تتكرر حوادث تعذيب الأطفال في مناطق سيطرة النظام السوري، حيث تغيب وسائل حماية الأطفال وحتى القوانين الرادعة لمرتكبي الانتهاكات، في ظل انتشار الفساد والرشوة في الأجهزة القضائية، وتدخل الوساطات في الأجهزة التنفيذية، ما يرجح تفاقم هذه الظاهرة.
وكتبت وزارة داخلية النظام على صفحتها على "فيسبوك" أن الطفلة "نور الشام م."، تعرضت لتعذيب على يد والدها وزوجته، ونقلت عن قسم شرطة الحميدية في مدينة حماة (وسط) أن عناصره تحركوا إثر تلقيهم إشعاراً بتعذيب طفلة في السابعة من العمر في حي البارودية، وكشفت تحقيقاتهم أن الطفلة مصابة بندوب وكدمات.
وتابعت: "أبلغت الطفلة الشرطة أن والدها وزوجته قيّداها بحبل ومنعاها من الذهاب إلى المدرسة، وضرباها وأحرقا أجزاءً في جسمها، وعثر داخل المنزل على أدوات تعذيب وكتب وأوراق مدون عليها عبارات تستخدم في السحر والشعوذة، جرت مصادرتها. وقد أوقف والد الطفلة المدعو محمد ناصر م. وزوجته مجد ش.، واعترف الوالد خلال استجوابه بأنه يمتهن السحر والشعوذة، وأنه استخدم هذه الأساليب في الاحتيال على نساء حصل منهم على مبالغ مالية كبيرة".
وأشارت أيضاً إلى أن "الأب اعترف بتعذيب ابنته وتكبيل يديها، واستغلالها في عمليات الاحتيال بمساعدة زوجته التي أيدت اعترافات الأب. وقد أحيلت الطفلة على مجمع الأسد الطبي لتلقي علاج".
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني لـ"العربي الجديد"، إن "موضوع تعذيب الأطفال، سواء على أيدي ذويهم أو غيرهم، موضوع معقد وشائك، إذ إنه يفتقد إنصاف القضاء الخاضع للفساد والرشوة، لدرجة أن لا أحد يعرف كيف تسير الأمور القانونية في سورية، لذا تتكرر هذه الحوادث. واستمرار هيمنة النظام على السلطة القضائية يشجع على ارتكاب حوادث مماثلة تضعف المجتمع وتفتته عبر إغراق المواطنين في المشاكل".
وتابع: "يتحمل النظام مسؤولية أساسية في هذه الحوادث، لأنه لا يتم اللجوء إلى القضاء في غالبيتها، أو تأخذ أوقاتاً طويلة وتدخل فيها وساطات ورشوة، والعلاقات مع الأجهزة الأمنية، علماً أن التعيينات القضائية تحصل من طريق حزب البعث والأجهزة الأمنية. لقد حوّل النظام الدولة إلى إحدى أسوأ الدول في العالم على صعيد عدم الفصل بين السلطتين القضائية والتنفيذية، حتى إنه يعين أعضاء المحكمة الدستورية. والحوادث التي تحصل تبعات تتكرر، والمنتهك يملك ضمانة عدم مواجهة أي عقوبة في حال امتلاكة وساطة أو استطاع دفع رشوة".
وبين الأطفال الذين قضوا بسبب التعذيب على أيدي ذويهم باسل العلي الذي اعتدى والده الرقيب في الفرقة التاسعة في جيش النظام السوري عليه في إبريل/نيسان الماضي، ما سبّب له نزفاً دماغياً أدى إلى وفاته. وكذلك الطفلة جنى عرب التي عذبتها والدتها وزوجها، وفارقت الحياة في فبراير/شباط الماضي.
وكان عضو "تجمع أحرار حوران"، الحقوقي عاصم الزعبي، قد قال لـ"العربي الجديد": "ظهرت جرائم تعذيب الأطفال في سورية خلال السنوات الأخيرة لأسباب عدة، منها تعاطي الرجال والنساء مخدرات، وانتشار الفقر والجهل، والتفكك الأسري والانفلات الأمني".