رصدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في تقرير لها بعنوان "النفق المظلم"، تدوير 852 من مواطني محافظة الشرقية بدلتا مصر، على ذمة 67 محضراً مجمعاً على مدار العام.
وقالت الشبكة في تقريرها "عام واحد فقط كان كفيلا بتوسع الأمن الوطني المصري والنيابة العامة في استخدام مواد القانون بنفس الاتهامات المكررة والمعروفة سلفا، للإبقاء على 852 من المعارضين السياسيين الذين تجاوزت مدد حبسهم الحد الأقصى لفترات الحبس الاحتياطي، أو المعتقلين الحاصلين على أحكام بالبراءة أو الذين انتهت فترة محكوميتهم، أو الحاصلين على قرارات بإخلاء سبيلهم من النيابات المختلفة، ومن ثم تقييد حريتهم واستمرار حبسهم بشكل شبه قانوني عبر إعادة التحقيق معهم وحبسهم على ذمة قضايا جديدة، وباتهامات متطابقة كالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، أو نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتوزيع منشورات؛ وهو ما يعرف حقوقيا بمصطلح التدوير".
وأكدت الشبكة أن محافظة الشرقية، وبحسب الأرقام والسجلات، تعد واحدة من أكثر محافظات مصر في أعداد "المعتقلين"، حيث درجت السلطات الأمنية المصرية خلال السنوات التسع الماضية على إجراء حملات اعتقال شبه يومية في مختلف مراكز ومدن وقرى المحافظة، وهو الأمر الذي تم رصده من خلال تقارير عديدة أصدرتها الشبكة المصرية سابقًا.
ووثقت الشبكة خلال تقريرها "النفق المظلم" خلال عام كامل، حصاد ما يعرف بالمحاضر المجمعة، والتي بلغت 67 محضرا، منذ نهاية سبتمبر/أيلول 2021 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2022، بإجمالي 853 متهما، كان من المقرر قانونيا إخلاء سبيلهم، ليظلوا حتى الآن رهن الحبس الاحتياطي، بقرار صادر من ضابط جهاز الأمن الوطني بمراكز وقرى محافظة الشرقية، وبمشاركة من النيابات المختلفة بالمحافظة.
وفي تعريفها لـ"المحضر المجمع"، قالت الشبكة إنه "عبارة عن محضر مصدره الأمن الوطني، وذلك بتجميع مجموعة من المعتقلين الحاصلين على قرارات بإخلاء سبيلهم بمراكز مختلفة من محافظة الشرقية في محضر واحد، ويصطنع محضر تحريات للمجموعات سالفة الذكر، حيث يحتوي المحضر على اتهامات محددة بالانضمام لجماعة إرهابية وحيازة منشورات، وتحصل الأجهزة الأمنية على أذن من النيابة العامة بالقبض على المتهمين (هم موجدون لديهم في مقار الأمن الوطني أو مراكز الشرطة)، الذين يتم إخفائهم لفترات متفاوتة تتراوح بين شهر إلى 45 يوما".
وتابعت الشبكة "المعتقلون ضمن تلك المجموعة ينقسمون إلى فئات قضت فترات محكوميتها، وأخرى حصلت على أحكام بالبراءة وإخلاء السبيل سواء من القضاء أو من النيابة العامة. وهذه المحاضر لا يتم عرضها على النيابة كما ينص القانون، ولكن يتم التجديد لهم ورقيا حتى يتم إحالته تلك المحاضر للمحكمة، لتستخدم لغرض تخزين المتهمين قانونيا، وإبقائهم رهن الاعتقال لمدة لا تقل عن عامين".
وأكدت الشبكة في تقريرها "اكتظت جميع زنازين والغرف والممرات بين الزنازين في أقسام شرطة هذه المراكز بالمعتقلين، وظهروا مفترشين الأرض، ليصبح التكدس هو السمة السائدة، وهم ممنوعون من تعرضهم للشمس والهواء النقي والتريض، مما ينذر بكارثة صحية، حيث باتت الزنازين كالقنبلة الموقوتة لما تحتويه من الأوبئة، والحشرات، والأمراض".
ونبهت الشبكة المصرية إلى أن "أعداد المعتقلين المرصودة بالمحاضر المجمعة خلال هذا التقرير لا تشمل المعتقلين حديثا، أو من يتم تدويره على ذمة محاضر فردية؛ فجميع المتهمين والمحبوسين على ذمة المحاضر المجمعة محبوسون لسنوات، وقد يصل بعضهم إلى 9 سنوات رهن الحبس، بعد تدويرهم مرات عديدة على ذمة قضايا حصلوا فيها على قرارات بإخلاء سبيلهم".
وفي الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، امتنع 50 متهما على ذمة أربعة محاضر مجمعة من المثول أمام قاضي التحقيقات بمحكمة جنايات الزقازيق؛ رفضا لاستمرار حبسهم وإعادة تدويرهم.
ودانت الشبكة المصرية، "هذا التوجه الأمني الخطير، الذي يعطل أحكام القضاء ويحرم المحبوسين من حقوقهم التي كفلها الدستور والقانون ومن أبسطها حق الحياة".
وطالبت الشبكة، بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المسؤولين عن تلك المحاضر المجمعة، أملا في الحد من آثارها التدميرية، نظرا لأن جميع المحبوسين على ذمة هذه المحاضر قد تعرضوا لفترات متفاوتة من الاختفاء القسري وأنواع مختلفة من التعذيب البدني واللفظي والنفسي، الذي يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.