكن الأمل في العودة وإعادة بناء حياتهم في وطنهم يظل قوياً، مع توقعات بدعم دولي.

انسحبت فرحة تحرير سورية وسقوط نظام بشار الأسد على اللاجئين السوريين في لبنان، وتوافد العديد من اللبنانيين والسوريين إلى الشوارع رافعين أعلام الثورة السورية التي فتحت أبواب سجون النظام، وحررت المعتقلين، وأعادت بارقة أمل للاجئين السوريين بالعودة إلى ديارهم بعد أن ذاقوا الأمرّين.
وفور إعلان خبر تحرير دمشق، توافد لاجئون سوريون على معبر المصنع الحدودي للعودة إلى بلادهم، كما تداول البعض معطيات عن فتح معابر غير الشرعية لتسهيل عودة اللاجئين.
من طرابلس (شمال لبنان) يقول اللاجئ السوري أحمد عودة لـ"العربي الجديد": "بدأ معظم اللاجئين التخطيط للعودة إلى سورية، والبعض ارتأوا التريث ريثما تتبلور المرحلة المقبلة ويتضح مصير البلاد. نتأمل ألا تعم الفوضى، وتبدو الأمور مضبوطة حتى الآن. أنا مضطر للبقاء حالياً في لبنان، لأن ابنتي تتابع دراستها الثانوية وابني في الجامعة، ومع انتهاء العام الدراسي سأعود إلى سورية. أعرف العديد من السوريين الذين عادوا، لكن هناك عائلات ما زالت تنتظر".
واعتقل عودة، المنحدر من محافظة حمص، على أيدي قوات النظام في عام 2012، ثم أفرج عنه في العام التالي، وهو العام ذاته الذي غادر فيه إلى لبنان. يضيف: "كان السوريون في لبنان خائفين بعد تحرير حلب، لكن مع تسارع الأحداث، سقطت كل الهواجس والمخاوف، حتى إن أهالي مدينتَي طرابلس والبداوي خرجوا إلى الشوارع احتفالاً إلى جانب السوريين. انكسر حاجز الرعب والخوف من عبور الحدود، أو التعرض لغدر المهربين، ولم نعد عرضة للخطف أو للاعتقال. نشهد تغييراً جذريّاً، فالسوريون صار بإمكانهم التعبير عن تطلعاتهم بحرية، ولن ننسى فضل اللبنانيين الذين استقبلونا رغم الأزمة الاقتصادية".
ويقول عضو هيئة متابعة شؤون اللاجئين السوريين في عكار (شمال)، أحمد المحيميد (أبو أدهم) لـ"العربي الجديد": "تمكن الثوار الأحرار من تقديم نموذج يُحتذى به بعد سيطرتهم على مدينة حلب، واكتملت فرحتنا بتحرير سورية من الظلم والظالمين بعد أن عشنا مأساة اللجوء لسنوات، وعايشنا الحرمان والقهر والعذاب. هاتفي لم يهدأ منذ ليل السبت، ولا يمكن وصف حالة الابتهاج والسرور التي تنتابنا".

احتفالات في طرابلس اللبنانية. 8 ديسمبر 2024 (فتحي المصري/فرانس برس)
احتفالات في طرابلس اللبنانية. 8 ديسمبر 2024 (فتحي المصري/فرانس برس)

بدورها، تتمنى سميرة بعريني (أم عماد)، راحة البال والفرج للجميع، وتقول لـ"العربي الجديد": "أرهقنا اللجوء والمآسي المتلاحقة، وآن الأوان كي نستعيد البسمة والأمل. الفرحة كبيرة ويعجز اللسان عن وصفها، ولبنان كله يحتفل معنا. في عام 2013، غادرت حي الخالدية في حمص إلى بلدة العبدة في عكار، ولم أقرر موعد العودة بعد لأن منزلي في سورية، ولا يمكنني العيش رفقة طفلين في الشارع. نترقب تطور الأحداث وإعادة الإعمار، وكل همي حالياً أن يكون أبناء عمي السبعة بين المعتقلين المحررين من سجن صيدنايا".
من بلدة عرسال الحدودية مع سورية، يرصد الناشط الحقوقي نوار بدران حجم فرحة التحرير التي عمّت السوريين، في الداخل وفي المهجر وفي دول اللجوء. ويقول لـ"العربي الجديد": "لم تهدأ الاحتفالات في عرسال، وفرحة اللبنانيين توازي فرحتنا. غادرت منطقة القلمون غربي سورية إلى لبنان في عام 2013، وبعد وصولي، أصبحت ناشطاً في إغاثة اللاجئين السوريين. كنا نحلم بالعودة، وها قد حان يوم العودة. ينشغل كثيرون بتوضيب أغراضهم وإنجاز أمورهم وأشغالهم في لبنان بانتظار لحظة العودة التي باتت قريبة".
يضيف: "طالما حلمنا ببناء دولة مدنية حرة تقوم على حكم القانون والمؤسسات وتمثل كل الطوائف السورية، ونتطلع اليوم إلى العيش المشترك الذي لمسناه من خلال مشهد استقبال الثوار في كل المناطق. اللاجئون الذين دُمّرت منازلهم ينتظرون ما إذا كانت المنظمات الدولية ستعيد إعمارها، وتمدهم بمقومات الحياة حتى يتمكنوا من الاستقرار بعد العودة إلى ديارهم".

بدوره، غادر السوري علي الرفاعي بلدته رأس المعرة إلى بلدة عرسال في عام 2014، ويؤكد لـ"العربي الجديد": "بعد عشر سنوات من اللجوء، نعيش اللحظة التاريخية التي طال انتظارها، إنه حلم لا نريد أن نصحو منه، وهو نصر عظيم للشعبين السوري واللبناني وللأمتين العربية والإسلامية. لا يمكن أن ننسى أن عرسال كانت بلدتنا الثانية، وقد احتضنتنا وصار أهلها بمثابة أهلنا. نريد مزيداً من الوقت لنستوعب حجم الانتصار، على أمل الفرج القريب".
لا يعيق عودة اللاجئة السورية نهى معطي إلى بلدتها في ريف دمشق، سوى تأمين أجرة الوصول. وتقول لـ"العربي الجديد": "أعيش في أحد مخيمات عرسال رفقة ابني، ولا أريد سوى العودة إلى بيتي، فسعادتي فعلاً لا توصف".
وشاء القدر أن تعايش سماح خضر بعريني، قهر التهجير مرتين، إذ لجأت في عام 2013 من حمص إلى بلدة الصرفند في جنوب لبنان، قبل أن تجبرها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على النزوح باتجاه مخيم البداوي (شمال). وتخبر "العربي الجديد" أنها بصدد العودة إلى بلدها، لكنها تنتظر خروج طفلها من المستشفى وتماثله للشفاء "على أمل أن يحظى أطفالي الخمسة بمستقبل أفضل وسط أهلهم وفي بلادهم".

المساهمون