تحديات العودة من لبنان إلى سورية... عوائق وأزمات

30 أكتوبر 2024
رحلة عودة السوريين من لبنان مضنية ومكلفة (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

عاد السوري مفيد السلوم، وهو أب لأربعة أبناء، من لبنان إلى ريف السويداء، ويقول لـ"العربي الجديد": "لم تكن العودة سهلة كما يُشاع، بل واجهنا مصاعب كثيرة، في مقدمتها أجور النقل، عدا عن الابتزاز الذي تعرضنا له على الحدود من قبل عناصر النظام، وحالياً لا توجد أي مساعدات، ولم يقدموا لنا حتى الماء. أجبرت على استقلال سيارة خاصة مع أفراد أسرتي كلفتنا نحو 100 دولار، وبعد العودة استضافنا الأقارب".
ويضيف: "يمكن على الأقل تحديد أجور النقل كي لا يستغل السائقون الأزمة، ويجبروا العائدين على دفع مبالغ مالية كبيرة كما حدث معنا، لكن من الواضح أن لا أحد يهتم لأمر السوريين العائدين. من الجيد أن لدي بيتاً في بلدتي، والأهالي ساعدونا بتقديم المؤونة وبعض الأغطية، وكل ما نفكر فيه حالياً هو الحصول على عمل والبدء من جديد في السويداء".

وصل نحو 500 ألف وافد من لبنان عبر المعابر إلى سورية

وتشير الإحصائيات الصادرة عن حكومة النظام السوري إلى دخول نحو 430 ألف وافد سوري ولبناني من المعابر الحدودية، من بينهم نحو 147 ألف لبناني، في حين قال وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين في تصريح لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري، إن نحو 500 ألف وافد من لبنان، بين سوريين ولبنانيين، دخلوا إلى الأراضي السورية.
بدوره، عاد بلال الجمعة (45 سنة)، وهو أب لخمسة أبناء، إلى دمشق، وهو يقيم لدى أقارب زوجته في الوقت الحالي، وقال لـ"العربي الجديد": "لديهم ملحق استضافونا فيه بعد العودة. كنت أعمل في لبنان، وكان جميع أفراد عائلتي معي، ابني الأكبر عمره 18 سنة، وكان يعمل معي أيضاً. لا يمكنني العودة إلى حي جوبر لأن النظام يمنع العودة إليه، وعلمت أن منزلنا تضرر بشكل كبير. لدي شقيقان، أحدهما في الشمال السوري والآخر في تركيا، وفي الأيام المقبلة، إذا لم أجد عملاً قد يكون خياري الوحيد هو المغادرة إلى الشمال. ليس هناك ما يشجعني على البقاء في دمشق، لا سيما أنني لا أستطيع العودة إلى بيتي. تخيل أن لديك منزلاً ولا يمكنك العودة إليه، هذه مشكلة بحد ذاتها، ويجب أن أحصل على عمل، لكن لا يوجد أي عمل يمكّنني من توفير الطعام والشراب لعائلتي".

عائلات كاملة غادرت لبنان إلى سورية (حسن جراح/فرانس برس)
عائلات كاملة غادرت لبنان إلى سورية (حسن جراح/فرانس برس)

عاد محمد الرمضان أخيراً من لبنان إلى قريته بهادور التي تبعد عن مدينة القامشلي في محافظة الحسكة (شمال شرق)، نحو 15 كيلومتراً، وقد واجه بعض المصاعب في طريق العودة، لا سيما أن اثنين من أبنائه تجاوزا العشرين، يقول لـ"العربي الجديد": "الوضع في القرية مقلق، واجهنا القصف في لبنان، وهنا أيضاً نسمع أصوات القصف بشكل واضح في عموم المنطقة. غبت عن القرية لأكثر من عشر سنوات، وكثير من الأمور اختلفت. كانت أبرز مشكلة في العودة أننا استغرقنا يومين على الطريق، ولم يقدم لنا أحد المساعدة. حالياً أفكر جدياً بالعودة إلى لبنان فور انتهاء الحرب، فلدي أصدقاء كثر، واعتدت الحياة هناك، وأفضل العودة لعملي هناك ضمن دائرة المقربين التي كونتها خلال السنوات الماضية. كنت أعمل في ورشات البناء مع أولادي، والعلاقة بيني وبين الأصدقاء هناك يزيد عمرها عن 20 عاماً، وهذا ما قد يدفعني للعودة فور توقف القصف والحرب".
وأكد مصدر محلي مقرب من الإدارة الذاتية لـ"العربي الجديد"، أن غالبية العائدين إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، شمال شرقي سورية، توجهوا إلى منازلهم أو منازل أقارب لهم فور عودتهم للمنطقة، في الوقت الذي أطلقت فيه الإدارة الذاتية مبادرة لمساعدة سكان مناطق رأس العين وتل أبيض من غير القادرين على العودة إلى مناطقهم التي يسيطر عليها الجيش الوطني، ليقيموا في مخيم العدنانية وبعض مراكز الإيواء التي توجهوا إليها، وتعتبر المنطقة منطقة عبور أيضاً، حيث يتوجه الكثيرون أيضاً من المناطق المتداخلة ما بين سيطرة الإدارة الذاتية والنظام السوري إلى العراق.

وبلغ عدد اللبنانيين والسوريين الوافدين إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، وفق آخر إحصائية، نحو 20.051 شخصاً، منهم 86 شخصاً من حاملي الجنسية اللبنانية.
دفع مصطفى البكور، المتحدر من قرية بليون في منطقة جبل الزاوية، جنوب إدلب، إتاوات لحواجز قوات النظام السوري للوصول إلى إدلب، وأوضح لـ"العربي الجديد"، أنه "خلال رحلة العودة شهدت اعتقال عدد من الأشخاص من قبل حواجز النظام، ودفعت مبالغ مالية لنقاط الجمارك السورية البالغ عددها أربع نقاط فور عبوري من لبنان، ثم دفعت مبلغاً لحاجز الفرقة الرابعة في محافظة حمص، وكانت الحواجز كبيرة، وكل شخص من أفراد عائلتي مكلف بالخدمة العسكرية دفعت عنه مبلغ 50 دولاراً كي لا يتعرض للاعتقال، ونحو 670 دولاراً دفعت للحواجز وشركة النقل. أنا حالياً في إدلب ولا أملك أي شيء".

المساهمون