بالتزامن مع إضراب معتقلي سجن استقبال طرة، بالقاهرة، عن الطعام من خلال رفض استلام "التعيين" وهي وجبات السجن، احتجاجًا على الانتهاكات الممنهجة التي تطاولهم منذ فترة، واستغاثة معتقلي سجن المنيا؛ انضم معتقلو سجن الفيوم لقائمة الاستغاثات من انتهاكات صارخة تتم بحقهم بالمخالفة للقوانين المحلية والدولية.
وتمكن معتقلو سجن الفيوم من تسريب رسالة لهم، نشرها مركز الشهاب لحقوق الإنسان - منظمة مجتمع مدني مصرية- قالوا فيها إنهم "يتعرّضون إلى تجريد الزنازين من كل متعلقاتهم وسط انتهاكات تخالف جميع القوانين والأعراف، ويشكل التجريد خطورة على صحة المواطنين نتيجة مصادرة الطعام والدواء والملابس والأغطية، بل أيضاً يشكل خطورة على حياة المرضى وكبار السن نتيجة عدم تحمُّل هذه الأوضاع الصعبة، وخاصة في ظل وباء كورونا".
وتتشابه هذه الرسالة عند معتقلي سجن الفيوم، مع نظرائهم في سجن المنيا، الذين قالوا في استغاثة مسربة قبل حوالي أسبوع، إنهم يتعرضون لانتهاكات "أولها التعذيب، ويشمل التعذيب البدني والنفسي، إذ تتولى إدارة السجن ضرب وإهانة المعتقل، مع تعليقه بعد تجريده من ملابسه، وكهربته، وصبّ الماء البارد عليه شتاءً، وماء الصرف صيفًا، مع الضرب بالكرباج، كما أن الزنازين التأديبية غير آدمية، لعدم وجود حمام لقضاء الحاجة، مما يضطرهم إلى بدائل تضر بصحتهم وتتعمد بها إدارة السجن إيذاءهم، ويبقى فيها المحبوس شهورًا عديدة"، فضلًا عن "منع التريض؛ إذ تمنع إدارة السجن التريض عن المسجونين إلا ساعتين في الأسبوع، مما يمنع تعرضهم إلى الشمس أو ممارسة المشي المهم لمنع كثير من أمراض الجلوس وعدم الحركة".
تتخوف منظمات حقوقية محلية ودولية من أن ينتشر وباء كورونا في السجون المصرية
فضلًا عن "منع إدخال كثير من احتياجاتهم في الزيارة؛ إذ تمنع إدارة السجن كثيرا من الأشياء في الزيارة، وخاصة ملابس الشتاء، والطعام الذي يباع في الكافيتريا من أجل التربح من المسجونين وزيادة إيذائهم وأهلهم ماديا".
وكان لمعتقلي سجن استقبال طرة، جنوبي القاهرة، السبق في اتخاذ شكل احتجاجي سلمي وصارم تجاه هذه الانتهاكات، حيث أعلنوا في الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إضرابهم عن استلام التعيين - طعام السجن - بعد تصاعُد الانتهاكات التي تقوم بها إدارة السجن ضد المحتجزين، وذلك على خلفية تعرض لاثنين من السجناء بالصواعق الكهربائية، يوم 1 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ووضعهم في التأديب مرتدين الملابس الداخلية فقط، إلى جانب الاعتداء على السجناء الباقين حيث جردت إدارة السجن الزنازين بشكل كامل من أي طعام وشراب وملابس وجرادل المياه، إضافة إلى إزالة المراوح من بعض الزنازين.
ومنذ يوم 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، تم منع زيارة العيادة أو الشراء من الأماكن المخصصة أو التريض وأيضا منع السجناء من سحب أموالهم من الأمانات بشكل كامل، وأخيرا كلبشة السجناء أثناء الزيارات.
ونتيجة للتعنت ضدهم، رفع السجناء عدة مطالب، وأهمها "حضور النيابة وإثبات حالة السجن والتحقيق مع من قاموا بالتعدي بالصواعق الكهربائية على السجناء. وإعادة التريض والسماح بزيارة العيادات والكانتين والسحب من الأمانات كما كان الحال في السابق. والتوقف عن كلبشة السجناء داخل السجن وأثناء الزيارات. وخروج جميع الذين تم وضعهم في التأديب مع حملة التجريد، وإرجاع كل متعلقات السجناء التي تمت مصادرتها (الملابس، أواني الطعام وسخان الطعام وأغطية النوم والأدوية).
والأوضاع الصحية في السجون المصرية سيئة للغاية. المسجونون لا يتلقون الرعاية الصحية اللازمة، لا سيما المرضى منهم بأمراض مزمنة، وبناء عليه تتخوف منظمات حقوقية محلية ودولية من أن ينتشر وباء كورونا في السجون المصرية، وهو ما قد يؤدي إلى كارثة حتمية.
وسبق أن رصد تقرير لمنظمة "كوميتي فور جستس" انتهاك التكدس الذي وصفه بـ"قنبلة موقوتة"، وأنه رغم ازدياد عدد السجون ومقار الاحتجاز منذ عام 2013، فلا يزال أكثر من 114 ألف سجين يتكدسون في مقار الاحتجاز بمعدلات تفوق سعتها الاستيعابية بمراحل عديدة.
وخلال شهري (مارس/ آذار، وإبريل/ نيسان) فقط، رصد التقرير 33 واقعة تكدس، وسوء تهوية في مقار الاحتجاز، والتي تنوعت بين أقسام الشرطة، والسجون المركزية/ العمومية. وبشأن انتهاك سوء المعاملة رصدت المنظمة 159 انتهاكًا ضمن سوء المعاملة، شملت ستة محاور رئيسية؛ بالإضافة للتكدس وسوء التهوية، وتوزعت الانتهاكات بين 110 انتهاكات في 19 مقرًا للاحتجاز على الأقل، في شهر مارس/آذار الماضي. و49 انتهاكًا في 10 مقرات احتجاز على الأقل، في شهر إبريل/نيسان.
وفيما يتعلق بانتهاك الحرمان من الرعاية الصحية؛ قالت المنظمة إنه رغم ادعاء السلطات المصرية أمام المحافل الدولية حرصها على تقديم الرعاية الصحية للسجناء، إلا أن الوقائع التي رصدتها ووثقتها "كوميتي فور جستس" منذ يوليو/ تموز 2013، تشير إلى اتباع سلطات الاحتجاز نمطًا ممنهجًا لحرمان محتجزي وسجناء الرأي من أولويات الرعاية الصحية، باختلاف شرائحهم العمرية والأيديولوجية، ودرجات إصاباتهم، وأنواع الأمراض التي تعتريهم، ما يفضي لوفاتهم في حالات عديدة.