أوفد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب (حكومي)، الإثنين، لجنة تحقيق تابعة له إلى محافظة الناظور (شمال شرق)، على إثر الأحداث المأساوية التي ترتبت عن محاولات اجتياز مئات المهاجرين السريين بوابة العبور بين مدينتي الناظور و مليلية.
وقال المجلس الحقوقي، في بيان، إنه يتابع عبر لجنته الجهوية في الشرق، وأعضائها بنواحي الناظور، المعلومات بخصوص "العدد الهائل من الأفراد الذين حاولوا العبور في الوقت نفسه، وحدّة العنف، وحجم الخسائر في الأرواح"، موضحاً أن لجنة الاستطلاع التابعة له "عاينت مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة، والتي تتضمن تضليلاً، ومعطيات غير حقيقية بشأن العبور الجماعي المكثف، وما نتج عنه".
وأمرت النيابة العامة، مساء الإثنين، بحبس 31 مهاجراً يتحدرون من جنسيات مختلفة، احتياطياً على خلفية عملية اقتحام السياج الحدودي.
ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء، عن مصدر قضائي، أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالناظور، أودع 31 شخصاً من جنسيات أجنبية، إضافة إلى حدث، وجميعهم مقيمون بصفة غير قانونية، الاعتقال الاحتياطي، في انتظار محاكمتهم بتهمة تنظيم وتسهيل دخول وخروج أشخاص من وإلى المغرب بصفة سرية، وإضرام النار في الغابة، واختطاف واحتجاز فرد من القوات العمومية، واستعماله كرهينة، واستخدام العنف ضد موظفين عموميين.
كما تم تقديم مجموعة ثانية من المهاجرين الموقوفين يبلغ عددهم 33 شخصا، وهم 29 سودانيا و4 تشاديين، في حالة اعتقال أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالناظور، بتهمة تنظيم وتسهيل دخول وخروج أشخاص من وإلى المغرب بصفة سرية، والعنف ضد القوات العمومية، والتجمهر المسلح.
غضب حقوقي لمقتل عدد كبير من المهاجرين على سياج مليلية
ويعقد مجلس الأمن الدولي، الإثنين، جلسة مشاورات مغلقة بشأن مقتل 23 مهاجراً على حدود مليلية، بحسب مندوب كينيا الدائم لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني.
وظهر عشرات المهاجرين السريين ممددين على الأرض بجوار السياج الحدودي، وكان بعضهم ينزف، فيما كان كثيرون منهم بلا حراك في مقطع فيديو نشرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وقالت إنه "يكشف المشاهد المروعة التي أعقبت محاولة عبور جماعي للمهاجرين يوم الجمعة الماضي".
وارتفعت الأصوات داخل المغرب وخارجه للمطالبة بفتح تحقيق شفاف في الحادث الذي خلف مقتل 23 مهاجراً سرياً من دول أفريقيا جنوب الصحراء، خلال محاولتهم اقتحام السياج الفاصل بين الناظور ومليلية.
وطالبت 49 منظمة حقوقية مغربية، ومن دول أفريقية وأوروبية، في بيان مشترك، الإثنين، بفتح تحقيق قضائي مستقل من الجانب المغربي، وكذا الإسباني، لكشف كامل الحقيقة بشأن "المأساة الإنسانية".
وفي وقت سابق، حمّل رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، من أسماهم "مافيات تعمل في مجال الاتجار بالبشر" مسؤولية المأساة، مندداً بما اعتبره "اعتداء عنيفاً ومنظماً على أرض إسبانية".
وشهد السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية ومحافظة الناظور منذ الساعات الأولى من صباح الجمعة الماضي، محاولات اقتحام قام بها عشرات المهاجرين الأفارقة، ووصفتها وسائل إعلام إسبانية بـ"العنيفة والمنظمة"، مشيرة إلى أن المجموعة التي تمكنت من الاقتراب من السياج كانت محملة بحقائب ظهر مليئة بالحجارة والأسلحة البيضاء.
وتمكنت السلطات المغربية من صدّ غالبية المهاجرين، في حين تمكن 130 آخرون من عبور السياج بعد تحطيمهم إحدى بوابات معبر الحي الصيني.
وتعتبر مليلية وسبتة نقطتي عبور معروفتين للمهاجرين السريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، وقبل أسابيع تجاوز عدد المهاجرين الذين دخلوا سبتة ومليلية ثلاثة أضعاف العدد الذي دخل في نفس الفترة من 2021.
ومن أجل مواجهة تدفق المهاجرين، شيّدت سلطات مدينتي سبتة ومليلية سياجين شائكين زودتهما بأجهزة لاستشعار الصوت والحركة على مسافة 12 كيلومتراً من مليلية، و8 كيلومترات من سبتة، وموّل الاتحاد الأوروبي عبر وكالته لحماية الحدود الخارجية "فرونتكس" تشييد السياجين.
ويختبئ أغلب المهاجرين الراغبين في العبور إلى مدينة مليلية في غابة غوروغو في انتظار أول فرصة لاقتحام سياج ثلاثي يبلغ طوله نحو 12 كيلومتراً.