استمع إلى الملخص
- **تفاقم أزمة الجثامين المحتجزة والمفقودين**: في 2023، تجاوز عدد المفقودين عدد الجثامين المحتجزة لأول مرة، حيث بلغ عدد الجثامين المحتجزة 296، بينهم 32 أسيراً، وتقدر الحملة الوطنية احتجاز الاحتلال لأكثر من 2000 جثمان.
- **دعوات لتحرك دولي وقانوني**: دعت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء لتحرك دولي وقانوني، وأكدت على ضرورة المتابعة القانونية، مشيرة إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية تجيز احتجاز الجثامين كورقة مساومة.
للسابع والعشرين من أغسطس/ آب من كل عام خصوصيته لدى عائلة الشهيد صالح البرغوثي، فهو اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين.
رغم ما تمر به عائلة المناضل الفلسطيني الراحل عمر البرغوثي (أبو عاصف)، من بلدة كوبر شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، من استمرار احتجاز جثمان ابنها الشهيد صالح منذ ست سنوات، واعتقال ابنيها عاصم ومحمد الذي تعرض لكسور في الأضلاع، واعتقال الأم لقرابة شهر بداية الحرب على غزة، تؤكد العائلة في حديثها لـ "العربي الجديد"، أنها باتت تخجل من الحديث عن معاناتها أمام ما تتعرض له عائلات الشهداء في غزة.
واعتادت والدته سهير البرغوثي (أم عاصف) المشاركة في فعاليات ترفع صورة ابنها الذي اعتقله الاحتلال بعد إصابته في عام 2018، وأعلن لاحقاً عن استشهاده، ما أثار لدى العائلة اعتقاداً بإعدامه بعد اعتقاله. لكنها كانت ظهر اليوم الثلاثاء، بين عدد من العائلات والنشطاء في مدينة البيرة الملاصقة لرام الله من دون صورة ابنها.
وتذكر لـ "العربي الجديد" أنها تخجل أمام ما يحصل من جرائم للاحتلال والشهداء الذين يرتقون يومياً في غزة، وأشلاء الأطفال التي تتطاير، أن تقول إن لها شهيداً محتجزاً أو إنها باتت وحيدة في البيت في ظل اعتقال نجليها.
ويبدو هذا العام استثنائياً وغير مسبوق في ملف الجثامين المحتجزة والمفقودين، لتطلق عليه الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والجرحى عام المختفين قسراً. فلأول مرة، تفوق أعداد المفقودين الذين يتعرضون للإخفاء القسري في فلسطين أعداد الجثامين المحتجزة. حتى عام 2023، وصل عدد الجثامين المحتجزة بالثلاجات بعد عودة سياسة احتجاز الجثامين عام 2015 إلى 142 جثمان شهيد، تضاف إليها 256 جثماناً محتجزاً قبل عام 2015 في مقابر الأرقام. في المقابل، كانت قد سجلت الحملة حتى قبل بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 75 مفقوداً.
وصلت أعداد المحتجزين في الثلاجات في اليوم الوطني لاسترداد الجثامين والكشف عن مصير المفقودين، إلى 296 شهيداً، من دون احتساب عدد غير معروف من شهداء غزة، بينهم 32 أسيراً استشهدوا داخل السجون، حيث كانوا قبل الحرب 11 أسيراً شهيداً. لكن هذا الرقم لا يشمل أيضاً عدداً غير معروف من أسرى غزة الذين استشهدوا في المعسكرات الإسرائيلية.
يقول القيادي في الحملة الوطنية ومدير مركز القدس للمساعدة القانونية، عصام العاروري، لـ "العربي الجديد"، إن التقديرات لدى الحملة باحتجاز الاحتلال أكثر من 2000 جثمان شهيد من قطاع غزة، ويشمل هذا التقدير من استشهدوا في غلاف في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والأسرى الغزيين الذين استشهدوا في المعسكرات، وعدداً غير معروف لشهداء تم اختطاف جثامينهم من داخل قطاع غزة.
