على الرغم من انطلاق حملات التطعيم ضد فيروس كورونا في الولايات المتحدة الأميركية، والدعوات التي تطلقها السلطات لحث المواطنين على أخذ اللقاح للحد من انتشار الفيروس، إلا أنّ العديد من المواطنين لم يتمكّنوا حتى الآن من الحصول على الجرعات الأولى، ما تسبب لهم بحالات من الإحباط واليأس، على الرغم من أحقيتهم بالحصول على اللقاح، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
تصف نيتي سيث، (73 عاماً)، عالمة النفس وعميدة القسم في كلية كامبريدج في بوسطن، شعورها لعدم تمكنها من أخذ اللقاح، وتقول: "لقد أدهشني فيض الحزن والخسارة التي ولّدتها عقبات الحصول على اللقاح".
لم تتمكن سيث من الحصول على موعد لأخذ اللقاح، على الرغم من قضاء ساعات النهار والليل في القراءة والنقر على الإنترنت لأخذ موعد.
حتى الآن، تلقى جزء صغير، حوالي 11%، حقنة واحدة أو اثنتين من اللقاح، فيما لايزال باقي المجتمع الأميركي ينتظر.
تقول ليندسي لينينجر، باحثة السياسة الصحية والأستاذة الإكلينيكية في كلية توك للأعمال في دارتموث في هانوفر بولاية نيو هامبشاير: "تسبب الوباء في موجات لا هوادة فيها من الإرهاق والخوف وعدم اليقين، حتى مع ظهور اللقاح، ومع تسارع وتيرة التطعيمات، يقترب بعض الأميركيين، بمن في ذلك أولئك الذين تم تطعيمهم، من فصلي الربيع والصيف بقليل من الخوف، من ما ينتظرهم".
لائحة تطول...
بحسب تقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، ظهرت بعد أسابيع من بدء اللقاح، العديد من القصص تتعلق بعدم المساواة على نطاق واسع، ففي حين ينشر البعض بطاقات الحقن والتطعيم الخاصة بهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لايزال البعض الآخر حبيس الأقنعة والخوف، يفكرون في مدى اقتراب فصل الربيع، وإمكانية أن يحمل الفيروس تغييرات أخرى، أكثر عدوى يمكن أن تتسلل عبر البلاد.
في ولاية نيويورك، أرسلت جيمي أندرسون رسالة بريد إلكتروني إلى مجموعة غير ربحية في شمال مانهاتن نيابة عن والدها، جيمي ماتياس، البالغ من العمر (66 عاماً)، تشكو من غياب المساواة، وتطلب أن يحصل والدها على اللقاح، تقول:" تم الرد على البريد الإلكتروني، وتحديد موعد سريع لإعطائه اللقاح، على الرغم من محاولاتي المتكررة في المستشفيات ومراكز الصحة، لتسجيل اسمه لأخذ اللقاح".
من جهته، قال جيمي ماتياس البالغ من العمر (66 عاماً)، والذي يعمل مديراً في أحد مراكز التخزين إنه بذل جهوداً إضافية للحصول على التلقيح.
أما كاثرين شارب، المصورة المستقلة في بروكلين، مثل العديد من سكان نيويورك، فكان حظها أقل، إذ لم تتمكن من مساعدة والديها البالغين 65 و67 عاماً في الحصول على اللقاح.
تقول شارب: "هذا هو أسوأ كابوس لي،أعرف أنّ بعض أصدقاء أمي قد حصلوا على اللقاح، أنا فقط لا أفهم الخوارزمية التي تعمل بها السلطات، قضيت 40% من وقتي في البحث عن مراكز لتلقيح والدي، ولم أنجح، ولكن سأبقى أحاول للحصول على اللقاح".
في المقابل، يبدو أنّ الخوازمية التي تعمل وفقها السلطات الأميركية، والتي لم تنجح في بعض الولايات، قد نجحت وحققت مكاسب في ولايات أخرى.
وعلى سبيل المثال، تقول باميلا سبان، (68 عاماً)، والتي تعيش في داينجرفيلد ، تكساس: "أشعر بأنني محظوظة جداً لأنني تلقيت بالفعل جرعتين من لقاح موديرنا".
عندما عرضت الصيدلية الوحيدة في مقاطعتها الحقن في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر/كانون الأول، قيل لها لأول مرة إنها كانت أصغر من أن تحصل على الجرعة الأولى، لكن كاتبة كتبت اسمها في دفتر ملاحظات. توضح سبان: "لقد فوجئت للغاية عندما تم استدعائي في ذلك المساء لتحديد موعد في اليوم التالي". وبعدما تلقت جرعة ثانية في 26 يناير/كانون الثاني، أعربت سبان عن سعادتها للغاية، مشيرة إلى أنها تتطلع بشدة لزيارة عائلتها مرة أخرى.
يرى خبراء الصحة النفسية، أن العديد من الأشخاص الذين تم تطعيمهم أو طوروا أجساماً مضادة عن طريق الإصابة بالفيروس، لا يزالون يشعرون بالخوف، إذ بحسب العديد من الشهادات، لا يزال مرضى كورونا السابقون، يعتبرون أن الحياة لن تكون كالسابق، لقد ترك الفيروس تأثيرات نفسية بالغة، إذ إنّ الناس كوّنوا تجارب جديدة خلال العام الماضي، لا يمكن نسيانها، بحيث يعتبر المواطنون في الولايات المتحدة، أنه من الصعب تجاهل إمكانية أن يهاجمهم فيروس جديد، فقد باتوا أكثر حيطة، وحذراً، وأكثر وعياً بالفيروسات الجديدة، تختم "نيويورك تايمز" تقريرها.