يمضي المقدسيون في تهيّئهم لاستقبال عيد الأضحى أحسن استقبال، على الرغم من الأحوال المادية المتدهورة وكذلك ما يفرضه الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات من شأنها التضييق عليهم.
ولعلّ آخر ما ارتكبه الاحتلال من انتهاكات هو وضع يد سلطاته على ممتلكات وأموال ومصوغات ذهبية تعود إلى عائلات أسرى فلسطينيين محرّرين أو أسرى حاليين، مثلما حدث مع عائلة الشاب المقدسي أحمد مناصرة التي اقتحمت قوات الاحتلال منزلها قبل العيد بثلاثة أيام وصادرت مركبة للعائلة وأموالاً ومجوهرات تعود إلى والدة أحمد.
وأكد صالح مناصرة، والد أحمد، لـ"العربي الجديد" أنّهم "صادروا كلّ ما في حوزتنا؛ استولوا على أموال ومجوهرات لزوجتي ثمّ غادروا بعدما عبثوا بمحتويات البيت وقلبوها رأساً على عقب. واليوم، عشية عيد الأضحى، نجهد كي نتجاوز محنتنا الجديدة، في حين أنّ أحمد ما زال رهن العزل الانفرادي، وقد تأجّلت أمس جلسة النظر في التماس قدّمه فريق الدفاع عنه ضدّ استمرار اعتقاله في سجن منفرد".
وغير بعيد عن منزل عائلة أحمد مناصرة في بيت حنينا شمال القدس، تحتشد أعداد كبيرة من النساء المقدسيات ومن كبار السنّ في طابور، عند مدخل لجنة الزكاة في مسجد سعد وسعيد بالقرب من باب العامود، للحصول على مساعدات عينية وتموينية من زيوت للطبخ وسكّر وأرزّ، إلى جانب حلويات خاصة بالعيد. فثمّة عائلات لم تتمكّن من شراء حلويات العيد بسبب ارتفاع أسعارها، في حين تعتاش هذه العائلات على المساعدات الاجتماعية، خصوصاً من لجنة الزكاة وأهل الخير.
أمّا في البلدة القديمة من القدس، فتنتشر عند مداخل أبوابها بسطات الباعة المتجوّلين وباعة الخضار والفواكه التي يقبل عليها الناس. وتبدو الحركة نشطة، إذ يتسوّق من تسعفه أوضاعه المادية ما يحتاجه من محال الملابس ومجال بيع الحلوى والمكسرات.
ويقبل كثيرون على محلات أعلنت عشيّة العيد عن تخفيض أسعارها، لـ"التسهيل على المواطنين" بحسب ما قاله عامر معتوق أحد أصحاب المحال لـ"العربي الجديد". وأشار معتوق إلى أنّ "التخفيضات حقيقية مراعاة لأوضاع المواطنين، خصوصاً العائلات المستورة التي تقصد البلدة القديمة من الضواحي والأحياء المجاورة".
ومثلما هو متوقّع، تشهد محال بيع اللحوم والأضاحي بدورها حركة مواطنين نشطة، لكنّها تبقى أقلّ من المعتاد سنوياً، إذ تُعَدّ تكاليف الأضحية كبيرة جداً بالنسبة إلى عائلات مقدسية مستورة أو متوسطة الدخل.
ويكاد يجزم أصحاب محال الجزارة أنّ الجزء الأكبر من أضاحي هذا العام خُصّص لأهالي جنين ومخيّمها، فتُنحر المواشي هناك ثمّ توزَّع لحومها على مستحقيها. وقال أحد أصحاب تلك المحال، متحفظاً عن ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إنّ "جنين ومخيّمها أَولى من غيرها بالأضاحي".
وقد أيّد محمود الجعبة كلام صاحب محل الجزارة الأخير، وأشار لـ"العربي الجديد" إلى أنّه طلب بدوره إرسال أضحيتَين إلى جنين "لأنّ الناس هناك يعانون من أوضاع معيشية صعبة وبالكاد يجدون لقمة العيش".
وعلى امتداد شارع الواد في البلدة القديمة من القدس، محلات عديدة تعرض حلوى العيد والتي لا يبخل أصحابها في تقديم الحلوى مجاناً للوافدين إلى المسجد الأقصى من مدن الداخل الفلسطيني وبلداته ومن أحياء القدس وبلداتها. يُذكر أنّ هؤلاء يمكثون في الأقصى هذه الليلة، عشيّة عيد الأضحى.