تقول الحملة في بيانها، بمناسبة هذا اليوم، والذي تحييه للعام السادس عشر على التوالي، إنه "للمرة الأولى، تزيد أعداد من تم إخفاؤهم قسراً عن عدد الجثامين الموثق احتجازها، ولأول مرة تشهد عبثاً واسع النطاق باستباحة أجساد الفلسطينيين، أحياء وموتى ومحتجزين، ومستوى غير مسبوق من نفاق الدول التي توظف شعارات حقوق الإنسان بطرق تمييزية وعنصرية، متباكية على من تسميهم رهائن وتخرس ألسنتها عند تذكيرهم بالرهائن الفلسطينيين".
في هذا السياق، دعت الحملة، في بيان تلاه العاروري، خلال فعاليات أقامتها مع مؤسسات الأسرى في ساحة مركز البيرة الثقافي، السياسيين والإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، للقول: "الرهائن الفلسطينيون في معسكرات التعذيب"، و"الرهائن الفلسطينيون في الثلاجات"، و"الرهائن الفلسطينيون في مقابر الأرقام"، والعمل إعلامياً وقانونياً ودولياً من أجل الاعتراف بالمكانة القانونية للرهائن الفلسطينيين.
وقال العاروري في حديث لـ "العربي الجديد"، إن باب القانون في دولة الاحتلال أغلق بملف الجثامين، لأن المحكمة العليا الإسرائيلية أجازت في أحد قراراتها احتجاز جثامين الشهداء لاستخدامهم كأوراق مساومة، ما يعطي برأيه، الأرضية والضرورة للمتابعة القانونية على المستوى الدولي، من أجل الحصول على التعريف القانوني للجثامين المحتجزة على أنهم رهائن. فالرهينة هو من يحتجز قسراً بغرض المبادلة أو الحصول على مقابل، والدولة الوحيدة التي تفعل ذلك، وهي عضو في الأمم المتحدة، هي دولة الاحتلال الفاشي الإسرائيلي، على حد قوله.
وتؤثر عملية احتجاز الجثامين على حياة العائلات الفلسطينية وتقلبها رأساً على عقب، إذ لا تعرف عائلات كثيرة أماكن احتجاز أبنائها، بل إن معظمها لم تحصل على فرصة التأكد من صحة استشهاد أبنائها بمعاينتها أو الحصول على صور لهم.
في هذا السياق، تقول سهير البرغوثي إنها تتألم كأم، وتود أن تدفن جثمان ابنها وتودعه الوداع الأخير وتضمه إلى صدرها حتى تشبع منه، أو على الأقل أن تعرف أين يحتجز في الثلاجات أم في مقابر الأرقام.
ولا ترى البرغوثي الجهود المبذولة في هذا الملف كافية، قائلة: "إن مؤسسات حقوق الإنسان الدولية تظل تعمل في حقوق الإنسان حتى يصل الأمر إلى فلسطين فتتوقف"، مشيرة إلى تقصير من الجهات الرسمية كذلك بهذا الملف.
ونفذت حملة استرداد جثامين الشهداء مع مؤسسات الأسرى الفلسطينية سلسلة فعاليات في عدد من المدن في الضفة الغربية ظهر اليوم، إحياء لليوم الوطني، وتحديداً في مدن البيرة ونابلس وجنين. وقامت تلك المؤسسات بوضع عدد من النعوش الفارغة الرمزية، وحولها صور شهداء الحركة الأسيرة الذين يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم، في محاولة لإيصال رسالة عوائلهم.
ويبلغ مجموع الجثامين المحتجزة وفقاً للحملة، ممن تم توثيقهم ومعرفة هوياتهم، 552 جثمان شهيد، بينهم تسع شهيدات، و32 من شهداء الحركة الأسيرة، و55 طفلاً، وخمسة من شهداء الأراضي المحتلة عام 1948، وستة من شهداء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بينما يبقى العدد غير موثق حول الشهداء المحتجزين من غزة.