يحافظ الفلسطينيان محمود كحيل وأسامة الشوبكي على مهنتهما في بيع وتصليح الدراجات الهوائية منذ نحو 5 عقود من خلال عملهما في محل تجاري بحي الدرج، أحد أقدم الأحياء الواقعة شرقي مدينة غزة.
وورث كحيل هذه المهنة عن والده وواصل العمل فيها قبل أن يلتحق به صديقه الشوبكي، حيث عمل الاثنان معاً في مجال تصليح الدراجات الهوائية واستيراد الجديدة وبيعها في السوق المحلية.
ويتوافد يومياً الفتية والشبان إليهما، حيث تعتبر هذه الفئة هي الأكثر اقتناءً للدراجات هذه الأيام، فيما يعتبر المحل التجاري الخاص بالشوبكي وكحيل الوحيد في المنطقة الذي يقصده العشرات على مدار العقود الماضية.
ورغم مرور السنوات على العمل معاً إلا أنهما ما زالا يعملان بالروح نفسها وبالطريقة التي اعتادا عليها، رغم تطور الدراجات الهوائية ونظام عملها مقارنة مع ما كانت عليه في الفترة التي سبقت انتفاضة الحجارة في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.
ويحافظ الفلسطينيان على بساطة محلهما التجاري حيث توجد بداخله الكثير من المعدات القديمة إلى جانب معدات التصليح الحديثة التي تواكب تطور عمل الدراجات الهوائية، فضلاً عن لوحة تسجيل خاصة بالمحل تعود إلى بداية تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994.
يروي أسامة الشوبكي لـ"العربي الجديد"، كيف بدأ عمله مع صديقه محمود كحيل مع اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987، حيث كان قد أنهى دراسته الجامعية بجامعة الأزهر والجامعة الإسلامية دون أن يتمكن من الحصول على فرصة عمل.
واعتاد الشوبكي خلال ذهابه للجامعة على ركوب الدراجة الهوائية التي كانت لديه، فيما كان يعمل على تصليحها لدى صديقه كحيل، قبل أن يبدأ بتعلم مهارة التصليح، وليقرر لاحقاً العمل بها في مجالين هما التصليح والتجارة.
ويشير إلى أنه وصديقه كحيل عملا على توسيع نطاق عملهما من خلال استيراد الدراجات الهوائية الحديثة وبيعها، إلى جانب المحل المختص في مجال تصليح الدراجات التي تحتاج للصيانة، وهو ما عزز صداقتهما.
ووفق الشوبكي، فإنّ اختلافاً طرأ على الفئات التي تقتني الدراجات الهوائية في غزة، وهم عادة كبار السن والمؤسسات التابعة للبلديات وبعض الدوائر الحكومية، وكان صاحبه يحمل تصريحاً خاصاً يشبه لوحات الدراجات النارية ولوحات السيارة.
أما حالياً فإنّ الفئات التي تمتلك الدراجات الهوائية فتقسم إلى ثلاثة أصناف، منها الرياضيون وبعضهم من الطبقة الغنية، فضلاً عن الباعة المتجولين الذين يبيعون عادة البقدونس والنعناع، إلى جانب فئة الشباب والأطفال، بحسب الشوبكي.
ويرى الرجل الستيني أنّ مهنة تصليح الدراجات الهوائية ما زالت تحافظ على بريقها، رغم مرور هذه السنوات وحالة التقدم التكنولوجي وانتشار ظاهرة اقتناء السيارات والدراجات النارية في قطاع غزة.
أما صديقه محمود كحيل فيقول إن بداية ارتباطه بمهنة تصليح الدراجات الهوائية كان قبل قرابة 5 عقود حينما كان طالباً في المدرسة، حيث اعتاد على الوجود مع والده بعد انتهاء دوامه المدرسي ليتعلم منه هذه المهارة.
ويقول كحيل لـ"العربي الجديد"، إن البداية الحقيقية له في هذا المجال كانت حينما توفي والده بعد قرابة 10 سنوات من وجوده معه، ليقرر السير على طريقه في المهنة نفسها والتي أصبحت في ما بعد مصدر الرزق الوحيد الخاص به.
ويشير إلى أنه عمل خلال هذه السنوات على أصناف وأنواع متعددة من الدراجات الهوائية التي كان القطاع يستوردها، قبل أن تصل إلى ما وصلت إليه خلال العقد الأخير من تطور مختلف تماماً عما كان في السابق.
ووفق كحيل، فإنه وصديقه الشوبكي نجحا خلال هذه السنوات في الحفاظ على هذه المهنة بالرغم من حالة التقدم والتطور الحاصلة، إلى جانب محافظتهما على صداقتهما على مدار عقود.
ويعتقد أن هذه المهنة ستبقى محافظة على نفسها في غزة نتيجة لوجود الدراجات الهوائية وانتشارها بالذات في صفوف الفتية والشبان، بالرغم من انتشار ظاهرة اقتناء الدراجات النارية خلال الفترة التي تلت عام 2006.
ويؤكد كحيل تمسكه هو وصديقه الشوبكي بالعمل معاً مع مرور هذه السنوات كونهما عايشا حقباً متنوعة حافظا خلالها على عملهما وعلاقتهما الشخصية، إذ لا يقل عدد ساعات عملهما اليومي معاً عن 10 ساعات.