تسبّبت الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ فجر أمس الخميس في معاناة قاسية لمئات الطلاب المغاربة، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الموت في أي لحظة والمجهول أثناء بحثهم عن سبل للنجاة بحياتهم.
وكشف كمال عشير، وهو مسؤول في شركة تستقطب الطلاب المغاربة للدراسة في أوكرانيا، أن "المغاربة في أوكرانيا عاشوا منذ صباح أمس حالة خوف وذعر كبيرين، فضلا عن معاناتهم من وضع صعب، خاصة أنهم لم يتمكنوا من سحب أموالهم من البنوك واقتناء ما يلزمهم من حاجيات، بما في ذلك المواد الغذائية".
وكشف عشير، الذي اختار مساء اليوم التوجه نحو الحدود هرباً من جحيم الحرب في أوكرانيا، في حديث لـ" العربي الجديد"، عن وجود "عدد كبير من الطلبة المغاربة الذين يحاولون عبور الحدود الأوكرانية نحو بولندا ومولدوفا ورومانيا ودول أخرى على الحدود"، مضيفا: "نحمد الله أنه إلى حدود الساعة لم يتعرض أي مواطن مغربي للأذى".
من جهته، أوضح الطالب المغربي أحمد الحسناوي أن الطلبة المغاربة عاشوا ويعيشون منذ فجر أمس لحظات قاسية وحالة هلع بشأن مصيرهم، خاصة أن أغلبهم لم يختبروا في حياتهم ظروف الحروب والمآسي، واضطروا إلى مغادرة مقار سكناهم فرادى وجماعات واللجوء إلى الملاجئ ومترو الأنفاق لتجنب الأخطار الناجمة عن القصف والضربات الجوية التي استهدفت المدن الأوكرانية".
ويلفت، في تصريح لـ"العربي الجديد "، إلى أن" العديد من الطلبة لم يتمكنوا من المغادرة خوفا من تعرضهم للخطر وصعوبة الوصول إلى الحدود، متابعا:" ننتظر رحمة الله وفرجه، ولا يهون عنا سوى إجراء محادثات هاتفية مع عائلاتنا تشد من أزرنا في ظل هذا الوضع الصعب".
ويوضح الطالب المغربي أن العديد من الطلاب المغاربة شرعوا، منذ صباح الجمعة، في الاستعداد لمغادرة أوكرانيا في اتجاه الحدود، في ظل أجواء متوترة تعيشها البلاد، لافتا إلى أنهم أنشأوا مجموعات على مواقع التواصل الفوري "واتساب" قصد تجميع الراغبين في المغادرة، وأن أكبر عائق يواجههم في رحلة الفرار من الحرب هو ضعف وسائل النقل.
في غضون ذلك، خاضت عائلات الطلبة المغاربة في أوكرانيا أول احتجاج لها، اليوم الجمعة، أمام مقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في العاصمة الرباط، لحث الحكومة على التدخل بشكل عاجل لإيجاد حل لأبنائهم في أوكرانيا.
وطالبت العائلات بتحرك دبلوماسي مغربي عاجل، على غرار ما تحاول دول أخرى القيام به لحماية أرواح مواطنيها في أوكرانيا، وبحث طرق إجلائهم في أقرب وقت عبر منافذ دول الجوار الأوكراني، بعد توقف الملاحة الجوية فوق أوكرانيا منذ يومين.
من جهتها، دعت السفارة المغربية بالعاصمة الأوكرانية كييف، اليوم الجمعة، المواطنين المغاربة الراغبين في مغادرة التراب الأوكراني إلى التوجه إلى المنافذ الحدودية للولوج إلى الدول التالية: رومانيا وهنغاريا وسلوفاكيا، حيث سيتم إنشاء خلايا للاستقبال والمرافقة.
كما دعت سفارة المغرب في كييف، في بيان لها، كافة المواطنين المغاربة المقيمين الذين اختاروا المكوث فوق التراب الأوكراني إلى ضرورة التقيد بالتوجيهات وتدابير السلامة التي أقرتها السلطات الأوكرانية المختصة، حيث تشدد السفارة على عدم مغادرة أماكن الإقامة إلا في حالات الضرورة القصوى، والاحتفاظ الدائم بأوراق إثبات الهوية، والتواصل المستمر مع السفارة وخلية الأزمة المُخصصة لهذا الغرض.
وبالنسبة للمواطنين الذين قرروا المُغادرة، كشفت سفارة المملكة أنها "بتنسيق وثيق مع سفارات المملكة بالدول المُجاورة، منكبة على تسهيل عملية عبور المواطنين المغاربة من أوكرانيا في ظروف آمنة".
وكان المغاربة العالقون في أوكرانيا قد أصدروا، أمس الخميس، نداءات متعددة للسلطات المغربية، من أجل التدخل لإجلائهم عبر إحدى دول الجوار الأوكراني، بعدما توقفت حركة النقل الجوي في البلاد.
ويقيم المئات من المواطنين المغاربة في المدن الأوكرانية، في حين يقدر عدد الطلبة الذين يتابعون دراستهم في الجامعات بـ12 ألف طالب، عاد منهم ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف طالب عقب طلب السفارة المغربية بالعودة قبل بداية القصف، فيما يوجد حاليا ما بين 8 آلاف و9 آلاف طالب ما زالوا عالقين تحت القصف.