رصد المؤتمر الدائم للمرأة العاملة في دار الخدمات النقابية والعمالية، التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا على نساء عاملات في قطاعات مختلفة في مصر، ووثق معاناتهن في ظل "ضعف الحماية الاجتماعية وغياب التأمين والعمل وسط شروط صعبة، وصولاً إلى فقدان غالبيتهن فرص عملهن".
أعباء أخرى فرضت على النساء من جراء الجائحة، لفت المؤتمر إليها، وذلك بعد تعليق الدراسة في المدارس، ووقوعهن تحت ضغط نفسي وجسدي أكبر؛ لأنهن المسؤولات بشكل رئيسي عن رعاية الأطفال.
وبحسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تتولى النساء مسؤولية 75 في المائة من العمل المنزلي وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر حول العالم. كما تقف النساء في الخطوط الأمامية في الحرب ضد وباء كورونا، باعتبار أنهن يمثلن 70 في المائة من مقدمي الخدمات الصحية في 104 دولة بحسب منظمة الصحة العالمية. وتعمل غالبيتهن في قطاع التمريض، ما يجعلهن أكثر عرضة للاصابة بالفيروس نتيجة اختلاطهن بالمرضى لفترات أطول، والدليل أن معظم إصابات النساء بالفيروس في مصر سجلت لدى الطواقم الطبية.
وبحسب الأرقام الصادرة عن المجلس القومي للمرأة، تشكل النساء نحو 42.4 في المائة من طاقم الأطباء، و91.1 في المائة من طاقم التمريض لدى وزارة الصحة، و73.1 في المائة من طاقم التمريض في المستشفيات ومراكز العلاج الخاصة.
واستناداً إلى الأرقام الرسمية المصرية، فإن 18.1 في المائة من النساء في مصر معيلات لأسرهن، فضلاً عن أن 40.9 في المائة من إجمالي العمالة غير الزراعية من النساء تعملن في وظائف غير رسمية، و33.9 في المائة تعملن في أعمال هشة، و6.7 في المائة في القطاع الصناعي، و36.4 في المائة في الزراعة، و56.8 في المائة في القطاع الخدماتي.
وتمثل المرأة المصرية 70 في المائة من القوى العاملة في قطاع الرعاية مدفوعة الأجر (خصوصاً المعلمات والعاملات في القطاع الصحي والاجتماعي). ويمثل قطاع الرعاية مدفوعة الأجر في مصر نحو 28-31% من إجمالي عمالة الإناث، وتزيد احتمالات عمل النساء في قطاع الرعاية مدفوعة الأجر أربع مرات أكثر من الرجال.
وكانت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في الأمم المتحدة، قد اختتمت دورتها السابعة والسبعين، باعتماد توصية عامة حملت رقم 38 (2020)، بشأن الاتجار بالنساء والفتيات في إطار الهجرة العالمية، واتخاذ تدابير لحماية النساء والفتيات من الاتجار. كما سلطت اللجنة الضوء على البيان الذي دعا إلى إطلاق سراح جميع المدافعات عن حقوق الإنسان الذي اعتمدته في أعقاب اليوم العالمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
كذلك، استعرضت اللجنة صور العنف ضد النساء عالمياً، وتزايد أعمال العنف نتيجة تفشي وباء كورونا. وبالفعل، تزداد النداءات الدولية لحماية النساء في أعقاب انتشار فيروس كورونا الجديد، ومن أبرز تداعياته تصاعد وتيرة العنف ضد النساء حول العالم، باعتراف منظمة الصحة العالمية، التي رجحت تفاقم خطر تعرّض النساء للعنف بسبب الإجهاد والتوتر، وتفكّك الشبكات الاجتماعية وشبكات الحماية، وفقدان مصدر الدخل، وانخفاض إمكانية الحصول على الخدمات، والتعرّض لعنف الشريك في العديد من البلدان التي فرضت على الناس البقاء في بيوتهم.
بالإضافة إلى ما سبق، تضررت النساء في أعمالهن بشكل كبير، وخسرت كثيرات أعمالهن من جراء تفشي الجائحة. وأكدت منظمة العمل الدولية في تقرير أصدرته في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعرّض النساء لتداعيات كبيرة من جراء الجائحة العالمية، وتوقعت أن تخسر النساء نحو 700 ألف فرصة عمل بسبب إغلاق المؤسسات أو نتيجة التسريح الذي طاول بعض القطاعات التي تعتمد على عمالة النساء، وذلك استناداَ إلى دراستها الأخيرة عن "تأثير جائحة كوفيد-19 على أوضاع العاملات في القطاع غير المنظم في المنطقة العربية".
أما عن تأثير الجائحة على العاملات والعاملين في القطاع المنزلي، فقدرت الدراسة عددهم في 4 يونيو/ حزيران 2020 في العالم بـ 55 مليون عامل وعاملة، ما يعني أن نسبة 72.3 في المائة من مجموع العمال والعاملات في المنزل مهددون بفقدان وظائفهم وأجورهم من جراء الحجر الصحي الشامل والجزئي. وتعاني 37 مليون عاملة منزلية في العالم من الهشاشة، إذ استفاد العديد من المشغلين من مرونة اليد العاملة للضغط في ما يتعلق بالأجور، ويبرز ذلك في بعض الشركات التي تغيب فيها عقود العمل بالنسبة للعاملات المنزليات وعاملات النظافة اللواتي تعانين من الفقر والحاجة، وافتقادهن إلى فرص عمل لائقة نتيجة غياب الكفاءة المهنية والتعليمية.
أما عن آثار الجائحة على اللاجئات والنازحات العاملات في القطاع غير المنظم، فتشير الدراسة إلى أن النساء في مخيمات اللجوء في الدول المستضيفة تمثل نسبة هامة من العاملين في القطاع غير المنتظم، ولا تتوفر عنهن بيانات كافية لتقييم إمكاناتهن واحتياجاتهن وتلبيتها. ومن المعروف أن تقييد التنقل، وارتفاع خطر التعرض للعنف، بالإضافة إلى محدودية الخدمات الصحية والتعليم، ظاهرة منتشرة على نطاق واسع بين النساء في مجتمعات اللاجئين والنازحين في الداخل، بالإضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة والكلفة الباهظة للحصول على الخدمات الصحية والاعتماد على المساعدات ونقص الحماية القانونية التي يعاني منها العمال اللاجئون عموماً واللاجئات والنازحات العاملات في القطاع غير المنظم خصوصاً، إذ تنعدم شروط العمل اللائق لتكون المعاناة مضاعفة.
وبحسب منظمة العمل الدولية، أثرت جائحة كوفيد-19 على 6.1 مليارات عامل في القطاع غير المنظم في العالم، وتم خفض دخلهم بنسبة 60 في المائة. وتبلغ نسبة العاملات غير النظاميات اللواتي يعملن في القطاعات التي تأثرت بشدة من تداعيات أزمة كورونا نحو 33 في المائة في الدول العربية ونحو 30 في المائة في شمال أفريقيا. وتمثل هذه القطاعات في مهن الخدمات كالحضانات والمدارس والفنادق والمطاعم والتجارة، "جملة وتجزئة"، والأنشطة العقارية والإدارية والتجارية وبعض أنشطة التصنيع.