أعلن رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون (يمين وسط)، اليوم الإثنين، عن إعادة بلاده تفعيل "واجب الخدمة المدنية" لجميع المواطنين. مشددا على أنه سيجري يوم الخميس القادم "اتخاذ قرار حول مهمة تفعيل قانون إعادة الخدمة المدنية بعهدة البلديات".
وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحافي مع وزير الدفاع، أوسكار بوهلين، اليوم الإثنين تحت عنوان تعاون "الشعب والدفاع" (فولك أوش فورسفار). إذ اعتبر بوهلين أن فرض الخدمة الاجتماعية "جاء على خلفية الدروس والتجارب من أوكرانيا، وبشكل رئيس لحماية السكان المدنيين، إذ تقع خدمات الطوارئ تحت ضغوط شديدة".
والخدمة المدنية الإلزامية في السويد تعني أن يكون الأشخاص بين 16 و70 سنة
والخدمة المدنية الإلزامية في السويد تعني أن يكون الأشخاص بين 16 و70 سنة (بمن فيهم المقيمون على الأراضي السويدية)، مستعدين لتلبية الاستدعاء في حال قررت الدولة التأهب والتعبئة العامة، وهي تعادل رسميا الاستدعاء إلى التجنيد العسكري الإلزامي في البلد ولكنها بمهام غير قتالية، وتعمل تحت سلطة "هيئة الحماية والتأهب الاجتماعي"، التي تعرف اختصارا باسم "إم إس بي" (تضم 3 آلاف حاليا)، وتشمل القيام بأنشطة ذات أهمية اجتماعية، مثل الخدمات والإنقاذ والرعاية الصحية ورعاية الأطفال.
ووفقا لرئيسة الهيئة، كاميلا أسب، فإن الخدمة المدنية الإلزامية تأتي في حال نشوب أزمة شديدة تستدعي تعويض الموظفين لاستمرارية وانسياب الحياة في البلاد.
وتلزم استوكهولم مواطنيها منذ عقود بأن يكونوا على أهبة الاستعداد "في حالة التأهب القصوى"، إلى جانب التجنيد الإلزامي، للانخراط في خدمة عامة لمجتمعهم.
ولا تخفي السويد توجهها نحو فرض هذا الاستعداد الشعبي بسبب ما يجري من توتر وشحن لأجواء الشمال الأوروبي على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، وتوسع المخاوف مما يطلق عليه (من حكومتي يسار الوسط السابقة ويمين الوسط الحالية) "عدوانية واستفزازا روسيا متزايدا".
ومع مطلع مارس/آذار القادم تنتظر استوكهولم استكمال تفعيل العمل بالواجب المدني، بحسب ما نقل التلفزيون السويدي، "إس في تي" (اليوم)، إذ يعتبر العمل الدفاعي الهجين (بين الجيش وشعب البلاد) عودة إلى أجواء الحرب الباردة التي عاشتها أوروبا في علاقتها بالاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية سابقا.
واعتبر المسؤولون السويديون أن "العودة إلى ما كان سائدا في تلك الفترة تعني إعادة تفعيل الواجب المدني بتقسيمه على المجتمع بشكل مهني (كل حسب اختصاصه وقدراته)، بما يضمن حماية السكان عموما".
ومنذ 2008 توقفت السويد عن تفعيل برامج التدريب الأساسي على الخدمة المدنية الإلزامية لمواطنيها، بينما تؤشر اليوم عودتها إلى تفعيلها مجددا إلى خشية سويدية على استمرار عمل شبكات البنى التحتية لمجتمعها، بما في ذلك تلك الحيوية التي يخشى استهدافها، كشبكات الكهرباء والطاقة والصحة والمطارات، وغيرها من قطاعات تتأثر أحيانا بهجمات سيبرانية (كما هي الحال في دول الجوار الأخرى في الشمال وإسكندنافيا).
إجمالا، تشعر السويد أن مجتمعها يعيش تحت وطأة التهديد بتعرضه "لهجمات" بما في ذلك المسلحة، وفقا لوزير دفاعها، بوهلين، الذي شدد على أن "البلديات غير مجهزة بما يكفي لمتطلبات الدفاع"، وذلك على هامش مؤتمر "الشعب والدفاع" في نهاية الأسبوع الفائت.
وعادة ما تنتهج السويد منذ سنوات سياسة "تأمين مستلزمات بقاء لمدة أسبوعين على الأقل" في منازل مواطنيها، وهو ما أصبح أكثر شيوعا على خلفية الحرب في أوكرانيا منذ فبراير/شباط العام الماضي.
وتعتبر الجارة فنلندا متقدمة بكثير على السويد والدنمارك والنرويج في إشراك شعوبها في خدمات مدنية تدافع عن دولهم، إذ ليس فقط أن شعب فنلندا متدرب على السلاح وقادر على الدفاع عن بلده، بل تنتشر ثقافة اجتماعية أكثر صرامة فيما يخص مسؤولية الأفراد في الدفاع عن مجتمعهم وتقديم الخدمات الضرورية في حال الطوارئ الشاملة في البلد.