تقضي النساء في تونس ما بين 8 و12 ساعة يومياً في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، وهي أعمال تختلف حسب أعمارهنّ ووضعهنّ الأسري والاقتصادي ومكان السكن، مقابل مُعدّل 45 دقيقة للرجال بحسب وضعهم الأسري والاقتصادي، وفق دراسة أعدّتها منظمة "أوكسفام" في تونس، و"الجمعية التونسية للنساء من أجل البحث والتنمية".
تقول منسّقة برنامج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بمنظمة "أوكسفام" ملاك الدريدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة: "يُقصدُ بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر كل الأعمال المنزليّة داخل البيوتِ. يضمُّ هذا التعريف العناية المباشرة بالأشخاص، كالأطفال أو الكهول ذوي الحاجة، وكذلك الأعمال المنزلية، كالطبخ والتنظيف أو جلب الماء أو الحطب في بعض المناطق الريفية".
وتُضيف: "رغم ضرورة هذا العمل لتوازن المجتمع ولراحة ورفاه العائلة، إلّا أنّ المعايير الاجتماعيّة الأبويّة من جهة وسياسات الدولة المُتحيزة جنسانِياً من جهة أخرى تجعل هذه الأعمال مُستهاناً بها وغير مرئيّة وغير مُعْترف بها. وأيضاً رغم التقدم في مجال المساواة الجندرية في تونس، إلا أنّ اللامساواة بين النساء والرجال لا تزال متواصلة، خاصّة حين يتعلق الأمر بتقسيم الأدوار والمسؤوليات داخل العائلة، حيث تتحمّل النساء أغلب هذه المسؤوليات".
من جهتها، تُوضح الأخصائية الاجتماعية ومعدّة الدراسة الكيفية زهرة بوقرة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "تقضي المرأة وقتها في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، التي يُطلق عليها الأعمال المنزلية، أكثر بـ8 مرات من الرجل".
الدراسة التي تمّ إعدادها تحت عنوان "تأثير أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر على النساء في تونس"، شملت عينة مكوّنة من 203 أشخاص، 65% منهم من النساء. وتوزّعت العينة على 9 ولايات، وهي تونس وباجة وسليانة وإريانة ومنوبة والقيروان وصفاقس وقبلي وقابس.
ولأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر تأثيرات جسيمة على صحّة ورفاه النساء، بحسب الدراسة التي قامت بها "أوكسفام" تونس. ويُعتبر العبء الذهني وغير المرئي وغير المحسوب كبيراً بالنسبة للنساء اللواتي يتولّين مسؤولية إدارة الأعمال اليومية والأسرة، والوجبات، وما إلى ذلك.
أما في ما يتعلّقُ بالنساء اللواتي لهُنَّ عمل يُؤجرنَ عليه، فهُنّ يقُمن بـ"يوم مزدوج"، فالمرأة تقوم بجميع أنشطة الرعاية بالإضافة إلى عملها خارج المنزل، وفق الدراسة.
وعلى الرغم من زيادة مشاركة المرأة في العمل المأجور، فقد تبيّن من نتائج الدراسة أنّ الوقت الذي يخصّصه الرجل لأداء الأعمال المنزلية والأسرية يظلّ منخفضاً بشكل كبير مقارنة بالوقت الذي تقضيه المرأة في هذه المهام. وبالتالي، فإنّ مشاركة المرأة في المجال المهني لا تعفيها من المسؤوليات المعنوية والمادية المرتبطة بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ غياب خدمات الرعاية الصحية العامة أو صعوبة الوصول إليها، من ذلك مثلاً الوصول إلى المياه، وخدمات رعاية الأطفال، ومراكز الأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وما إلى ذلك، يزيد من الضغط الحاصل على النساء للقيام بهذه الأعمال.