استمع إلى الملخص
- تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بتشديد القوانين الجنائية وسط انتقادات لعدم كفاية الحماية الحالية، مع دعوات لإعادة عقوبة الإعدام بعد جرائم وحشية هزت المجتمع.
- انتشار الأسلحة النارية غير المرخصة، المقدرة بنحو 25 مليون سلاح، ساهم في ارتفاع معدل الجريمة، مما دفع وزير الداخلية للإعلان عن قانون جديد لتشديد العقوبات على حيازة هذه الأسلحة.
تتصاعد جرائم قتل النساء في تركيا بشكل بات يثير الكثير من التساؤلات والردود الشعبية الغاضبة، وسط مطالبات بتشديد القانون الجنائي في البلاد، وتوفير آليات تضمن الحماية الكافية من مختلف أشكال العنف والإساءة.
في أحدث الأرقام، كشفت منصة "سنوقف قتل النساء"، أمس الأربعاء، أن 48 جريمة قتل للنساء شهدتها تركيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، 10 منها بحجة طلب الطلاق أو رفض المصالحة أو الزواج. كما جرى توثيق قتل 34 امرأة، ووفاة 20 في ظروف غامضة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي. وفي المجمل بلغ عدد النساء ضحايا جرائم القتل قرابة 300 حالة في عام 2024.
استفحال ظاهرة قتل النساء في تركيا
إزاء هذا الواقع ترتفع أصوات المنظمات المجتمعية بضرورة كبح هذه الجرائم والتصدي لها، ما دفع الرئيس رجب طيب أردوغان إلى التعهّد بتشديد القانون الجنائي في البلاد، وسط استفحال ظاهرة قتل النساء في تركيا، حيث تصبح المرأة هي الطرف الأضعف، كما أن القوانين لا تحميها بصورة كافية، تحت ذريعة أن حزب العدالة والتنمية يعارض تعديل الدستور بما يضمن حقوق المرأة.
وكانت جرائم، وصفها متابعون بالوحشية، قد هزّت الشارع التركي وأخرجت بعض التظاهرات في مدن مختلفة هذا العام، للمطالبة بإنهاء إفلات الجناة من العقوبات الرادعة، بما فيها إعادة حكم الإعدام كما قالت المواطنة عائشة كان أوغلو لـ"العربي الجديد". وأضافت أن إلغاء عقوبة الإعدام زاد من تفشي جرائم القتل، ولا بد من تفعيلها في بعض الحالات على الأقل، لتكون رادعة للمجرمين الذين يستسهلون حياة الناس، مشيرة إلى جريمة قطع رأس فتاة الشهر الماضي بحي الفاتح، ورميه من على سور القسطنطينية.
استفحال ظاهرة قتل النساء في تركيا، حيث تصبح المرأة هي الطرف الأضعف، كما أن القوانين لا تحميها بصورة كافية
تروي المتحدثة المقيمة في مدينة إسطنبول التي اهتزت على وقع الجريمة في أكتوبر الماضي، أن شاباً يبلغ من العمر 18 عاماً رمى نفسه منتحراً من أعلى السور في منطقة ايدرنا كابيه بحي الفاتح، بعد أن قتل فتاتين بفارق زمني يبلغ نحو نصف ساعة قبل أن ينهي حياته، مبينة أن هذه الجريمة سببت مخاوف كبيرة من غياب الأمن والأمان.
ولم ينس الأتراك بعدُ الجريمة التي هزت المجتمع قبل شهرين، حينما أقدم شخص على قتل ابنة أخيه نارين غوران بالتعاون مع أفراد أسرتها وفقاً للتحقيقات، فيما تتواصل المطالبات حتى اليوم بإنزال أقصى العقوبات بحق الجناة. ووفق ما كشفت عنه مصادر "العربي الجديد"، فإن المحكمة الجنائية التركية بدأت، اليوم الخميس، أولى جلسات محاكمة المتهمين بقتل الطفلة التي شغلت قضيتها البلاد، وتُتهم ووالدتها وشقيقها وعمها وشخص رابع بارتكاب الجريمة المروعة. وتضيف المصادر ذاتها أن المحكمة الجنائية العليا الثامنة في ديار بكر قبلت لائحة الاتهام المعدة للمتهمين الأربعة، والتي تطالب بالسجن المؤبد المشدد لارتكاب جريمة "القتل العمد لطفلة في حالة المشاركة".
من جانبها، ترى الناشطة الحقوقية والباحثة بجامعة محمد الفاتح بإسطنبول، عائشة نور، أن معدل الجريمة بتركيا ارتفع بشكل عام، وخاصة العنف ضد النساء والأطفال، معتبرة أن الوضع المعيشي ليس مبرراً لتفشيها بشكل بات خطراً يهدد بنية المجتمع التركي، لافتة أيضاً إلى الدور الذي لعبته وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، في كشف هذه الجرائم ونشرها.
وتشير المتحدثة إلى أن مستوى الجريمة بتركيا، وضد المرأة تحديداً، يدفع الدولة إلى ضرورة إيجاد طرق رادعة والتوعية بخطورة الأمر، مؤكدة أن القانون التركي رقم 6284، الذي يوفر الحماية من العنف الأسري، قوي بما فيه الكفاية في حد ذاته، لكن لا يجري تنفيذه بشكل صحيح، مستدلة بما قاله الرئيس أردوغان، بعد جريمة قطع رأس الشابة الشهر الماضي، أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم "إن سلسلة من الأحداث الأخيرة، من استشهاد شرطية إلى القتل الوحشي لفتياتنا الشابات، أثارت ردة فعل مبررة داخل أمتنا وهذا يزعجنا، كما يزعج أي شخص آخر، أن نرى أنواعاً من المجرمين لديهم عشرات القضايا في سجلاتهم الجنائية، يتجولون بحرية"، وأن الرئيس وعد بتشديد نظام تنفيذ الأحكام ووقف الإفراج المبكر.
بحسب موقع The Monument Counter، فقد قُتلت 297 امرأة حتى الآن في عام 2024. وبلغ العدد 416 في عام 2023. كما وثقت منصة "سنوقف قتل النساء" مقتل 160 امرأة في الأشهر الستة الأولى من عام 2022 في تركيا، معظمهن على أيدي أفراد من أسرهنّ. أمّا عدد ضحايا القتل من الإناث في عام 2021 فبلغ 423 امرأة.
يرى مراقبون أن زيادة انتشار الأسلحة النارية في تركيا ساهمت بارتفاع معدل الجريمة "نحو 25 مليون سلاح فردي، 85% منها غير مرخصة"، مضيفين، بحسب إحصاءات رسمية، أن نحو 85% من جرائم القتل العام الماضي، جرت بالأسلحة النارية.
وكان وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، قد أعلن قبل يومين، عن قرب إصدار قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات على حيازة الأسلحة غير المرخصة، وذلك في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الأمن العام ومكافحة الجرائم المرتبطة باستخدام الأسلحة غير القانونية. وأوضح يرلي كايا أن القانون المزمع طرحه قريباً أمام البرلمان سيشمل عقوبات أشد تفرض على كل من يمتلك أو يتاجر بأسلحة غير مرخصة، وذلك بهدف ردع انتشار هذه الظاهرة التي تمثل خطراً على سلامة المجتمع.