السوري محمد نور.. ابتسامة رغم حياة بنصف ساق

إدلب

عامر السيد علي

avata
عامر السيد علي
26 يونيو 2024
454456
+ الخط -
اظهر الملخص
- محمد نور، بساق واحدة وعكاز، يقود سيارته المعدلة لبيع القهوة في إدلب، سوريا، مستقبلاً زبائنه بابتسامة وكلمات تبعث الأمل، معتبرًا عمله مصدر رزق لعائلته في ظروف قاسية.
- رغم فقدانه لساق وخنصر يده ومعاناته من تبعات الحرب السورية، بما في ذلك فقدان أشقائه وابنه، يحافظ محمد على نظرة إيجابية للحياة، محاولًا التغلب على الصعاب بروح معنوية عالية.
- استمرار محمد في القتال ضمن صفوف المعارضة حتى فقدان ساقه، ومواجهته للمزيد من المصائب بوفاة ابنه وإصابة ابنه الآخر، يعكس قوة إرادته وتمسكه بالأمل في ظل الأزمات المتتالية.

بساق واحدة، يقود محمد نور سيارته الصغيرة ذات ناقل الحركة العادي بمهارة عالية بمساعدة عكازه، ليصل بشكل يومي عند الساعة السابعة صباحًا إلى المنطقة الصناعية في مدينة إدلب شمال غربي سورية. وتعمل سيارته المعدلة كي تناسب ماكينة تحضير القهوة التي يعمل عليها ويحضّر من خلالها المشروبات الساخنة، مستقبلا زبائنه بوجه بشوش وابتسامة عريضة، ترافقها كلمات لا تخلو من اللطف وترسم البهجة على وجوه زبائنه "أسعد الله صباحك" و"تفضل قهوتك يا قلبي".

الصورة
السوري محمد نور .. حياة بنصف ساق تزينها الابتسامة (العربي الجديد)

يقول محمد نور لـ"العربي الجديد": "رغم الآلام والأوجاع التي بداخلي أرميها جميعًا خلف ظهري وأبدأ يومي ببيع القهوة والمشروبات الساخنة والباردة لزبائني في المنطقة الصناعية الذين أحبهم ويحبونني. هذه السيارة مصدر رزقي الوحيد الذي أعيل به نفسي وعائلتي ووالدتي. الحياة قاسية جدًا هنا في إدلب، لكنني أنظر إليها كحياة جميلة كي أتغلب على معاناتي".

الصورة
السوري محمد نور .. حياة بنصف ساق تزينها الابتسامة (العربي الجديد)

من يرى ابتسامة محمد من الزبائن لا يمكنه تخيل حجم المعاناة التي خلفها. في أبسط الأحوال، ينظر إليه كشخص يكافح من أجل حياة كريمة، رغم أنه فاقد لطرفه السفلي وخنصر يده اليمنى التي يقدم بها القهوة، معاناة محمد ومصائبه بدأت مع انطلاقة الثورة السورية عام 2011. فهو ينحدر من مدينة حماه التي عانت الويلات من نظام بشار الأسد ووالده حافظ، بحسب تعبيره. كان حينها يؤدي خدمة العلم الإلزامية في واحدة من كتائب الجيش السوري بمحافظة درعا جنوبي البلاد. عندما علم بخبر تصفية ثلاثة من أشقائه بإعدامات ميدانية داخل سجون النظام السوري، وبسبب الحزن بُترت ساقا والدته مريضة السكر.

الصورة
السوري محمد نور .. حياة بنصف ساق تزينها الابتسامة (العربي الجديد)

قرر محمد نور حينها الانشقاق عن جيش النظام السوري مع عدد كبير من زملائه والالتحاق بصفوف الجيش السوري الحر والقتال في صفوف المعارضة. ومع مرور سنوات الثورة السورية والتطورات الحاصلة في البلاد، وصل محمد إلى محافظة إدلب وما زال يقاتل في صفوف قوات المعارضة برفقة شقيقه الرابع والأخير قتيبة. لكنهما تعرّضا لصاروخ تاو في واحدة من جبهات القتال عام 2016، ليقتل قتيبة ويفقد محمد ساقه اليمنى وخنصر يده اليمنى.

الصورة
السوري محمد نور .. حياة بنصف ساق تزينها الابتسامة (العربي الجديد)

بعد هذه الحادثة، رزق محمد نور بولدين توأم، أطلق اسم قتيبة على واحد منهما تيمّنًا باسم شقيقه الراحل. لكن قتيبة الابن لم يعش سوى بضعة أشهر، فقد قُتل بقصف لقوات النظام السوري على منزله في مدينة إدلب. يقول محمد: "لم تنتهِ معاناتي ببتر إصبع يدي وساقي، وبتر ساقي والدتي، وخسارة أخي الشهيد وولدي الذي جمعت أشلاءه من منزلي. فقد تعرّض ولدي الثالث جاد لحمّى العام الماضي أفقدته حاسة السمع، وهو بحاجة لعملية زراعة الحلزون كي يستعيد سمعه".

مع جميع هذه الآلام، ما زال محمد نور يقدم فنجان القهوة لزبائنه بابتسامة عريضة، كي يستطيع التغلب على قساوة الحياة في سورية ويعيش حياة كريمة مع من تبقى من عائلته.

ذات صلة

الصورة
أزمة المياه في مخيمات الشمال السوري، يوليو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه النازحون في مخيمات الشمال السوري أزمة مياه غير مسبوقة، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة، بالإضافة إلى توقف دعم مشاريع الإصحاح..
الصورة
مخيمات الشمال السوري ، 1 يوليو 2024 (عدنان الإمام/العربي الجديد)

مجتمع

تعاني آلاف الأسر النازحة في مخيمات الشمال السوري من أزمة إنسانية حادة نتيجة انعدام المياه الصالحة للشرب، وذلك بسبب توقف دعم المنظمات الإنسانية
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
الصورة
سورية (بلال الحمود/ فرانس برس)

مجتمع

يحرص السوريون على زيارة المقابر في العيد. زيارات تعبّر عن مشاعر الحنين إلى الأقارب والأصدقاء الذين خسروهم، وكانت لهم الكثير من الذكريات معهم
المساهمون