بدأت السلطات العراقية إجراءات فتح مقبرة جماعية كبيرة تضم رفات مئات الضحايا الذين قالت إنهم قتلوا في صيف عام 2014، على يد مسلحي تنظيم "داعش"، في بلدة قرب مدينة الموصل شمالي البلاد.
وقال مدير دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية (حكومية)، ضياء الساعدي، في بيان، إن دائرته باشرت، أمس الجمعة، فتح المقبرة التي تضم رفات ما بين 500 و600 شخص يعتقد أنهم من نزلاء سجن "بادوش "الواقع قرب الموصل، وجميعهم تمت تصفيتهم على يد تنظيم "داعش، مبينا أن "المقبرة تم العثور عليها عام 2017، لكن الظروف الأمنية غير المستقرة في المنطقة، وقلة المخصصات المالية، حالت دون فتحها وقتها".
وبدأ، اليوم السبت، رفع الرفات بالتعاون مع دائرة الطب العدلي، وفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش "يونيتاد" واللجنة الدولية لشؤون المفقودين، وقال الساعدي إن "الجهات المحلية والدولية المختصة ستستمر في إخراج الرفات تباعاً على مراحل، وذلك لكبر مساحة المقبرة".
وحتى الآن لا يوجد دليل واضح على هوية ضحايا المقبرة، لكن السلطات العراقية تعتمد على شهادات بشأن إعدام مسلحي تنظيم "داعش"، لنزلاء وحراس وموظفين في سجن بادوش جنوبي الموصل، بعد احتلال المدينة، واقتحام السجن، وتحرير أنصار التنظيم منه، ثم تصفية الباقين.
وما زال ملف المقابر الجماعية يتصدر قائمة الملفات الإنسانية والحقوقية، إذ يتم إعلان العثور على مقابر جماعية جديدة بين وقت وآخر، والمتورطون عادة مسلحو تنظيم "داعش"، أو عناصر مليشيات مسلحة، وتضم رفات الآلاف من السكان.
فتح مقبرة جماعية تضم رفات نحو 600 نزيل قتلوا بالرصاص في سجن بادوش قرب #الموصل.
— مجاهد الطائي (@mujahed_altaee) May 28, 2021
عندما تكتشف مقبرة في مكان مشترك بين داعش والميليشيات؛ تُتهم داعش مباشرة وتفتح المقبرة. وعندما يعثر على مقبرة في مكان لم يصله داعش وتتهم فيه الميليشيات؛ يتم التكتم على الموضوع ويهدد من يتحدث به. pic.twitter.com/nQwNV7GEvO
من جهته، قال مسؤول في دائرة الطب العدلي، إنه "تم اليوم استخراج رفات عدد من الضحايا، رغم صعوبة العمل"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "المقبرة عمرها نحو 7 سنوات، وتضم عظام وملابس فقط، لذا يصعب فرزها. يجري العمل بشكل دقيق، ونحتاج إلى وقت للانتهاء، فالمقبرة مساحتها واسعة، وأعداد الضحايا فيها كبيرة، والرفات سيتم نقله إلى الطب العدلي لمحاولة تحديد هويات أصحابه، ثم تسليم جثث الضحايا لذويهم".
وينتقد مسؤولون في محافظة نينوى، إهمال الحكومة ملف المقابر الجماعية، وتركها لسنوات من دون فتحها، وقال سالم الشمري، وهو مسؤول محلي في حكومة الموصل، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك إهمالا للملف، والتقصير قد يكون متعمدا. خاطبنا دائرة شؤون المقابر والجهات المسؤولة بعشرات الكتب الرسمية لأجل فتح المقبرة، ومقابر أخرى، إلا أن مخاطباتنا أهملت لسنوات".
وأشار الشمري إلى أنه "من غير الممكن أن تكتشف مقبرة جماعية ويتم تعطيل فتحها عدّة سنوات، هذا إهمال مخالف لنظام العمل، وعلى الحكومة اتخاذ إجراءات لتسريع عمل الجهات المسؤولة عن هذا الملف".
ويرافق العديد من أهالي ضحايا "سجن بادوش" فرق العمل، وينتظرون الحصول على دليل أو إثبات لتحديد رفات ذويهم، ويقول أبو عادل، وهو والد أحد ضحايا السجن: "يتم حاليا استخراج رفات الضحايا، ونأمل تحديد هويات أبنائنا"، وأكد في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن الأهالي يطالبون منذ عدة سنوات الحكومة بفتح المقبرة، لكنها أهملت ذلك، "هذا عدم مبالاة بقيمة الإنسان. لا يمكن أن تبقى المقابر مغلقة لسنوات، بينما الأهالي لا يعلمون مصير أبنائهم".
ويضم العراق أكثر من 200 مقبرة جماعية، تمكنت السلطات من فتح نصفها، وبعضها من جرائم تنظيم داعش. ويقول الباحث في الشأن الأمني والسياسي العراقي، مجاهد الطائي: "المقبرة تضم رفات نحو 600 نزيل قتلوا بالرصاص في سجن بادوش. عندما تكتشف مقبرة في مكان مشترك بين داعش والمليشيات يُتهم داعش مباشرة، وتفتح المقبرة، وعندما يعثر على مقبرة في مكان لم يصل إليه داعش، وتتهم فيها المليشيات، يتم التكتم على الموضوع، وتهديد من يتحدث به".